الشريط الاخباري

لن يكون هناك حلا للصراع وفق رؤية ترامب

نشر بتاريخ: 04-10-2020 | أفكار
News Main Image

الكاتب : سمير عباهره

كرر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عباراته المأثورة المتعلقة بعملية السلام واعلن عن موقفه الجديد من التسوية مع الفلسطينيين بأنه على استعداد للتوصل الى سلام نهائي وفق رؤية الرئيس الامريكي دونالد ترامب اي ضمن صفقة القرن التي رفضها الفلسطينيون من كافة جوانبها وعلى نتنياهو ان يدرك ان هناك طرف مركزيا في الصراع وهو الجانب الفلسطيني وهو العامل الرئيسي في اي تسوية فبدون موافقة الفلسطينيين لن يكون هناك حلا وقد جرب نتنياهو سيناريوهات كثيرة لايجاد تسوية انطلاقا من مفاهيمه وباءت جميعها بالفشل لان كلمة السر في حل النزاع هم الفلسطينيون.

نتنياهو منذ ان وصل الى الحكم في اسرائيل ادخل عملية التسوية في منعطفات خطرة عندما طالب الفلسطينيين بالاعتراف بقومية الدولة اليهودية كمقدمة لحلول سياسية لم يحدد شكلها. قرارات الشرعية الدولية واضحة تماما واكدت على حل الدولتين بعد انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ونتنياهو لا يعترف بالشرعية وقراراتها وقال في مرات سابقة "لن نسمح بقيام دولة فلسطينية لمواصلة الصراع حيث يجب الاعتراف بيهودية الدولة مثلما يريدوننا الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانأ اعبر عن نفسي وكلامي واضح تماما".

فاذا كان قيام دولة فلسطينية من وجهة نظر نتنياهو يعني استمرار الصراع فما هي الاسس التي يبنى عليها الحل من وجهة نظره؟. نتنياهو لم يقتنع لغاية الآن بأن عملية التسوية لا تعكس في كثير من الأحيان محصلة موازين القوى وحالات الانتصار والهزيمة والضغوط الداخلية والخارجية بل أنها محصلة حقائق موجودة على الأرض تتعلق بوجود طرفاً رئيسيا يشار إليه في معادلة الصراع ويستطيع أيضا فرض شروطه ومواقفه،انه الطرف الفلسطيني في النزاع مع إسرائيل والتي تحتل أرضه ويعني مفهوم التسوية إنهاء هذا النزاع بانسحاب إسرائيل من هذه الأراضي التي تحتلها دون إضافة المزيد من الشروط الإسرائيلية على ذلك.

وإذا كان نتنياهو يستطيع فرض شروطه فلماذا تأخر الحل إذاً ؟ ولماذا لم يستطع لغاية ألان كسب التعاطف الدولي والحصول على دعم لمواقفه؟. هل ينتظر ضغوطا أمريكية على القيادة الفلسطينية من اجل تقديم تنازلات ام انه بات على قناعة بان وكلاء الورقة الفلسطينية كثر وبانتظار طرف يقدم هدايا مجانية له. نتنياهو لم يقرأ المعادلة جيدا بعد ولم يدرك أن هناك ضغوطا كثيرة دولية واقليمية مورست على القيادة الفلسطينية لكنها لم تأتي اكلها ولو كانت الولايات المتحدة قادرة على فرض الحلول لما مارست الضغوط على الفلسطينيين ولما تدخلت اطراف للضغط على الفلسطينيين بطلب من الولايات المتحدة. على نتنياهو ايضا ان يدرك جيدا بأن القدس خطا احمر بالنسبة للفلسطينيين والمساس بها يشكل نسفا لعملية السلام، حين يقول "انها ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية في اي اتفاق مستقبلي". حتى ان نتنياهو تعرض لانتقادات داخلية حادة بسبب مواقفه من الصراع وقد أدركت بعض الأحزاب الإسرائيلية ان نتنياهو قد وقع في شرك غرور مطالبه ومواقفه السياسية والحزبية وشككت المعارضة الاسرائيلية في جدية نتنياهو في التوصل إلى حل سياسي مع الفلسطينيين وحذرت من اتساع رقعة مقاطعة إسرائيل دوليا بسبب سياسة الحكومة الإسرائيلية وان حركة المقاطعة باتت تمثل تهديدا استراتيجيا مع وجود عجز سياسي إسرائيلي قد يزيد من خطورتها.

التحولات الاقليمية واقدام بعض الدول العربية على التطبيع مع اسرائيل لن تخدم نتنياهو فهي في الاساس لم تدخل معترك الصراع مع اسرائيل ولم تحدث اي نوع من التوازنات بشأن الصراع وبقي الصراع فلسطينيا اسرائيليا. وتتسلح اسرائيل بالموقف الامريكي الداعم لها والضاغط على المجموعة العربية لتنفيذ مخططاتها في ظل التحولات والتغيرات الاقليمية الجارية وفي ظل التحالفات الاقليمية الحاصلة التي تستهدف العمق العربي والأمن القومي العربي بحيث تبقى الولايات المتحدة تمارس ضغوطاتها على المجموعة العربية من اجل تمرير سياستها تحت غطاء حماية الانظمة العربية من الاخطار المحيطة بها بحيث تصاغ العلاقات الامريكية العربية على اسس جديدة ومقايضة الحماية الامريكية بالتسوية الاقليمية. وعندما يعود نتنياهو لقراءة معادلة الصراع من جديد ويدرك جيدا ان الصراع عاد الى عناصره الاساسية ويدرك أن عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم لن يعطي إسرائيل الأمن والأمان بل يبقي المنطقة في حالة من عدم الاستقرار وتبقى جميع الخيارات مفتوحة فالفلسطينيون لن ينتظروا سنوات طويلة أخرى للحصول على حقوقهم.

"النعم" و"اللا" كلمتان تشكلان نهاية الصراع في المفهوم الفلسطيني فعندما يقول الفلسطينيون "لا" للحل وفق المفاهيم والرؤى الامريكية والاسرائيلية فلن يكون هناك حلا وعندما تكون الاجابة بــ "النعم" لحل الصراع وفق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي عندها سيتجيب الفلسطينيون للحل وحصولهم على كافة حقوقهم بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس الشرقية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى اسرائيل ان تدرك بان هناك قرارات دولية يجب احترامها وتنفيذها وان تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو مطلب دولي ومصلحة دولية.

شارك هذا الخبر!