بيت لحم/PNN- تعتبر حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أحد الوسائل التي يعتمدها محمد بشير الناشط في لجان المقاومة الشعبية، كأحد أدوات مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومحاربته في جبهة مهمة ألا وهي جبهة الاقتصاد التي تمول حروب الاحتلال على الشعب الفلسطيني بمختلف أشكالها سواء العسكرية التي تستهدف قتل الفلسطينيين، كما يحدث في غزة من حرب إبادة، أو برامجها السياسية العنصرية التي تستهدف الأرض من أجل بناء مزيد من المستوطنات.
حملة ابدأ بنفسك: نموذج لحملات مقاطعة منتجات الاحتلال
قال الناشط بشير إنه يسعى لتعزيز مقاطعة منتجات الاحتلال منذ عام 2009، حيث يؤمن بفكرة أن المقاطعة جزء من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنها تدعم المنتج المحلي الفلسطيني الذي يقوّي اقتصادنا الوطني.
ويسعى محمد بشير الى تعزيز فكر وثقافة المقاومة عبر عقد محاضرات وورشات عمل عن أهمية مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني، حيث يقدم لطلبة الجامعات والمدارس محاضرات أسبوعية ترفع وعي الجيل الفلسطيني الشاب حول أهمية موضوع المقاطعة وأثره على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال مقاطعة الشركات الإسرائيلية وحتى الدولية التي تدعم إسرائيل.
كما أوضح محمد للطلاب أن أي احتلال موجود في أي بلد ارتكازه الرئيسي يكون على الاقتصاد حتى يقوّي وجوده، وأن أهم عامل يضعف الاحتلال إلى حد الإنتهاء والزوال هو الاقتصاد، موضحاً أسفه بشأن سوقنا الفلسطيني الذي يشكل ثاني دخل للاحتلال بمعدل 3 مليار دولار سنوياً، وهو أكبر دخل بعد الدخل الأول وهو تجارة الأسلحة.
ودعا محمد بشير وهو ناشط في المبادرة الوطنية الفلسطينية الجيل الشاب الى أهمية تعزيز ثقافة مقاطعة المنتجات من خلال البدء بالنفس، أي بمعنى أن يبدأ الإنسان الفلسطيني المقاطعة قبل أن يطالب الآخرين بها، لأن البدء بالمقاطعة يعني الإعلان عن رفض الاحتلال.
وقال محمد للطلاب في أحد المحاضرات حول المقاطعة:” يجب أن نبدأ بأنفسنا ونقول كفى لهذه التجارة ونقاطع بضائع الاحتلال الاسرائيلي، مشيراً إلى دراسات إسرائيلية حول الخسائر الناجمة من حملة المقاطعة تقدر بـ 15 مليار دولار في السنة وهذا جانب مهم جدا".
وحثّ محمد وهو أحد المؤسسين لحملة “بادر وابدأ بنفسك” على أنه بإمكان كل مواطن المشاركة بهذا النوع من المقاومة الشعبية وأن يكون متميزا بها، ويحقق الدعم لمنتجاتنا الفلسطينية، بالإضافة إلى إيقاف دعم الاحتلال عن طريق عملية شراء بضائعهم، مشددا على أن مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية هي نوع من أنواع الكرامة الوطنية التي يجب علينا التحلي والإلتزام بها.
وحول حملة "ابدأ بنفسك" التي ينفذها النشطاء معه، قال محمد إن الحملة تهدف إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتمثّل اليوم سلاح لمقاومة الاحتلال ونوع من الكرامة الوطنية في مجابهة العدو وحرب الابادة التي ينفذها كما انها احد الادوات التي لا يستطيع الاحتلال محاسبة منفذيها لانها حملة شعبية تتخذ من المقاطعة لمنتجات الاحتلال اداة لمحاربته.
وبين بشير أن حركة المقاطعة BDSفي العالم وحملات المقاطعة في داخل فلسطين هدفها واحد وهو الضغط على إسرائيل مشيرا الى وجو تنسيق كبير بين القائمين على الحملات موضحا ان إنجازات حملات مقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات عليها المعرفة باسم BDS وحملات فلسطينية ومنها حملة بادر لها انجازات وتأثير كبير على الاقتصاد الاسرائيلية.
وتابع أن المقاطعة سلاح قوي جداً والاحتلال يدركه ويراه لدرجة أن النشطاء والمؤمنين بفكرة المقاطعة ممنوعين أمنيًا من قبل الاحتلال ويمنعهم من السفر، وهذا أكبر دليل أن المقاطعة سلاح يؤثر على الاحتلال، مشيراً إلى الوزارة التي شكلها الاحتلال خصيصاً لمجابهة حملة المقاطعة BDS.
حملات ميدانية في الأسواق لتعزيز فكر المقاطعة
يقوم محمد ومن معه بين الحين والأخر بأنشطة وحملات ميدانية تشمل جولات على المحال التجارية للحديث مع التجار والمواطنين على حد سواء حول ضرورة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كما يقوموا بتوزيع منشورات للتوعية على المواطنين في الشوارع خصوصا في شهر رمضان كما يقوم أعضاء حملة ابدا بنفسك بوضع ملصقات على البضائع الإسرائيلية لتنبيه المتسوقين من المواطنين حول مخاطر شراء هذه المنتجات من المحال.
وقال بشير إن الجولات في الأسواق ترفع وعي المواطن حول مخاطر شراء هذه المنتجات الإسرائيليةـ مشيرا الى أن المقاطعة تجعل الاحتلال يخسر بالإضافة إلى رفع نسبة الوعي الوطني الحقيقي بين الناس، وترسخ فكرة البدء بالنفس وأن الشخص قادر على التأثير، بالإضافة إلى ان مقاطعة المنتجات هو سلاح يصعب المحاسبة عليه فلا يستطيع الاحتلال اعتقال أو محاسبة شخص لأنه لا يريد شراء منتجاته.
بدوره، قال الشاب أيهم علي وهو أحد طلاب الجامعات الفلسطينية إنه يشارك في الحملة من أجل تعزيز فكر وثقافة المقاطعة، لأن المقاطعة تساهم بخسارة اقتصاد الاحتلال، مضيفا أنه يتوجب أن تتوفر الكتابة على المنتجات وما هو مصدرها فنرى الرقم 972 وهو يرمز الى أن هذه المنتجات إسرائيلية وبالتالي نتركها ونحمل البضائع العربية الفلسطينية بدلا منها ونشتريها.
من ناحيتها، قالت الفتاة بيان عيسى وهي إحدى الفتيات الأعضاء في حملة “ابدأ بنفسك” لمقاطعة منتجات الاحتلال إنها شاركت في الحملة لأنها لا تريد أن نكون كفلسطينيين مساهمين في دفع ثمن الرصاص والقذائف التي تقصف شعبنا في قطاع غزة، لأنها تعلم أن الشركات الإسرائيلية تدفع حصصا كبيرة من أرباحها لتوفير احتياجات جيش الاحتلال من الأسلحة.
عقبات تقف في وجه المقاطعة بفلسطين يقابلها إصرار على رفع الوعي للتعويض
يوضح بشير أن بعض العقبات التي تواجه حملات المقاطعة في الأراضي الفلسطينية مثل الفكر الرأسمالي لبعض التجار الذين يمنعون انتشار فكرة المقاطعة لأنهم لا يهتمون بأي شيىء سوى البيع والربح وإذا كان المنتج الاسرائيلي يحقق لهم ربح أكثر فهم لا يترددون بجلبه.
وحول العقبة الأخرى التي تواجه المقاطعة في فلسطين هي عدم إتخاذ السلطة الفلسطينية قرارات تمنع دخول المنتجات الإسرائيلية على الأسواق المحلية الفلسطينية نتيجة ارتباطها باتفاقيات اقتصادية مثل “إتفاق باريس” الذي يقيّد الاقتصاد الفلسطيني مما يساهم ببقاء المنتج الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية، حيث تدفع هذه الأمور نشطاء حملات المقاطعة الى الإعتماد على فكر وثقافة التجار حيث حققوا فعلا إنجازات بالوصول لقيام بعض التجار بإزالة البضائع الإسرائيلية من رفوف محلاتهم.
عدد من التجار يقاطعون ويفرغون رفوف محلات من هذه المنتجات
وفي هذا الإطار يقول فؤاد حماد أبو عبد الله صاحب أحد محلات السوبر ماركت في بيت لحم إنه توقف عن بيع المنتجات الإسرائيلية خصوصا بعد إندلاع حرب الإبادة في قطاع غزة، وحتى ما قبلها حيث كان قبل الحرب لا يبيع المنتجات الإسرائيلية التي لها بديل فلسطيني ومستوردة، إلّا انه بعد الحرب توقف عن بيع أي منتجات إسرائيلية في محله.
وقال أبو عبد الله إن هذه المنتجات الإسرائيلية هي التي تمول حملات الهدم والقتل التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، وعليه يجب على الجميع مقاطعتها.
وتابع:" أن كل شخص يقوم بشراء منتج إسرائيلي في ظل حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني وقطاع غزة يخدم الاحتلال، وكفى أن نخدم الاحتلال"، متسائلا:" ماذا ننتظر؟ أكثر من 33 ألف شهيد في غزة و450 شهيد في الضفة منذ السابع من أكتوبر ونحن ما زلنا نفكر بموضوع المقاطعة".
“حرب الإبادة بغزة تستصرخنا لوقف شراء منتجات الاحتلال”
وعودة إلى الناشط بشير، فهو يرى أن هذه النماذج من الشباب والفتيات والتجار الذين يتجاوبون مع حملات المقاطعة نماذج يجب أن يحتذى بها كونها تتبنى وتؤمن بفكر المقاطعةأ موضحا أن الجيل الجديد يؤمن ويعمل بالمقاطعة أكثر من الأجيال السابقة، بحيث يرى الشباب الذين يأخذون تدريبات وإرشادات حول عملية المقاطعة بأنهم أصبحوا يشكلون حالة رقابية لعائلاتهم ويرشدونهم بشراء المنتجات الوطنية.
وأكد أن أحد أهم الإنجازات تتمثل بأن الجيل الجديد أصبح سد ومانع حقيقي لانتشار المنتجات الإسرائيلية، بحيث لا ترى أي منتج إسرائيلي بداخل المقاصف المدرسية أو في الجامعات من أقصى شمال الضفة إلى أقصى جنوبها، موضحاً حالة الوعي الكبيرة التي أصبح الجميع يتحلى بها والسبب الحقيقي هم الشباب المؤمنين بفكرة المقاطعة.
كما أكد الناشط بشير على أنهم استطاعوا حتى الآن تنفيذ 14 حملة في السنوات الأخيرة، حيث كانت بداياتها إستهداف منتج واحد محدد، والآن وصلوا لمرحلة مقاطعة كل المنتجات الإسرائيلية التي لها بديل فلسطيني وعربي وأجنبي، لكن ليس أمريكي لأن الولايات المتحدة داعمة لإسرائيل ويتوجب مقاطعة منتجاتها أيضا.
ويختتم محمد حديثه عن حملات المقاطعة التي ينظمونها بالقول:" رسالتنا للناس من خلال حملة ابدأ بنفسك هي أن علينا أن نبدأ بأنفسنا قبل أن نسأل الآخرين أن يبدؤوا بالمقاطعة".
وأضاف:" يتوجب أن يكون لدينا كفلسطينين قناعة حقيقية بأن نبدأ بأنفسنا، وأن نقتنع أن شراء هذه المنتجات يعني قتل شعبنا ودمار بيوتنا، وأكبر مثال هي حرب الإبادة في غزة والتي يغطي ثمنها ما نقوم بشرائه من منتجات إسرائيلية".
تم إنتاج هذه القصة ضمن برنامج “قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.