واشنطن / PNN - في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الصحية العالمية، تسعى الولايات المتحدة إلى ربط استئناف مساعداتها الصحية لدول العالم النامي بموافقة تلك الدول على تزويدها ببيانات حساسة تتعلق بعينات الأمراض ومعلوماتها الجينية، بحسب ما كشفته مسودة وثائق حكومية اطلعت عليها صحيفة "الغارديان".
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية جديدة أطلقتها إدارة الرئيس دونالد ترامب تحت شعار "أميركا أولًا في الصحة العالمية"، والتي بدأت بتعليق مفاجئ للمساعدات الصحية مطلع العام الجاري، وتتحول الآن إلى اتفاقات ثنائية بشروط جديدة.
مساعدات مشروطة بتبادل بيانات حيوية
وبموجب النموذج المقترح لمذكرات التفاهم، ستحصل الدول على تمويل لمكافحة أمراض مثل الملاريا والسل والإيدز وشلل الأطفال، إلى جانب دعم في مجالات الرقابة الصحية والبنية التحتية الرقمية، لكن بالمقابل، يتوجب على هذه الدول تسليم عينات بيولوجية ومعلومات وراثية حول مسببات الأمراض ذات الإمكانات الوبائية، خلال أيام من اكتشافها.
ويرى منتقدو هذا النهج أن الاتفاقات الثنائية قد تقوّض جهود التوصل إلى اتفاق عالمي شامل لمواجهة الأوبئة المستقبلية، خاصة أن المسودة لا تتضمن أي التزامات تضمن للدول المستفيدة الحصول على لقاحات أو علاجات تُطوَّر استنادًا إلى البيانات التي تشاركها.
المخاوف تتصاعد من هيمنة تجارية وصحية
الميثاق المزمع توقيعه لا يتضمن تفاصيل واضحة حول آليات "تقاسم المنافع"، وهي نقطة شكلت أحد أبرز نقاط الخلاف في مفاوضات الاتفاق العالمي للأوبئة في وقت سابق هذا العام، بعد أن اشتكت الدول النامية من غياب العدالة في توزيع اللقاحات خلال جائحة كوفيد-19.
كما تُطالب المسودة الدول بالاعتراف بموافقات هيئة الغذاء والدواء الأميركية على الأدوية كمرجعية تنظيمية محلية، خصوصًا في الأسواق الكبرى أو لدوافع "استراتيجية".
خبراء: تهديد للسيادة الصحية وتقويض للتضامن الدولي
وصف ميشيل كازاتشكين، من "لجنة التقييم المستقلة لجاهزية الأوبئة"، الاتفاقات الثنائية المقترحة بأنها "ضربة للتعددية" و"تقويض لسيادة الدول في قراراتها الصحية"، محذرًا من أن المسودة تمنح الهيمنة الصحية والتجارية لطرف واحد، على حساب الشفافية والتكافؤ.
من جهتها، أكدت شبكة العمل من أجل الأوبئة على أهمية بناء نظام متعدد الأطراف ومستدام لمواجهة الطوارئ الصحية العالمية، مضيفة أن اعتماد دول على مفاوضات فردية "يخلق سباقًا نحو القاع، ويترك الأضعف عرضة للمخاطر".
وحسب خبراء، يهدد النهج الأميركي الجديد بتوسيع الفجوة بين الدول الغنية والنامية في ما يتعلق بالقدرة على الاستجابة للأوبئة، ويضع الصحة العامة في مواجهة مع المصالح الاستراتيجية والسياسية، في وقت لا يزال فيه العالم يسعى لبناء نظام عالمي أكثر عدلاً في تقاسم العبء والفرص عند وقوع الأزمات الصحية.