القدس المحتلة/PNN- بدأ الجيش الإسرائيلي يواجه مشاكل عديدة ومتنوعة في صفوف جنوده، خاصة في قوات الاحتياط، على إثر استمرار الحرب على غزة لأكثر من مئة يوم، وفق ما أفادت تقارير صحافية، اليوم الخميس. ويشعر قسم كبير من الجنود، خاصة الذين يشاركون بالعدوان في القطاع، بالإنهاك والإحباط، وبعضهم تسربوا من الخدمة العسكرية.
ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن "عدد الجنود الذين تسربوا من الخدمة في قسم من الوحدات القتالية، في أعقاب صعوبات ذهنية، أعلى أو يتساوى مع عدد الجرحى في المعارك". وعدد الجنود الجرحة ليس واضحا.
وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي الرسمية، عدد الجنود الجرحى منذ بداية الحرب، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، هو 2602. لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أفادت، في الخامس من الشهر الجاري، بأن عدد الجنود الجرحى أعلى بكثير، استنادا إلى مصادر تعنى بالجنود الجرحى، وبينها المستشفيات وضباط الصحة في ميدان القتال ومصادر في منظمة معاقي الجيش الإسرائيلي، التي توقعت أن 12,500 جندي سيُعترف بهم على أنهم معاقون، أي يعانون من إعاقة نسبتها 20% على الأقل، بسبب الحرب على غزة، وأن هذه "تقديرات محافظة وحذرة جدا".
وأشار هرئيل إلى أن "استمرار القتال ترافقه مصاعب كثيرة. وهذا أحد أسباب تأييد هيئة الأركان العامة للانتقال إلى المرحلة الثالثة للحرب، والمرتبطة بتسريح قسم كبير من وحدات الاحتياط وتقليص القوات التي تعمل داخل القطاع".
وانسحبت الفرقة العسكرية 36 من وسط القطاع، بداية الأسبوع الحالي، وخرج جنودها من القطاع "لفترة راحة وإعادة تنظيم، وفيما هناك إمكانية مطالبتهم بالانتقال لاحقا إلى منطقة الحدود اللبنانية. ووحدات الاحتياط منتشرة في شمال إسرائيل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وجنودها يطالبون باستبدالهم. ومارس رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ضغوطا من أجل إخراج الفرقة العسكرية من القطاع أولا"، وفقا لهرئيل.
وأضاف أن "جزءا من المشكل ينبع من صعوبات في وصف المهمة. وفي معظم المناطق التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في القطاع، القتال ليس شديدا" في إشارة إلى توحل هذه القوات التي تحاول الكشف عن أنفاق ومخازن أسلحة ومكان تواجد قيادة حركة حماس ورهائن إسرائيليين. "والخطر الأساسي يتعلق بخلايا صغيرة (للمقاومة الفلسطينية) التي تصعد من تحت الأرض وتهاجم بنيران قناصة وقذائف آر.بي.جي. أو تزره ألغاما".
ولفت هرئيل إلى أن ادعاءات الجيش الإسرائيلي أن "جميع الضباط والجنود مستعدون للاستمرار بالحرب كلما تطلب الأمر ذلك، ليس دقيقا. وفعليا، يوجد تآكل تدريجي، طبيعي على ما يبدو، يتعلق بطبيعة المهمات. فقسم من القوات في خانيونس ينفذ مهمات جانبية أكثر، وتجري ببطء فيما قيادة الفرقة العسكرية 98 متركزة على معركة الأدمغة مع زعيم حماس، يحيى السنوار".
وتابع أن "عدد الاشتباكات المسلحة قليل نسبيا، والأعباء على جنود الاحتياط، بشكل خاص، أخذت تُثقل عليهم على إثر متطلبات الحياة المدنية. ويعتقد الجنود في سرايا وكتائب كثيرة أنهم نفذوا جيدا المطلوب منهم، وأنه لا يوجد مبرر حاليا لإبقائهم في القطاع أكثر من مئة يوم. والتوقع باستدعائهم مجددا للخدمة العسكرية بعد تسريحهم يشكل القلق المركزي في صفوفهم".
وأشار هرئيل إلى وجود ظاهرة "تغيب هادئ"، تتمثل بجنود يخرجون إلى إجازة خارج القطاع ولا يعودون إلى وحداتهم. "ويسهم في الإحباط انعدام المساواة في تحمل الأعباء"، وهو ليس مرتبطا بإعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية فقط، وإنما بتقليص حجم قوات الاحتياط أيضا، في العقد الأخير، "ويسود في قوات الاحتياط الشعور بانعدام مساواة متطرف في تحمل الأعباء".
والمشاكل مختلفة في الوحدات النظامية، "تتعلق بالأساس بصرامة مبالغ فيها من جانب قسم من الضباط الكبار بما يتعلق بالخروج إلى إجازة خارج القطاع من أجل الانتعاش وعلى خلفية العلاقة الواهنة مع عائلاتهم. كما أن عائلات الجنود النظاميين عبروا عن تذمرهم من منع الجنود من الخروج إلى إجازة". كما لفت هرئيل إلى أنه "في الأسابيع الأخيرة، لا تُقدم بلاغات منظمة لذوي الجنود القلقين، ويكاد يكون الاتصال الهاتفي بين الجنود وذويهم معدوم ولا توجد إجازات".
وأشارت "يديعوت أحرونوت"، اليوم، إلى أن "الأعباء على عشرات آلاف جنود الاحتياط تحول إلى غير إنساني، بعد أن تلقى جنود، هذا الشهر، تسريحا إلى بيوتهم بعد 90 و100 يوم قتال متواصل ومنهك، واستدعوا مجددا لأربعين يوما آخر لمهمات عسكرية في غلاف غزة أو في الضفة الغربية، في الشهر المقبل".
وأضافت الصحيفة أنه "في هذه الأثناء، الكثيرون من أصحاب المصالح التجارية الخاصة بين الجنود ينهارون بهدوء". ونقلت الصحيفة عن قائد لواء في قوات الاحتياط قوله إنه يتخوف من اندلاع "احتجاجات وإحباط في صفوف الجنود حول مسألة المساواة بالأعباء. وبين مهماتنا، مرافقة ودعم جنود الاحتياط بعد تسريحهم لبيوتهم، وقسم منهم مصابون جسديا ونفسيا. وفي لوائي وحده يوجد 15 جنديا أصيبوا بردة فعل قتالية ولم يعودوا إلى أنفسهم من الناحية النفسية".
وتابعت الصحيفة أن "ضائقة أخرى تتعلق بانعدام اليقين حيال السنة القريبة. وبسبب عدم وجود خطة لليوم التالي (بعد الحرب) في غزة وفي الجبهة الشمالية التي لا تزال مفتوحة، لا أحد يعلم متى وأين وكم من الوقت ستستمر الحرب".