الشريط الاخباري

يوروفيجن

نشر بتاريخ: 13-05-2019 | أفكار
News Main Image

بقلم/ سمير عباهرة 

اتيحت لي فرصة التعرف عن قرب على مسابقة الاغنية الاوروبية " يوروفيجن " والتي تجري كل عام للاعلان عن الدولة الفائزة بهذه المسابقة وذلك اثناء دراستي الجامعية في احدى الدول الاوروبية. وتكتسب هذه المسابقة اهمية كبيرة جدا في الاوساط الاوروبية الشعبية منها والرسمية واعتبارها بمثابة تحديات تخوضها الدولة فهي مسألة تتعلق بارثها الثقافي والحضاري والقيم النابعة من تلك المجتمعات حتى ان الدولة الفائزة بها تحتل مكانة مرموقة بين صفوف الاوروبيين. ولذلك نجد الاستعدادات لها قوية جدا وتبدأ مبكرة من خلال تصفيات محلية للاعلان عن الاغنية الفائزة في الدولة نفسها استعدادا لخوض المسايقة الاوروبية. اليوروفيجن تحول بين عشية وضحاها الى مسألة سياسية تهم الفلسطينيين اولا بل تحول ايضا الى مادة للجدل في الاوساط السياسية الدولية مع اختيار اسرائيل المكان الذي تجري فيه المسابقة حيث كانت اسرائيل ولسنوات طويلة ماضية لم تتاح لها فرصة احتضان هذه المسابقة رغم مشاركتها فيها ربما ذلك راجع لاسباب سياسية.

هذه التحولات في المواقف الاوروبية وان كان البعض يعتبرها هامشية الا انها شكلت دعما واضحا لاسرائيل بل دعما لمواقفها السياسية التي تربعت فوق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتركت تداعيات على مسألة مهمة في تجدد الدعم لشرعية الاستيطان والذي كانت اوروبا ترفضه وتنادي بتوقفه، بل ان هناك تراجعا اوروبيا واضحا حيال الاهتمام بمسألة الصراع والتي كانت اوروبا تقيم نوعا من التوازن وتطالب بتسوية الصراع على اساس حل الدولتين والذي اختفى هذا المفهوم من على الاجندة العالمية ومنها الاوروبية ولم نعد نسمع مواقف جديدة تنادي بتسوية الصراع على هذا الاساس حتى ان اوروبا كانت وجهت تحذيرا للولايات المتحدة بضرورة حل الصراع وفق المعايير الدولية وعلى اساس حل الدولتين والا فان الاستقرار في هذه المنطقة سيبقى منقوصا وسيساهم في رفع وتيرة العنف في المنطقة الا ان الموقف الاوروبي تحول الى موقف صامت عندما اعلنت الولايات المتحدة عن نقل سفارتها الى القدس والاعتراف بضمها للسيادة الاسرائيلية في تحدي واضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

واليوم تكافأ اسرائيل على سياستها الرافضة للاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية مع استمرار الانتهاكات والقتل والحرب والتدمير الذي تقوم به اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وبات من الصعب على اوروبا اعادة عقارب الساعة الى الوراء في وقت كانت اوروبا تمارس صغوطا سياسية على اسرائيل للقبول بحل الدولتين واعطاء الشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

هذه التحولات الاوروبية جعلت ميزان القوى يميل لصالح اسرائيل وجعلتها دون حافزا لتسوية الصراع وحدث التحول في المواقف الاوروبية من استراتيجية المواجهة الى استراتيجية التكيف بعد ان تأثرت السياسة الخارجية الاوروبية بمواقف الولايات المتحدة منذ وصول ترامب الى الحكم الذي مارس ضغوطا على اوروبا وعلى ما يبدو انها اتت اكلها ثم ان الاوروبيين تعاطوا مع الرواية الاسرائيلية القائلة بأن الاموال الاوروبية التي تدفع للسلطة الفلسطينية تستخدم في تمويل "الارهاب" في اشارة للاموال التي تذهب الى اسر الشهدا والاسرى ولم يقف التراجع الاوروبي عند هذا الحد بل تسبب في خسارة الفلسطينيين في كثير من المحطات المساندة لها في المنظمات والمحافل الدولية. وعلى ما يبدو ان اوروبا ركنت الى قرب تحقيق المشروع الامريكي المتمثل بصفقة القرن والذي يسير لصالح اسرائيل وربما ادركت اوروبا انها لا تستطيع مواجهة الاعصار الامريكي في تسوية مشكلة الشرق الاوسط وبالتالي تريد ان تكون جزءا من الحل من خلال مباركته لا الوقوف ضده.

شارك هذا الخبر!