الشريط الاخباري

الاستيطان الرعوي: أين تصل أغنام المستوطنين تصبح حدودا لهم

نشر بتاريخ: 08-03-2023 | سياسة
News Main Image

بيت لحم/PNN/ نجيب فراج– يشكّل ما يسمى بالاستيطان الرعوي تحديا كبيرا للمزارعين والرعاة الفلسطينيين ولأراضيهم المستهدفة من قبل قطعان المستوطنين وتحت حماية جيش الاحتلال، واضحى سلاحا خطيرا من اجل الاستيلاء على المزيد من الاراضي وتهويدها وضمها للبؤر الاستيطانية المنشرة في ربوع الاراضي الفلسطينية.
وبهذا الصدد يقول الناشط الفلسطيني منذر عميرة رئيس اللجنة التنسيقية للمقاومة الشعبية في الضفة الغربية والمسؤول في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ان هذا النوع من الاستيطان اصبح سلاحا يستخدم بقوة وبكثافة في السنوات الاخيرة من خلال قيام المستوطنين الذين يقومون بتربية الماشية وفي ظل ميزانيات كبيرة مصدرها من جمعيات استيطانية واحيانا من خلال الدعم الحكومي الاسرائيلي بافلات اغنامهم ومواشيهم في المراعي الفلسطينية وهؤلاء الرعاة يرافقون هذه الماشية بعتاد عسكري وبمجموعات من المستوطنين ليس فقط للرعي وحسب بل ايضا للاعتداء على المواطنين الفلسطينيين الذين يلاقونهم في الطريق لدرجة ان هذا الاستيطان اصبح يشكل خطرا ليس على الارض وحسب بل على حياة المواطنين الفلسطينيين، وقال ان هؤلاء المستوطنين يعتبرون ان هذه الارض اصبحت لهم طالما تتمكن الماشية من الوصول اليها واينما وصلت تصبح حدودا لهم ولمستوطناتهم ففي المرحلة الاولى يعتبرون انفسهم انهم مالكي هذه المراعي وفي مرحلة اخرى يبدأون للاستيلاء عليها ومنع المواطنين الفلسطينيين من دخولها.

المناطق الاكثر عرضه

واوضح عميرة والذي اصيب في الاسبوع الماضي خلال مظاهرة في قرية رمون قرب رام الله خلال مسيرة مناهضة لهذا الاستيطان حيث اطلق الجنود النار باتجاهه مما ادى الى اصابة ساقه اليسرى بجروح صعبة نقل على اثرها الى المستشفى لتلقي العلاج، ان اكثر المناطق عرضه لهذا الاستيطان هي المراعي الواسعة في شرق رام الله ومنطقة الاغوار الشمالية ومسافر يطا قرب الخليل وكذلك مناطق البادية في شرق بيت لحم وتحديدا في منطقة كيسان وفي احيان كثيرة لا يكتفي المستوطنين برعي اغنامهم وحسب بل يقيمون عرائش وخيم اثناء عمليات الرعي لتكون مقرا لهم للاستراحة وتناول الطعام ويحضرون مقاعد وفرشات للاستلقاء لتصبح في كثير من الاحيان بداية لبؤر استيطانية وهذا ادى بشكل واضح الى تقليص مساعات المراعي الفلسطينية وتضييق الخناق على الرعاة الفلسطينيين اضف الى ذلك الارتفاع الكبير على سعر الاعلاف التي يضطر المزارعون لاستخدام كميات مضاعفة اثر تقلص مساحات الرعي وهذا من شانه ان بضاعف من اسعار اللحوم والحليب ومشتقاته على المواطنين الفلسطينيين، وليس ذلك وحسب فقد ترك الاستيطان الرعوي اثرا اخطر بكثير على المواطنين الذين يضطر بعضهم لترك المراعي الفلسطينية وهذا ما حصل في منطقة القبون شرق قرية المغير القريبة من رام الله فخلال الاشهر الستة الاخيرة اضطرت عشرين عائلة فلسطينية من مغادرة هذه المنطقة الى قرية كفر مالك حيث يملكون اماكن بديلة للسكن.

تهجير صامت

وشدد عميرة خلال حديثه ان البدو الفلسطينيين والذين نطلق عليهم كنشطاء في المقاومة الشعبية "قناديل الصحراء يتعرضون لهذا النوع من التهجير وهو التهجير الصامت حيث يتعرضون لاعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال في حالات لا تعد ولا تحصى لتصل هذه الاعتداءات ايضا استهداف اغنامهم وقتل بعضها ومن ثم الاستيلاء على كل رؤوس الجبال لاقامة البؤر الاستيطانية وقال ان احدى البور الاستيطانية التسعة التي شرعتها حكومة اسرائيل وبرضا الادارة الامريكية في الاونة الاخيرة لم تكن قائمة اصلا وبعد قرار الشرعنة بدأوا باقامة هذه البؤرة واعتبارها مستوطنة وكانت حبرا على ورق لتصبح فيما بعد مستوطنة وذلك في قرية رمون قرب رام الله.

امثلة صارخة

ومن بين الامثلة الصارخة على هذا الاستيطان الرعوي مستوطن اصبح معروفا باسم كوكي والذي جاء قبل نحو عامين الى اراضي رعوية في قرية بيت دجن قرب مدينة نابلس برفقة عائلته وابقاره بحجة رعيها وبعد نحو عام من هذا المجيء احتل نحو 500 دونما والتي تقع على تلة جبلية واشاد فوقها بؤرة استيطانية تتمتع بكل مقومات الحياة وما يلزمها من بنية تحتية وحماية عسكرية على مدار الساعة.

وجاء مستوطن اخر الى منطقة تدعى الرفيد شمال سنجل قرب رام الله مع قطيع من اغنامه وكان مسلحا ايضا وقد استخدم اغنامه كي يعمل على الاستيلاء على 1200 دونما وقد قام ايضا بتخريبات مزروعات المواطنين الفلسطينيين ورشها بالمبيدات السامة واقتلاع اكثر من 360 شحرة من الزيتون واللوزيات.

شكل من أشكال الاستيطان الاستعماري

واشارت هدى خالد مباركة التي بحثت هذه الظاهرة في إطار دراسة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بير زيت، في ورقة بعنوان "الاستيطان الرعوي - شكل جديد من أشكال الاستيطان الاستعماري في منطقة الأغوار"إلى أن هذا النموذج يختلف عن النماذج الاستيطانية الأخرى بأنه يوظف الثروة الحيوانية في التوسع على الأرض والسعي لإثبات ملكية المستوطنين عليها، بواسطة ثلاث طرق رئيسية هي القانونية عبر سن القوانين وتشريعها، والتاريخية من خلال العودة إلى الماضي، والثقافية عبر محاكاة الفلسطيني الأصلاني.

وتقول، إن المستوطنين يفرضون سيطرتهم على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين المحيطة بتجمعاتهم السكانية، وفيها يقومون برعي قطعان ماشيتهم حيث يفرض المستوطنون طوقا حول التجمعات السكانية الفلسطينية عبر إنشاء كتل متراصة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية ذات الطابع الرعوي، وذلك لقطع أواصر الوحدة الفلسطينية المادية على الحيز المكاني ومنع التواصل الفلسطيني ولبعثرة التجمعات الفلسطينية.

كما يقوم المستوطنون برعي قطعانهم في جميع المناطق المحيطة ببؤرهم الجديدة، ويفرضون هيمنتهم بوسائل عدة وبحماية قوات الاحتلال لهم وصولا إلى مشاركتهم في الاعتداءات، ويقومون بإفراغ العنف المتأصل فيهم بواسطة الهجمات المتزايدة على الرعاة الفلسطينيين في مناطق الرعي، وعبر رشقهم بالحجارة والتخويف والتصادم المباشر وحمل العصي والأدوات الحادة وتخريب الممتلكات وسرقتها، وذلك لأجل الترهيب وبث الخوف في نفوس الرعاة الفلسطينيين وكل من يخرج معهم من أجل الرعي ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم.

وتلفت الدراسة إلى معاناة رعاة الأغنام الأصلانيّين في منطقة الأغوار الفلسطينية من جراء تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين عليهم وحدتها، والتي تتخذ أشكالًا عديدة بدءا بالتهديد والملاحقة والاعتداء الجسدي أو الاحتجاز والاعتقال بذرائع مختلفة، مرورا بمداهمة قطعانهم بالتراكتورات بهدف تشتيتها وصولا إلى دهسها أو وضع مواد سامة لها في الأراضي الرعوية.

شارك هذا الخبر!