الداخل المحتل / PNN - رسم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، صورة قاتمة للاقتصاد الإسرائيلي خلال العام الجاري و العاميين المقبلين بعد تسجيله نموا دون التوقعات العام الماضي، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وعدوانها على لبنان.
وتوقع صندوق النقد في تقريره الفصلي "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر يوم الاثنين الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% فقط في 2025، وهو ما يقل إلى النصف عن التوقعات السابقة التي صدرت في أبريل/نيسان الماضي.
بالمقابل، يتوقع الصندوق نمو الاقتصاد الإسرائيلي في 2024 بنسبة 0.7% فقط مقارنة بـ2% في 2023، وهو نمو مدفوع بارتفاع الإنفاق الحكومة على الدفاع والأمن.
لكن وفق حسابات وزارة المالية الإسرائيلية، فإن نسب النمو المسجلة في الفترة بين 2023 وحتى 2025 هي نمو سالب إذا أُخذت بالاعتبار الزيادة الطبيعية للسكان والمستوطنين (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي).
ومع مراعاة نمو السكان والتضخم فإن النمو الصفري للاقتصاد الإسرائيلي نحو 2.9%، وأي نسب فوق هذه فإنها تدخل في خانة وجود نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي، وأقل منها فإنها تكون دون المستوى.
ووفق بيانات البنك الدولي، فإن المرة الأخيرة التي بلغ فيها نمو الاقتصاد الإسرائيلي أقل من 0.7% -باستثناء عام كورونا- كانت في 2002 عندما انكمش الاقتصاد بنسبة 0.1%، وهو أشد أعوام انتفاضة الأقصى.
وحتى في الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم في 2008 واستمرت تبعاتها حتى 2010 سجل الاقتصاد الإسرائيلي أقل نسبة نمو خلالها بلغت 0.9% عام 2008، وفق بيانات البنك الدولي.
وفي عام 2020 عندما تفشت جائحة كورونا انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 1.9%، قبل أن ينمو بقوة في 2021 عند 8.6% ثم إلى 6.8% في 2022، ويهبط بقوة إلى 2% فقط في 2023.
This picture taken on August 23, 2022 shows a view of the exterior of the headquarters of the Bank of Israel, the country's central bank, in Kiryat Ben-Gurion in Jerusalem. (Photo by AHMAD GHARABLI / AFP)
النمو الحقيقي المسجل في الفترة بين 2023 و2025 في إسرائيل هو نمو سالب مع اعتبار نمو السكان (الفرنسية)
وقت أطول
ويبدو أن التعافي الاقتصادي في إسرائيل بعد الحرب سيستغرق وقتا أطول مما يعتقد كثيرون من محللي بورصة تل أبيب، وفقا للتوقعات الواردة في تقرير صندوق النقد.
وبرأي الصندوق، إذا انتهت الحرب فسيشهد الاقتصاد الإسرائيلي تحسنا في السنوات المقبلة ولكن سيكون بطيئا حتى يستعيد المستثمرون الثقة مجددا بالبلاد كقبلة جاذبة للاستثمار.
وبالعودة إلى بيانات تقرير صندوق النقد الصادرة في أبريل/نيسان الماضي فإنه توقع نمو اقتصاد إسرائيل بنسبة 1.6% خلال العام الجاري.
لكن الصدمة بمقدار التراجع المتوقع خلال العام المقبل، إذ بلغت توقعات تقرير أبريل/نيسان نحو 5.4%، في حين يتوقع الصندوق أن تبلغ 2.7% في التقرير الصادر الاثنين الماضي.
ومع غياب أي أفق لانتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وتوسعها بالعدوان على لبنان منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي فإن مزيدا من الضبابية تحيط بمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي.
والاثنين الماضي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خسائر تكبدها الاقتصاد منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي بلغت 25 مليار شيكل (6.8 مليارات دولار)، مما يعني ترجيح إعادة النظر في ميزانية إسرائيل وزيادتها فور انتهاء العطلات.
ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، فإنه حتى وقت قريب كانت نفقات الحرب اليومية للجيش الإسرائيلي تصل إلى 400 مليون شيكل (108 ملايين دولار).
ومع ذلك، ومنذ توسيع العمليات في لبنان ارتفعت التكاليف لتتجاوز حتى الآن 500 مليون شيكل يوميا (135.1 مليون دولار)، مع إمكانية حدوث زيادات إضافية في المستقبل القريب.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري قالت وزارة المالية إن عجز الميزانية في الشهور الـ12 المنتهية في سبتمبر/أيلول الماضي بلغ 8.5%، صعودا من 8.3% في الشهور الـ12 المنتهية في أغسطس/آب السابق له.
وكانت توقعات الوزارة مطلع العام الجاري أن يبلغ العجز في كامل 2024 نحو 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأرجعت الوزارة ارتفاع نسبة العجز إلى نفقات الحرب المتصاعدة ضد قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويتوقع محللو بورصة تل أبيب أن ترتفع نسبة العجز أكثر مع إعلان بيانات أكتوبر/تشرين الأول الجاري بفعل توسع الصراع شمالا إلى لبنان والمخاوف من تحول التوترات مع إيران إلى حرب إقليمية.
وقبل توسع الصراع مع حزب الله في لبنان كانت تقديرات وزارة المالية تشير إلى أن العجز سيرتفع إلى ذروته بحلول سبتمبر/أيلول 2024، وبعدها يمكن أن يكون هناك انخفاض تدريجي.
وتصل قيمة العجز البالغة نسبته 8.5% كنسبة إلى الناتج المحلي لعام 2023 قرابة 45 مليار دولار، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي في 2023 قرابة 530 مليار دولار.
واتجهت إسرائيل أكثر من مرة إلى أسواق الدين العالمية للحصول على سيولة لازمة لتمويل نفقات الحرب وتغطية عجز الميزانية.