رام الله /PNN/ وصال ابو عليا - لم يكن يعلم أنه سينهي عمله كبائع قهوة متجول على دوار المنارة في مدينة رام الله والتي استمر بها لسنوات، لينتقل لمجال آخر رغم عدم خبرته ومعرفته به، لتصنيع العصائر وفي مقدمتها التمر الهندي، إنه فراس عيد من قرية عين يبرود، بين القدس ورام الله من مواليد عام 1984.
فراس عيد بدأ بمهنته تصنيع العصائر عام 1999، ولم يكن لديه الخبرة والمعرفة بهذه المهنة، إلا أنه واجه مشاكل في كيفية التنصيع، في بعض الأحيان يكون طعم العصير به حموضة أو كثير أو قليل من السكر، لم ييأس واستمر بالتجريب حتى أتقن هذه الصنعة وبدأ يعتمد على نفسه وأصبح اسمه يتردد بين الناس وارتبط هذا الاسم بالعصائر المتنوعة التي يصنعها بنكهات متعددة، فهو يقوم بشراء المواد الخام اللازمة لإنتاج هذه العصائر، وهي: التمر الهندي، والخروب، والسوس والليمون، والنعنع واللوز المر.
يقول عيد بدأت في تصنيع الخروب عام 1999 وهو غير متوفر في المصانع، إنما يُصنع يدويا ومتعب في التصنيع لأنه يستغرق وقت وجهد كبيرين، وبعد أشهر اندلعت انتفاضة عام 2000 فكنت أبيع العصائر على الحواجز في ظل الظروف الصعبة، والعقبات الكثيرة التي اعترضت عملنا،
يقول فراس ان الاعمال في فلسطين في ظل الظروف السياسية غاية في الصعوبة ولا يوجد استقرار وانا قررت ان اجد لنفسي عملا حرا اعتمد فيه على نفسي حيث احببت منذ الصغر هذا العمل وكنت انظر لمن يقوم ببيع العصائر خصوصا في رمضان على انه عمل مهم ويحبه الناس وانا نفسي كنت احب هذه العصائر لذلك قررت العمل بما احب.
يقول فراس في البداية عملت على بسطة في مدينة رام الله، ومن ثم عملت في الحفلات والأعراس، وأصبحت هذه المهنة مصدر رزق لعدد من الأشخاص ممن يعملون معي حيث بدات بصناعته وتوزيعه من خلال بعض الاصدقاء الذين كانوا يحتاجون للعمل حيث، أصبح هذا المشروب أساسيا لكل أسرة خاصة في شهر رمضان المبارك حيث يزداد الطلب على هذه العصائر الطبيعية التي تعطي الصائم قدرة على تحمل العطش وفق ما هو متوارث عن الاباء والاجداد في فلسطين.
وعن تطوير اعمال يضيف عيد أنه بعد سنوات من تصنيع العصائر كبائع متجول انتقل بمهنته ليصبح منتجا يبيع بالجملة، ويعمل معه الآن ثمانية أشخاص آخرين في شهر رمضان نظرا لازدياد الطلب، حيث لا تكاد تخلو مائدة فلسطينية من بعض هذه العصائر لاسيما التمر الهندي واللوز.
يقول عيد :"هذا العصائر فلسطينية بامتياز، وأحرص أن يرتدي من يعملون معي الزي التقليدي التراثي (الدماية والحطة والعقال والطربوش)، إحياء لتراثنا الفلسطيني وحفاظا عليه يقول عيد.
وفي إطار سعيه لمزيد من التطوير وزيادة الاعمال والارباح، أصبح عيد يبحث عن المزيد من الامكانيات بشراء كل ما هو جديد من أدوات وماكنات يحتاجها في التصنيع، لذا تمكن من شراء فلتر مي ومبسطر للخروب في مصنعه الصغير في القرية حيث التقته مراسلة PNN هناك أيضا.
مدينة رام الله لها قصة خاصة مع فراس عيد، حيث يجده المواطنون في شوارعها بشكل شبه يومي، في ظل إقبالهم الشديد على تذوّق عصائره المتميزة، ودائما ما يتواجد في محيط دوار المنارة، حتى بات يشكل أحد معالم المدينة بلباسه التراثي الخاص الذي أضفى له طابعا خاصا، ويتغنى بمحبة الناس له في المدينة حيث يبحثون عنه رغبة في عصائره الفريدة.
أما الخلطة السحرية لهذه العصائر، فقد شرح عيد عن تصنيع التمر الهندي كمثال، فقال: الأهم حب الشخص للمهنة، والنفس الطيبة، فهو يختار الصنف الأفضل من التمر الهندي وينقعه لفترة ليصبح طريا ومن ثم يضيف المكونات الأخرى بما فيها أسنس التمر الهندي.
وعن لقبه فراس تمر هندي، يقول: كل من يتعامل معي ياديني بهذا اللقب، حتى زوجتي تقول لي فراس تمر هندي، وما زاد من شهرته، مشاركته في برامج تلفزيونية مصورة حيث اعطاه ذلك رواجا كبيرا وثقة من قبل الجمهور فيما يصنع من عصائر .
يقول فراس عن صناعة العصائر اعطته فرصة لكسب الاموال لمساعدته على ظروف العيش القاسية والصعبة وتكاليف الحياة الباهظة في ظل ارتفاع الاسعار لكافة نواحي الحياة من سكن وماكل ومشرب ومصاريف الحياة ومنها سعيه لتعليم ابنائه في المدارس والجامعات وهي الفرصة التي لم يستطع هو توفيرها بسبب الظروف التي عايشها.
ويصرّ عيد على أن يكمل أبناءه تعليمهم، فهو لم يستطع أن يحصل على شهادة علمية، لذا يسعى أن يعوض ذلك في أبنائه ولإيمانه أيضا بأهمية التعليم حتى يكونوا قادرين على العيش بكرامة من خلال شهاداتهم الجامعية.
ويؤكد فراس عيد ان العمل للعيش بكرامة افضل بكثير من الجلوس في مقاعد البطالة بحجة عدم وجود الاعمال حيث يستطيع كل شاب وشابة التفكير والابداع في العمل لان فلسطين بلاد خير رغم كل ما تعانيه من حروب واحتلال وتضيق مشيرا الى انه واحد من النماذج التي استطاعت ان تثبتنفسها في مجال ربما لم ينتبه اليه احد.
ويشير صاحب عصائر تمر هندي الى انه سيواصل عمله في مجال العصائر وسيسعى لمزيد من التطوير مشيرا الى انه قطع مرحلة مهمة في التصنيع ولكنه لن يقف عند هذا الحدث بل سيسعى لمزيد من توسع اعماله في مجال صناعة العصائر ويحلم بان يصبح في المستقبل صاحب مصنع يوزع هذه العصائر الفلسطينية التي تعتبر جزء من الموروث الثقافي كمشروبات فلسطينية على كل فلسطين وربما خارجها مشيرا الى ان للحلم افاق واسعة.
وفي ختام حديثه يوجه رسالة للشباب بقوله: لا تتغربوا، بلادنا بلاد خير، موضحا أنه يمتلك فيزا لأمريكا لان، زوجته لديها جنسية أمريكية، لكنه يرفض أن يغادر لأمريكا، ويفكر دائما بمزيد من التطوير لمهنته والإبداع فيها داعيا اياهم للتمسك بوطنهم والعمل من اجله من خلال البقاء والصمود فيه معربا عن ثقته بوجود الكثير من الامثلة مثله التي استطاعت الصمود والنجاح.
تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.