بقلم: سمير عباهرة
كشفت الحرب التي تشنها اسرائيل على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزه التي قاربت على انتهاء شهرها السابع كشفت عن بشاعة وجه اسرائيل امام المجتمع الدولي بسبب حجم الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني والتي راح ضحيتها ما يزيد على الاربعون الفا وما يزيد عن مئة الف من الجرحى عدا عن المفقودين الذي لم تذكر احصائية محددة بهم هذا اذا ما اضفنا الجرائم الاسرائيلية الاخرى والتي تمثلت بتدمير كامل للبنية التحية في القطاع وتدمير المباني والمستشفيات والمدارس والمساجد والشوارع والكثير من المؤسسات الاخرى حتى اصبحت غزه تفتقد لكل مقومات الحياة.
المجتمع الدولي كان شاهدا على الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في هذا العصر حيث وصلت الصورة الى كافة دول العالم الامر الذي جعل العالم بمختلف شرائحه السياسية والاجتماعية يقف مذهولا امام فظاعة هذه المشاهد التي تبثها الفضائيات ومختلف وسائل الاعلام وما خلفته من ردود فعل دولية على كافة المستويات. هذه المعطيات جعلت الكثير من دول العالم تعيد حساباتها السياسية بعد ان كانت الرواية الاسرائيلية تسيطر على المشهد السياسي في الكثير من دول العالم مدعومة بإمبراطورية اعلامية تعمل على تزوير الحقائق لخدمة الرواية الاسرائيلية وبأن اسرائيل تقع ضحية (للإرهاب الفلسطيني) كما روجت وسائل الاعلام الاسرائيلية المقروءة والمسموعة والمرئية ومن خلال نشاطات الجاليات المؤيدة لإسرائيل في الغرب حتى تم تصوير الشعب الفلسطيني بأنه معتدي وانه يمارس (الارهاب) ضد اسرائيل.
الان انكشفت كافة الاوراق وتبينت الحقيقة التي كانت تخفي وراءها الادعاءات الاسرائيلية هذه وبأن الشعب الفلسطيني هو الذي وقع ضحية السياسة الاسرائيلية التي استمرت منذ احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 التي استباحت الارض والشعب من عمليات قتل وترحيل وانتهاكات متكررة واعتقالات وسرقة الاراضي وإقامة المستوطنات عليها والحصار المتكرر وما يجري اليوم في غزه من حرب ابادة هو استكمالا للسياسة الاسرائيلية التي بدأت منذ بداية الاحتلال وان دفاع الشعب الفلسطيني لطرد المحتل الاسرائيلي وإقامة دولته المستقلة هو حق كفلته المواثيق الدولية والقانون الدولي.
القضية الفلسطينية بقيت مطروحة على جدول اعمال الامم المتحدة سواء كان في مجلس الامن او من خلال الجمعية العمومية التي اعترفت بدولة فلسطين لكن هذا الاعتراف يبقى شكليا حتى يحسم مجلس الامن الامر وهو ما يلقى معارضة واضحة من قبل الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو لإفشال الطلب الفلسطيني بالاعتراف بدولة فلسطين. هذه التطورات المتلاحقة المرتبطة بالقضية الفلسطينية سواء كانت المحلية منها وما يجري في غزه من احداث وحرب ابادة ضد الشعب الفلسطيني او ما جرى ويجري داخل المنظمة الدولية كشف عن حقائق كثيرة فالشعب الفلسطيني قدم عشرات الالاف من الشهداء في سبيل نيل الحرية والاستقلال اضافة الى النضال السياسي التي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية وكل هذا لم يكن كافيا لاستيقاظ الضمير الانساني بل بقيت سياسة الكيل بمكيالين تحكم
محددات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والنتيجة عدم اعطاء الفلسطينيين حقوقهم في اقامة دولتهم.
كل هذه التطورات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلية والتحولات والتغيرات التي حدثت ايضا مع مجريات الحرب الروسية الاوكرانية احدثت تغيرات على المعادلة الدولية وكشفت عن تغير حقيقي في مواقف بعض الدول بما شكل استفاقة دولية واضحة بعد الانحياز الواضح ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وغياب العدالة في تطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتحديدا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحصول الشعب الفلسطيني على حقه في اقامة دولته المستقلة حينما قررت بعض الدول احراج الشرعية الدولية والاعتراف بدولة فلسطين فقد اعترفت كل من دول بربادوس وجامايكا
و(ترينداد وتوباكو) بدولة فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة. صحيح ان هذه الدول صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان الا انها دولا ذات سيادة وتتمتع بكافة الحقوق السياسية لفرض وجودها ضمن المجموعة الدولية ومن حيث عضويتها في هيئة الامم المتحدة ولها مقاعد في الهيئات والمؤسسات الدولية الاخرى ويشكل العامل الجغرافي اهمية كبيرة في مسألة الاعتراف بحكم بعد هذه الدول عن فلسطين الا ان سعي هذه الدول لتحقيق العدالة كان العامل الحاسم في مسألة الاعتراف.
هذا الاعتراف سيضع كل من اسرائيل وهيئة الامم المتحدة ومجلس الامن والمجتمع الدولي تحت الضغط ويطرح تساؤلات عدة عن الاسباب الكامنة في عدم الاعتراف بدولة فلسطين وسيفتح الباب امام اعترافات اخرى تتوالى حيث يدور الحديث عن تصريحات صدرت عن دولة كولومبيا بنيتها الاعتراف بدولة فلسطين وهناك حراكا تقوده اسبانيا ايضا داخل الساحة الاوروبية من اجل وضع ترتيبات تنتهي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وهذا يدعو المجتمع الدولي الى اجراء مراجعة شاملة للكثير من النظم والقوانين المعمول بها والتي تتجاوز في هياكلها القانون الدولي فالعدل والمساواة يجب ان يتبوءا الصدارة في احكام القانون الدولي.