الداخل المحتل/PNN- فجّر قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن إدخال شحنات من الوقود إلى قطاع غزة يوميًا، أزمة حادة ضمن الأوساط العسكرية والسياسية في إسرائيل، إذ تعارض القرار أطراف في المؤسسة العسكرية، كما أن أحزاب الصهيونية الدينية، ومن يمثلونها بالحكومة، وصفوا الخطوة بأنها "كارثية".
زعيم "الصهيونية الدينية"، وزير المالية بتسلئيل سِمُوتْريتش حذّر من أنه لن يقبل بالبقاء خارج "مجلس الحرب" بعد الآن، وقال إن قرار إدخال الوقود يعني أن "مجلس الحرب بصق في وجه جنود الجيش".
ومجلس الحرب أو "كابينت الحرب" هو مجلس مصغر ثلاثي يضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق بيني غانتس والحالي يوآف غالانت، ويختلف عن المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن السياسي، الذي يضم كيانات ووزراء كُثر.
في المقابل، برر مسؤول حكومي إسرائيلي القرار بأن ثمة مخاوف من انتشار الأوبئة في غزة، وقال: "لو انتشرت الأوبئة ستطال جنود الجيش في غزة وستتوقف العمليات العسكرية".
مخاوف في المؤسسة العسكرية
ونقل موقع "واللا" الإخباري العبري، عن مصدر عسكري، أن ثمة قناعة داخل المؤسسة العسكرية بأن الشاحنات التي تقل الوقود إلى غزة ستذهب إلى حماس.
وذكر المصدر، الذي لم يكشف الموقع هويته، أنه "لا توجد ضمانات أو طريقة للتيقن من أن تلك الخطوة لا تصب في مصلحة الذراع العسكرية للحركة"، زاعمًا أنه "لا يوجد إشراف حقيقي في الجانب المصري على ما يمر إلى داخل غزة".
وأكد الموقع أن مصادر داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وجهت انتقادات حادة إلى الحكومة على خلفية قرارها بإدخال شحنات الوقود إلى غزة، وقالوا إن الخطوة جاءت عقب ضغط أمريكي على الحكومة الإسرائيلية.
وكشفت مصادر أخرى للموقع أن خطوة إدخال شحنات الوقود "كان من المفترض أن تُنفَذ قبل أسبوعين، ولكن الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك وقتها".
ونوهت إلى أن الشاحنات القادمة من مصر تحمل 50 ألف لتر في المتوسط، وأنه "بينما تعمل شركات مصرية ضمن تلك المنظومة، فإن المخاوف هي أنه بعد عبور الشاحنات إلى غزة، فإن من سيتولى التعامل مع الوقود هو كيانات تتبع حماس".
ولفتت المصادر إلى أنه "من غير الممكن معرفة ما يدخل بالفعل إلى غزة، وما يخرج منها أيضًا"، وتساءلت: "كيف يمكن أن نضمن بنسبة 100% أن هذا الوقود لن يخدم مصلحة الذراع العسكرية لحركة حماس؟".
مصادر أخرى عسكرية، قال الموقع إنها خدمت في الفترة الأخيرة ضمن فرقة غزة، أكدت أن لديها حالة من القلق الشديد بشأن موافقة الحكومة على إدخال الوقود للفلسطينيين، ونقل "واللا" عن المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن المخاوف تتركز أيضًا على إمكانية دخول صواريخ سكود".
مبررات الحكومة
واضطر رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هانغبي، إلى إصدار بيان للصحفيين، مساء الجمعة، من مقر مجمع الهيئات الحكومية بتل أبيب (كرياه)، أوضح خلاله ملابسات القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هايوم" عنه أن إدخال الوقود إلى غزة "جاء من أجل منع تفشي الأوبئة".
الصحيفة أشارت إلى أن بيان هانغبي يعد "غير عادي"، وأنه جاء عقب عاصفة من الانتقادات أثارها القرار، إذ أشار إلى أن "ما سُمح بإدخاله إلى غزة هي كميات تعد الحد الأدنى من الوقود بغرض الاستجابة للقليل فقط من متطلبات القطاع".
رئيس هيئة الأمن القومي أشار في بيان للصحفيين إلى أن القرار "صدر بموافقة مجلس الحرب وأيده الجيش والشاباك، وصدر بناءً على طلب خاص من الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد السماح بإدخال الوقود؛ من أجل تشغيل محطات تحلية المياه والصرف الصحي التي تتبع الأمم المتحدة".
وذهب إلى أن موافقة الحكومة "جاءت في ظل خوفها من إمكانية التسبب في أزمة ليس فقط للمدنيين في غزة ولكن أيضًا لجنود الجيش الإسرائيلي تتمثل في تفشي الأوبئة في القطاع".
وبيَّن أن شاحنتي وقود "ستدخلان للقطاع يوميًا وفق القرار، ستذهب إلى كيانات تتبع الأمم المتحدة ولتعزيز بنى تحتية في غزة، نخشى تفشي الأوبئة جراء انهيار البنية التحتية هناك، لو انتشرت الأوبئة ستتوقف الحرب".
وأشار إلى أن القرار الذي مرَّ بتأييد الجيش والشاباك ويقضي بإدخال 60 ألف لتر سولار يوميًا "لن يمس بتحقيق أهداف الحرب، لأن الحديث يجري عن الحد الأدنى مقارنة بما كان يدخل إلى القطاع قبل الحرب".
أزمة حكومية
في المقابل، تسبب القرار في أزمة حادة داخل الائتلاف الحاكم، لا سيما ما يتعلق بموقف زعيم الصهيونية الدينية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي بدأ حربًا بدوره ضد قرار مجلس الحرب، ودعا إلى تغييره.
وكشفت صحيفة "يسرائيل هايوم" أن سموتريتش أرسل خطابًا حاد اللهجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورد به أنه "عقب هذا القرار الذي يثير علامات استفهام، أدعوكم إلى وقف تلك الفضيحة بشكل فوري، ومنع إدخال الوقود إلى قطاع غزة".
وذكر الوزير الإسرائيلي المتطرف أنه "لم يعد يستطيع أن يُسلِّم بمسألة استبعاده من وضع السياسات التي تتعلق بالحرب، وأنه يتعين ضم ممثل من كل الأحزاب الائتلافية لهذا المجلس".
وأضاف أن القرار "يتعارض مع قرار المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن السياسي، ومن ثم لا يعد قانونيًا"، محذرًا من أن تلك الطريقة "تعني أنه لا يمكن الانتصار في الحرب أو استئصال حماس أو إعادة الأسرى".