في رثاء الدكتور عبد الكبير المدغري - وزير الاوقاف المغربي السابق
مدير عام بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس التي يترأسها الملك محمد السادس
بقلم/ د. حنا عيسى
أستاذ القانون الدولي يستحق الوزير عبد الكبير المدغري كلمة رثاء ووداع ، هذا حق الراحل على الحي المقيم ، وواجب الحي المقيم ازاء الراحل ، خاصة اذا نشأت بين الاثنين صلة من نوع ما . وقد نشأت بيني وبين الدكتور عبد الكبير المدغري صلة الاخوة وتبادل الافكار في العاصمة المغربية الرباط ومدينة رام الله في فلسطين . رحل الدكتور عبد الكبير المدغري قائلا نعم لن نموت..نعم سوف نحيا .. هذه الثنائية الموت والحياة ,بل أحادية الحياة والانعتاق والتحرر بكل مضامينها الوطنية هي اختيارالوزير القائد الراحل عبد الكبير المدغري وهذا الاختيار ممتد ومتواصل كما ترجمه استشهاد شاعرنا الكبير عبد الرحيم محمود في الأربعينيات من القرن المنصرم : سأحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردى فإما حياة تسر الصديق وإمــا ممات يغيـظ الــعــدا عشرات السنين والدكتور المدغري في لهيب المعركة وهو مع الأمل ...مع النهار ومع قطرات المطر وجذور الصخر و الحجر ..مع الحياة .. مضى وكل الأشياء في دمه وبين كفيه حتى آخر لحظة احتفظ بندى الفجر الأتي المشع بشراسة الموقف المنحاز إلى الوطن و المنساب بين ذرات رمل الوطن.. نعم ,رحلت يا وزيرنا المدغري ونحن بأمس الحاجة إلى فكرك وحكمتك وخبرتك ..رحلت وأنت تبتسم للحياة ..تبتسم لأصدقائك ومحبيك ..رحلت وأنت تقول : انا لا احبك يا موت – لكني لا اخافك .. عبد الكبير المدغري ..رحمك الله.. قلنا لك في حياتك ونقول لك في مماتك : في القلب انت كخفق القلب نحمله يسامر القلب يمحو الحزن بالمرح بوركت وبورك من أعطاك منزلة تبقى كتاج على الأمجاد و المنح مكناس تتيه بفخر حينا نذكرها كالورد فاض على الاغصان بالملح نعم رحلت أيها الوزير ..رحلت وتركت من ورائك أهلك وأصدقائك ومحبيك ..وتركت فينا الحنان والفرح والمرح ..تركت فينا الأمل والتفاؤل والحياة ..تركت فينا الحب والاحترام ..تركت فينا لغة الاستمرار والبقاء ..تركت فينا اليقظة والنهوض إلى الأمام ..تركت فينا أن نبقى على العهد من اجل وطننا فلسطين وقضايا امتنا العربية وبالاخص قضية القدس الشريف . نعم ,سوف نبكيك ..لأنك تستحق البكاء الذي يذرف من اعيننا حزنا على رحيلك أيها الوزير عبد الكبيرالمدغري ..كبير في حياتك وكبير في مماتك. اعلم بأنك كنت ولا زلت وستبقى في أعلى المراتب من قلوبنا. لكل هذه الاسباب ، يمثل رحيل الوزير عبد الكبير المدغري خسارة ليس لذويه ومحبيه فحسب وهم كثر ، بل للمغاربة وللفلسطينيين والعرب والمسلمين ايضا ، فان الدرس الذي يستمد من سيرة عبد الكبير المدغري يختزل بجملة واحدة : اذا تعارضت الايديولوجيا مع الوطنية ، فان الوطني يختار وطنه . وهذا ما كان .