الشريط الاخباري

مصر تحشد موقفا عربيا وإقليميا ضد اعتراف نتنياهو بإقليم “أرض الصومال”

نشر بتاريخ: 28-12-2025 | سياسة , أخبار إقليمية ودولية
News Main Image

القاهرة / PNN - سعت القاهرة لحشد موقف عربي وإقليمي مناهض للاعتراف الإسرائيلي بإقليم أرض الصومال.

ويرى مراقبون مصريون أن الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تمثل تهديدا للأمن القومي المصري على عدة جوانب، من خلال حصول الاحتلال على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر ما يهدد الملاحة في قناة السويس، وتغير الوضع في القرن الأفريقي، وتدعم أثيوبيا في خلافها مع مصر حول سد النهضة، وبالتالي السيطرة على منابع النيل.

وأعلن مكتب نتنياهو الجمعة، اعتراف إسرائيل الرسمي بإقليم أرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة، ووصف الخطوة بأنها تمثل إنجازا دبلوماسيا هاما في منطقة القرن الأفريقي.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلانًا مشتركًا ومتبادلًا يُرسي هذا الاعتراف. ويتماشى نص الإعلان صراحةً مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي أُبرمت بمبادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتعتزم إسرائيل توسيع علاقاتها مع أرض الصومال، من خلال تعاون واسع النطاق في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد.

وعقب الإعلان، تحركت القاهرة في محاولة لتدشين موقف عربي إقليمي رافض للاعتراف بدولة أرض الصومال. وأكدت رفضها إعلان أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية.

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي.

وحسب بيان للخارجية المصرية، أكد الوزراء الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته، إلى جانب دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية.

وقالت إن عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على “الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل، إلى جانب الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية”.

إلى ذلك، أعربت مجموعة دول عابرة للأقاليم، عن رفضها القاطع لإعلان إسرائيل اعترافها بإقليم “أرض الصومال” الكائن داخل أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية، محذرة من التداعيات الخطيرة لهذا الإجراء غير المسبوق على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وانعكاساته السلبية على السلم والأمن الدوليين.

وفي بيان مشترك نشرته صفحة وزارة الخارجية المصرية على فيسبوك، أكد وزراء كل من مصر، وقطر، والجزائر، واتحاد جزر القمر، وجيبوتي، وغامبيا، وإيران، والعراق، والمملكة الأردنية الهاشمية، والكويت، وليبيا، وجمهورية المالديف، ونيجيريا الاتحادية، وسلطنة عمان، وباكستان، وفلسطين، قطر، والسعودية، والصومال الفيدرالية، والسودان، وتركيا، واليمن، ومنظمة التعاون الإسلامي، إدانتهم بأشد العبارات لهذا الاعتراف، معتبرين أنه يمثل خرقًا سافرًا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، الذي يؤكد على احترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها.

وشدد البيان على الدعم الكامل لسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي إجراءات من شأنها الإخلال بوحدة الصومال وسلامته الإقليمية وسيادته على كامل أراضيه، مؤكدًا أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يشكل سابقة خطيرة وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين، وللمبادئ المستقرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

كما أكدت الدول الموقعة رفضها القاطع لأي محاولات للربط بين هذا الإجراء وأي مخططات تستهدف تهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه، مشددة على أن مثل هذه المخططات مرفوضة شكلًا وموضوعًا وبصورة قاطعة، لما تمثله من انتهاك صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف.

الباحث المصري سامح حسنين قال، إن التواجد الإسرائيلي في البوابة الجنوبية للبحر الأحمر سيشكل خطرا دائما على الأمن القومي المصري، لافتا إلى أن مضيق باب المندب هو الباب الطبيعي لقناة السويس، ما يجعل وجود قدم للاحتلال هناك يشكل تهديدا استراتيجيا على الملاحة في القناة.

وأضاف حسنين: “نحن أمام حالة عبث بالأمن القومي المصري، وعلى الرغم من أن مصر وقّعت اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال العام الماضي، فإن سياسة الاحتلال تحمل تحديا للسياسة المصرية في المنطقة، وضربا للأمن القومي المصري، ما يستدعي أن تقوم مصر بأكثر الجهود الممكنة لمحاولة تقويض هذه التطورات في القرن الأفريقي”.

وشدد أن القاهرة تدفع ثمن تخليها عن أفريقيا وتقزيم دور مصر منذ سبعينات القرن الماضي، حيث “أغلقنا حدودنا على أنفسنا واعتبرت القيادة السياسية وقتها أن أوراق اللعبة في يد أمريكا، واستمرت هذه السياسات إلى وقت قريب”.

إلى ذلك، قال الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري إن ما أعلنه نتنياهو من اعتراف إسرائيل رسميًا بما يسمى أرض الصومال، وضمها إلى مسار اتفاقيات إبراهيم، لا يمكن التعامل معه كتصريح بروتوكولي أو مناورة دبلوماسية عابرة، مستطردا: “نحن أمام تحرك خطير يعيد رسم خريطة القرن الأفريقي، ومصر تواجه مثلث تهديد مكتمل الأركان”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى للحصول على موطئ قدم دائم في البحر الأحمر وباب المندب.

وبيّن بكري خلال برنامجه حقائق وأسرار المذاع على قناة صدى البلد، أن وجود إسرائيل سياسيًا أو استخباراتيًا أو عسكريًا في إقليم قريب من إثيوبيا وعلى تماس مباشر مع الممرات البحرية الدولية ليس مجرد تطبيع، لافتا إلى أن توقيت الإعلان مرتبط بتعقد مفاوضات السد الإثيوبي وتصاعد التوتر الإقليمي وسباق النفوذ في القرن الأفريقي.

وأضاف أن أي ضغط على مصر في ملف المياه أو أمن البحر الأحمر سيواجه شبكة مصالح وتحالفات غير بريئة، محذرًا من أن كسر الخط الأحمر العربي والأفريقي وضم أرض الصومال لمسار اتفاقيات إبراهيم يمثل سابقة خطيرة تهدد وحدة الأراضي، وأن أي محاولة لاستخدام القرن الأفريقي كورقة ضغط على مصر ستقابل بمواقف حاسمة وتحركات محسوبة من الدولة.

من جهته، طالب الإعلامي أحمد موسى، بضرورة أن يتوجه العالم العربي والصومال إلى مجلس الأمن للمطالبة بقرار وإرسال قوات عسكرية لحماية الصومال من المخاطر التي تهددها من جانب إسرائيل وإثيوبيا.

وقال في مقدمه برنامجه “على مسؤوليتي”: “إسرائيل وإثيوبيا شيء واحد، ولابد من التحرك ضدهما”.

وشدد على ضرورة تحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمواجهة هذا الاعتداء على السيادة الصومالية، الذي يأتي في وقت تشغل فيه الصومال مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، متسائلا: “كيف يمكن للكيان الصهيوني أن يعترف بجزء من أراضي دولة هي عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وتصوت عن شرق إفريقيا؟”.

ودعا إلى تحرك عربي وإفريقي ودولي فوري “على أعلى المستويات”، قائلا: “لابد من موقف وتحرك عربي سريع، وموقف قوي جدًا من الاتحاد الإفريقي، هذا الموضوع هو أخطر أزمة قادمة، إذا لم نتخذ قرارا اليوم، من اعتراف إسرائيل وفتح سفارة لها، وإقامة قواعد عسكرية في بلد عربي وفي مكان في منتهى الخطورة والأهمية”.

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير/ كانون الثاني الماضي اتفاقاً مبدئياً مع “إقليم أرض الصومال”، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناء تجاريا وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ”أرض الصومال” دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق “مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية”.

وردا على التحرك الإثيوبي، وقعت مصر والصومال، في أغسطس/ آب 2024، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة من 2025 – 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وهاجمت إثيوبيا وقتها إعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال، وطالب وزير الخارجية الإثيوبي وقتها تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس/ آب 2024، بألا تشكّل البعثة تهديداً لأمنه القومي، قائلاً: “هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى في المنطقة”.

المصدر / PNN 

شارك هذا الخبر!