الشريط الاخباري

الإرهاب:حكاية الموت القبيحة التي لم تنتهِ

نشر بتاريخ: 04-06-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم / م. زهير الشاعر

في حادث مؤلم حدث ليلة أمس على جسر لندن الشهير في العاصمة البريطانية لندن عندما قام ثلاثة إرهابيين بدهس وطعن عدد من المشاة الآمنين مما أدى إلى قتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة ما يقرب من عشرين شخصاً ، كما تم في الوقت ذاته طعن شخصين داخل مطعم في منطقة بورو ماركت قرب جسر لندن.

هذا جاء بعد أن قام بالأمس تنظيم الدولة الإسلامية داعش بتوجيه رسالة حسب ما ذكرت وسائل الإعلام مفادها تشجيع أتباعه من المظللين بتنفيذ عمليات إرهابية خلال شهر رمضان المبارك وذلك باستخدام الشاحنات أو الطعن أو إطلاق الرصاص ضد من أسمتهم الصليبيين، وذلك بطريقة تحريضية همجية ضد الأبرياء الآمنين، متجاهلاً هذا التنظيم الإرهابي حقيقة أن الإسلام هو دين رحمة بأبنائه وبأبناء الديانات والمعتقدات الأخرى ، وشهر رمضان هو شهر التسامح والتحابب والتكافل الإنساني وليس شهر للقتل واستباحة حياة الآمنين من البشر بغض النظر عن معتقداتهم أو دياناتهم.

Islamic State earlier on Saturday sent out a call on instant messaging service Telegram urging its followers to launch attacks with trucks, knives and guns against "Crusaders" during the Muslim holy month of Ramadan.

هذا التنظيم المجنون بدأ على ما يبدو بنقل معركته الإرهابية وبشاعة سلوكه الهمجي في قتل الأبرياء بعد أن مُنيَ بخسائر فادحة في معقله داخل الأراضي السورية والعراقية بعد أن أصبح يواجه تحالفاً دولياً متزايداً من أجل القضاء عليه والخلاص من شروره التي استباحت القيم الإنسانية بدون رحمة.

هذا التنظيم الإرهابي الذي لم يعد أحد يعرف هويته الحقيقية وأبعاد أهدافه المشبوهة ، يبدو بأنه إبتدع أسلوباً همجياً غير مسبوق وبدأ يزداد شراسةً وبشاعة في إستباحة حياة البشر وقتل الأبرياء الآمنين في الشوارع ، وذلك من خلال استخدام الشاحنات أو السيارات الفردية أو عمليات الطعن وإطلاق الرصاص أو العمليات الإنتحارية ، وذلك بهدف خلق حالة من الذعر وعدم الأمان والفوضى الأمنية والتي على ما يبدو بأن هذا التنظيم الهمجي بات يهدف إليها.

لذلك فإن من يدقق في هذه الأساليب الهمجية التي بات تنظيم الدولة الإسلامية بشكل خاص وحملة الأفكار المتطرفة بشكل عام يتبعونها في عملياتهم الإرهابية القذرة ، يجد أن هناك أبعاداً خطيرة غير مفهومة تهدف إلى خلق حالة من الصراع الثقافي والديني ، ومن ثم ضرب سمعة المسلمين الذين يعيشون بأمن وأمان واستقرار في الدول الغربية التي باتت تمثل لهم بلادهم الآمنة وهي حاضنة المستقبل لأبنائهم الذين باتوا جزءاً لا يتجزأ من هذه البلاد التي يحبونها وتحبهم وأعطتهم الأمل بعد أن سُرَقَ منه في أوطانهم الأصلية، وبالتالي إدخالهم في صراع مع مواطنين بلادهم من أبناء الديانات الأخرى.

إن هذا السلوك الهمجي الذي يهدف إلى قتل الإنسان بكل مكوناته الإنسانية ومعتقداته، بات يحتاج إلى تكثيف الحوار ما بين الديانات المختلفة ، كما أنه يفرض أعباء أخرى على رجال الدين والأئمة والدعاة في المساجد خاصة في الدول الغربية حتى يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية من خلال العمل الجاد على تثقيف أبناء الجاليات المسلمة بفكرٍ معتدل يوضح حول أهمية الحوار والإنفتاح والتعاون مع المؤسسات المحلية لحماية أولادهم من الوقوع كضحايا لهذه الأهداف الخبيثة لهذا الفكر المتطرف والمجنون.

كما أنه لابد من التوعية الصريحة لمخاطر هذا الفكر الهمجي الذي بات يستهدف إستقرار المسلمين قبل غيرهم ، هذا عوضاً عن أنه يجب مواجهة هذا الفكر المتطرف بفكر معتدل يبث روح الأمل بدلاً من ترك الإنسان المسلم فريسة اليأس ومن ثم ضحية الأفكار المتطرفة ، وذلك لكي يوضح بدون شك لا لبس فيه، بأن الإعتداء على حياة الآمنين اي كان مصدره سواء بإسم الإسلام أو غيره وخاصة في هذا الشهر الفضيل لا يمكن أن يمت بصلةٍ للدين الإسلامي، وأن المسلم الطبيعي في كل أماكن تواجده بريء من هذه الأفعال الهمجية تماماً ولا يمكن له أن يقبل بها، كون أن هذا الشهر المبارك هو شهر فضيلة ورحمة وعبادة ويدعو إلى التسامح ويحمل رسالة إنسانية عظيمة تقدر قيمة الإنسان ومكانته الحياتية ويرفض هذا النهج المتطرف رفضاً قاطعاً ، إنطلاقاً من الإيمان بأن الإسلام هو نهج مسالم راسخ في العقول والقلوب ويقبل بالآخر وليس نهج دم وكراهية.

كما أنه من المفيد التوضيح بأن هؤلاء القتلة من المنفذين لمثل هذه الأعمال الشريرة والبربرية لا يمكن لهم بأي حال من الأحوال أن يحققوا مجداً أو شرفاً أو تاريخاً يتركوه لأولادهم أو أسرهم ، لا بل هم يحصدون عاراً يورثونه لأبنائهم وأهلهم كقتلة مجرمين وليس كما يُصَوَر لهم بالكذب والتدليس والتظليل بأنهم شهداء وتنتظرهم الجنة، حيث أن ما يقومون بفعله هي جرائم إنسانية بشعة لا يقبل بها عاقل ولا تحقق اي مكاسب دينية ولا ثقافية ولا إجتماعية ولا إنسانية ، وعلى العكس من ذلك فهم يعمقون بأفعالهم الشريرة هذه المشاكل ويخلقون أزمة ثقة ويعقدون العلاقات الإنسانية، هذا عوضاً عن أنهم يخسرون حياتهم بالإضافة إلى أنهم يوصمون أنفسهم بأبشع صفة في العصر الحديث وهي الإرهاب.

لذلك في تقديري أنه لم يعد هناك فائدة للصمت بعد هذا المسلسل القبيح من العمليات الإرهابية المتلاحقة التي على ما يبدو بأنها لم تنتهي بعد، لا بل يجب أن يكون هناك مبادرة إيجابية في الفكر والخطاب الديني والقلم الإعلامي التنويري، ليس من باب التعاطف مع الضحايا فقط أو لإستنكار جريمة هنا أو هناك أو لنفي تهمة عن المجموع من المسلمين الذين يمثل غالبيتهم أناس ترفض العنف والتطرف ويرفضون هذا النهج الإرهابي القذر أي كان مصدره أو أهدافه، لا بل لتعزيز شراكة منطقية ومد جسور من الثقة والإنفتاح مع المؤسسات المحلية، وذلك من أجل مواجهة هذه الهجمة الإرهابية القذرة ، والمساعدة الحقيقية في تطهير هذا الفكر الإرهابي المتطرف من العقول مبكراً ومحاصرته قبل انتشاره وإمتداده.

شارك هذا الخبر!