بيت لحم/PNN- انقضت "الجمعة السوداء" في أوروبا، بشكل متواضع وخجول، نتيجة ضعف حركة التسوق، وقلة الخصومات، على وقع الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها القارة العجوز.
وكان هذا اليوم خلال أعوام مضت، يشهد رواجًا ونشاطًا من الناحية التجارية ومن ناحية توفير المستهلكين نتيجة للكم الهائل من التخفيضات والعروض التي تقدمها الشركات والمتاجر، إلا أن كل شيء تغير في 2022.
ما بين 10 إلى 20 % كانت التخفيضات هذا العام في معظم المدن الأوروبية، بسبب ارتفاع التكاليف، وعدم وجود هوامش ربح ضخمة، تسمح للشركات والمتاجر بتقديم العروض وتخفيض الأسعار، إضافة لأن تجار التجزئة يقومون بالتسعير وفقًا للقيود الجديدة للاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة للأوروبيين ظلت الغالبية العظمى من المنتجات أغلى مما لو كانوا قد اشتروها، العام الماضي، أو ربما خلال الأشهر القليلة الماضية، إضافة لتأثير ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين، وانخفاض ثقتهم، وغليان نفقاتهم على فواتير الطاقة المرتفعة.
كان البريطانيون اعتادوا استغلال هذه المناسبة للاستفادة من العروض وصفقات وهدايا عيد الميلاد، وكان بعضهم يسهر حتى فجر الجمعة لاقتناص أفضل المنتجات التي تنفد بعد ساعات من بدء يوم الجمعة السوداء.
لكن هذا العام، كانت الأسواق راكدة، ولم تشهد حركة التسوق التي كانت تشهدها خلال الأعوام السابقة، وذلك بسبب قلة العرض المغري، وتوجه الناس لشراء الحاجيات الأساسية تماشيًا مع الظروف الاقتصادية الأخيرة.
وقال البريطاني هاري باربارا (28 عامًا) إنه "عادة ما كنا نتوجه لشراء الإلكترونيات، والأجهزة الذكية، والأثاث، في يوم الجمعة السوادء، وهي سلع بالإمكان تأجيلها في الفترة الحالية إلى حين رؤية ما ستؤول إليه الظروف الاقتصادية".
وأضاف باربارا وهو يعمل موظف استقبال في فندق بلندن لـ"إرم نيوز": "قصدت بعض المتاجر لرؤية العروض، وكانت الحركة عادية جداً، كمان أن الإعلانات على واجهات المحال كانت خجولة وبنسب 20 و30 %، ما لم يشكل عامل إغراء كبير للمستهلكين".
كان هذا اليوم في أعوام مضت، يشهد رواجًا ونشاطًا من الناحية التجارية ومن ناحية توفير المستهلكين نتيجة للكم الهائل من التخفيضات والعروض التي تقدمها الشركات والمتاجر، إلا أن كل شيء تغير في 2022
أسواق راكدة وتنزيلات مزيفة.. هكذا انقضت "الجمعة السوداء" في أوروبا
وأردف الشاب: "لم يعد هناك هامش إنفاق كبير للسلع الكمالية، حتى أولئك الذين ما زالوا يتقاضون دخلًا جيدًا نوعًا ما، يلجأون، اليوم، إلى الادخار خوفًا من المجهول المقبل".
وتوقع بحث أجرته شركة "جلوبال داتا" أن حجم الإنفاق هذا العام للبريطانيين، في عطلة نهاية الأسبوع، التي تشهد تخفيضات "بلاك فرايدي" سيشهد تراجعًا كبيرًا بمجرد احتساب التضخم.
وبحسب تقرير المعهد البريطاني لأبحاث السياسات العامة "آي بي بي آر" يعاني اليوم 14 مليون بريطاني من الفقر، وهو مستوى غير مسبوق منذ قرن من الزمان.
الموسم يخذل التوقعات في إيطاليا
في إيطاليا توقعت جمعية حماية المستهلكين "كونداكون" أن ينفق الإيطاليون ما مجموعه 3.5 مليار يورو على التخفيضات لمنتجات عيد الميلاد التي تنتشر في الأسواق الإيطالية، وعلى الملابس، والأحذية، والإلكترونيات.
وكشف استطلاع أجرته الجمعية أن 65 % من المتسوقين الإيطاليين عبر الإنترنت مستعدون لشراء منتج واحد على الأقل خلال تلك التخفيضات.
وقالت الإيطالية لانا لوقيا (28 عامًا): "يعد يوم الجمعة السوداء طُقسًا سنويًا أشبه بنزهة لرؤية الشوارع والأسواق مكتظة بالناس والمتسوقين، لكننا هذا العام نشعر بالقلق إزاء الزيادة غير المسبوقة في تكلفة المعيشة، ونتيجة تغير المناخ والحرب، إضافة لحالة عدم الرضا عن الحكومة الجديدة، وبيئات العمل".
وأضافت خريجة الهندسة المدنية من جامعة بافيا لـ"إرم نيوز": "سيؤدي هذا المناخ وحالة القلق إلى انخفاض كبير في توافر الإنفاق، إضافة لأننا نؤجل عمليات الشراء المتعلقة بالكتب، والمنتجات المنزلية، ومنتجات السفر والترفيه".
ولفتت إلى أن "الأوضاع تزداد تعقيدًا، ومعظم الناس قاموا بتغيير عاداتهم الاستهلاكية، ورغم انكباب الناس على التخفيضات والعروض بغرض التوفير، لكن الأفضلية كانت للغذاء والمواد الاستهلاكية، فضلًا عن أن معظم الإيطاليين يفضلون اللجوء للادخار".
ويعتقد أكثر من ثلث الإيطاليين أن الادخار سيكون أكثر صعوبة خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة بسبب آثار التضخم، والمخاوف بشأن الأداء الاقتصادي.
تنزيلات مزيفة في المجر
إلى المجر حيث لا يعد يوم "الجمعة السوداء" يومًا واحدًا، إنما تعلن العديد من المتاجر عن عروض ترويجية لشهر نوفمبر بأكمله، والكثير من الناس يتسوقون على الإنترنت.
لكن هذا العام كانت التخفيضات المزيفة، السمة البارزة ليوم "الجمعة السوداء"، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير لا يسمح بالقيام بالتنزيلات.
وأجرى مركز المال المجري بحثًا أوضح من خلاله أن المجريين هذا العام يفكرون مرتين حول ما هو موجود على طاولة العطلات بسبب أسعار المواد الغذائية، وأن أقل من نصف المجريين يخططون لعشاء احتفالي واحد هذا العام في عيد الميلاد أو رأس السنة الجديدة، وذلك لأنهم قلقون بشأن أسعار المواد الغذائية.
وقال المجري فابيان هوبا (36 عامًا)، "لاحظت من خلال جولة التسوق أن التنزيلات كلها مزيفة، ولا يوجد تخفيض بمعنى حقيقي من خلال رصدي لعدد من السلع خلال الأسابيع الماضية كنت قد خططت لشرائها في الجمعة السوداء".
وأضاف فابيان الذي يعمل مسعفًا طبيًا لـ"إرم نيوز": "ارتفع السعر الأصلي للسلع بشكل مفاجئ ليعود سعرها كما كان عليه قبل الجمعة السوادء، بعد إجراء التخفيض المزيف".
وتابع: "نحاول هذا العام الاحتفال بمواسم الأعياد بوعي أكبر، ونقوم بتقليل نفقات طعامنا، فعلى سبيل المثال استبدلنا الأسماك بالخضراوات، واعتمدنا على اللحوم الرخيصة والمفرزة بدلاً من الطازجة، كذلك المشروبات بتنا نشتري الأنواع الرخيصة".
قاطعت علامات تجارية ومتاجر في فرنسا يوم "الجمعة السوداء" على اعتبار أنه يروج فكرة الاستهلاك المفرط، وحرمت نفسها من أكثر الأيام التي تدر أرباحًا عليها في العام.
أما فرنسا فقاطعت فيها علامات تجارية ومتاجر يوم "الجمعة السوداء" على اعتبار أنه يروج فكرة الاستهلاك المفرط، وحرمت نفسها من أكثر الأيام التي تدر أرباحًا عليها في العام.
ورأى بعض المحللين هذه الخطوة على أنها تردد من هذه المتاجر لما تحمله تلك التخفيضات من مخاطر على هوامش الربح، إضافة لاقتناعهم المسبق بعدم جدوى إحياء طقوس "الجمعة السوداء" هذا العام، في ظل ما يعصف بالبلاد من ظروف اقصادية استثنائية.