الشريط الاخباري

مليون "متوسّطي" معرّضون لـ"الفقر المائي" خلال 20 عاماً

نشر بتاريخ: 12-10-2019 | بيئة نظيفة
News Main Image

برشلونة/PNN- توقّعت دراسة أشرف عليها 80 عالماً بيئياً، أن يعاني أكثر من 250 مليون شخص في دول البحر المتوسط من «الفقر المائي» في غضون 20 عاماً، ما يعزز احتمال زيادة الصراع بين الشعوب وارتفاع مستويات الهجرة الجماعية، إن لم تعتمد دول المنطقة سياسات مناخية مناسبة.

وجاءت هذه التوقعات المتشائمة في إطار دراسة لتأثير التقلبات المناخية على دول البحر المتوسط، تستعرض نتائجها الأولية شبكة خبراء المتوسّط حول التغيُّر المناخي والبيئي أمس في برشلونة، في إطار المنتدى الإقليمي الرابع للاتحاد من أجل المتوسط.

وقد تولت شبكة تضم أكثر من 80 عالماً من جميع أنحاء المنطقة الأورومتوسطية (شبكة خبراء المتوسّط حول التغيُّر المناخي والبيئي «Medecc»)، منذ عام 2015، مهمة وضع تقرير رئيسي وغير مسبوق ليكون بمثابة التقييم العلمي الأكبر للتغيُّر المناخي والبيئي على المستوى الإقليمي في منطقة البحر المتوسط.

وصنّفت الدراسة التداعيات المتوقعة للتغيُّر المناخي، في غياب سياسات إقليمية مناسبة، 7 أقسام هي: المناخ ومستوى سطح البحر وموارد المياه والنظم البيئية والأمن الغذائي وصحة الإنسان والأمن البشري.

وأكّدت الدراسة أن درجة الحرارة في منطقة البحر المتوسط ارتفعت بنحو 1.5 تقريباً منذ ما قبل العصر الصناعي، أي 20 في المئة أسرع من المتوسط العالمي. وخلصت إلى أنه في حالة عدم اتخاذ تدابير إضافية للحد من هذا الارتفاع، فإن درجة الحرارة في المنطقة ستزيد بمقدار 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2040، وربما تتجاوز 3.8 درجة مئوية في بعض المناطق الفرعية بحلول عام 2100. وسيترتب على ذلك موجات حارة أشد وطأة وأطول أمداً. وستصبح أكثر شهور الصيف برودة في المستقبل، أكثر دفئاً من أكثر الشهور حرارة اليوم، في معظم المدن الكبيرة في منطقة الشرق المتوسط وشمال أفريقيا، مما ينتج عنه فترات طويلة من الحرارة الشديدة والمدمرة.

مستوى سطح البحر توقعت الدراسة أنه بحلول عام 2050، ستشكل مدن البحر المتوسط نصف المدن العالمية العشرين التي تعاني من أكبر قدر من الأضرار السنوية الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر، ما سيضاعف الضغوط على الموارد النادرة بالفعل في كثير من المناطق الحضرية في المنطقة. كما أن الإنتاج الزراعي في المناطق الساحلية سيصبح معرضاً للخطر بسبب فقدان الأراضي الصالحة للزراعة وتملح المياه الجوفية، إثر تسرب مياه البحر إليها.

أما في عام 2100، فقد يتجاوز ارتفاع مستوى سطح البحر متراً واحداً، مما سيؤثر على ثلث سكان المنطقة في المناطق الساحلية، ويهدد سبل عيش ما لا يقل عن 37 مليون شخص في شمال أفريقيا وحدها.

موارد المياه رجّحت الدراسة أن ينخفض توفر المياه العذبة بنسبة تصل إلى 15 في المئة في العقود القادمة، ما سيتسبب في قيود شديدة على الزراعة والاستخدام البشري في منطقة تعاني من ندرة المياه. وسيترتب على ذلك معاناة أكثر من 250 مليون شخص من «الفقر المائي» في غضون 20 عاماً. ومن المحتمل أن يتسبب هذا الأمر في كثير من الآثار الضارة على سبل عيش البشر، بما في ذلك احتمال زيادة الصراع بين الشعوب وزيادة الهجرة الجماعية.

النظم البيئية حذّر العلماء البيئيون من أن النظم البيئية في المنطقة تتعرض للخطر بسبب التغيُّر المناخي، وتغير استخدام الأراضي، والتلوث، والاستغلال المفرط. فقد تسبب تحمض مياه البحر وارتفاع درجات حرارة البحر بالفعل في خسارة 41 في المئة من الحيوانات المفترسة الرئيسية، بما في ذلك الثدييات البحرية. فيما أدّى الصيد المفرط إلى فقدان 34 في المئة من أنواع الأسماك.

وبراً، تشمل تغيُّرات التنوع البيولوجي في البحر المتوسط تدهور الغابات وفقدان الأراضي الرطبة، بالإضافة إلى فقدان الموائل المفتوحة بسبب التخلي عن الزراعة الرعوية. كما تسببت الحرائق الضخمة بسبب التغيُّر المناخي، الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة والجفاف والتغيُّرات التي تلحق بالطبيعة، في تدمير مساحات قياسية من الغابات خلال السنوات الأخيرة، مما أضرّ بالتنوع البيولوجي وقدرة هذه الغابات على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون. وقد تتسع رقعة المنطقة المحترقة بنسبة تصل إلى 40 في المئة فقط إذا ازدادت درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط.

الأمن الغذائي لفتت الدراسة إلى ارتفاع الطلب على الغذاء بسبب النمو السكاني في المستقبل، وحذّرت من نقص في الأغذية بعد الانخفاض المتوقع لمستوى إنتاجية المحاصيل والأسماك والثروة الحيوانية. ويعاني 90 في المئة من المخزون السمكي التجاري من الصيد المفرط في البحر المتوسط اليوم، حيث من المتوقع أن يتقلص متوسط وزن جسم الأسماك بنسبة تصل إلى 49 في المئة بحلول عام 2050. علاوة على ذلك، رجّحت النتائج الأولية للدراسة أن تتراجع جودة كثير من المحاصيل، نتيجة لظاهرة الاحترار حيث تصبح صالحة للأكل لمدة أقصر.

صحة الإنسان ترجح الدراسة أن تصبح الأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة أكثر شيوعاً، خاصة في المدن بسبب تأثير الجزر الحرارية الحضرية وأيضاً بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة، مثل كبار السن والأطفال والأكثر فقراً. ما يعزز التغيُّر المناخي وظهور الأمراض المنقولة عن طريق المياه، وقد يؤثر تدهور نوعية الهواء والتربة والمياه على صحة الإنسان من خلال انتشار أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى قلة فرص الحصول على غذاء صحي.

الأمن البشري حذّرت الدراسة من تدهور نظم الدعم الاجتماعي للمسنين والمحرومين أكثر ضعفاً، مع ازدياد قوة الموجات الحارة وارتفاع وتيرتها. كما أشارت إلى أن الصراع على الموارد المحدودة (الأرض والمياه والغذاء) قد يؤدي إلى زيادة الهجرة البشرية واسعة النطاق.

المصدر: الشرق الأوسط.

شارك هذا الخبر!