الشريط الاخباري

43 عاما على خطف طائرة سابينا

نشر بتاريخ: 19-09-2015 | أفكار
News Main Image
إياد الرجوب منذ عام 1972 والإعلام بمختلف مرجعياته يتناقل بشكل متقطع عملية اختطاف طائرة سابينا وإنزالها في مطار بن غوريون، وصولا لفيلم "سابينا" الذي بثته مؤخرا القناة الإسرائيلية الثانية ونقل تلفزيون فلسطين مشاهد مترجمة منه عنها، وفي التقديم للفيلم، ذكر تلفزيون فلسطين أسماء الخاطفين الأربعة كما درجت العادة على ذكرهم: علي طه أبو سنينة، وعبد الرؤوف الأطرش، وريما عيسى، وتريز هلسة، حيث استشهد الشابان في العملية ونجت الفتاتان. الفتاتان الناجيتان تم اعتقالهما، وحوكمتا وعُرِفتا وجها وصورةً، بما يزيل أي شك أو لبس حول هويتيهما، أما الشابان الشهيدان، فعلي طه أبو سنينة تم التعرف عليه وعلى أهله وبلده وحياته، وساهمت ابنته في إحياء اسمه وسيرته ومسيرته من خلال مسرحيتها التي عنونتها بـ "ألاقي زيك فين يا علي؟"، غير أن الأمر التبس على الاحتلال في حينه بخصوص هوية الشهيد عبد الرؤوف الأطرش، فكان استشهاده في تلك العملية استشهادا آخرَ لأخباره على المستوى الفلسطيني العام حتى هذا اليوم، فرغم مرور 43 عاما على العملية، إلا أن تلفزيون فلسطين ما زال يقدمه لشعبه كخاطف مجهول يُدعى "عبد الرؤوف الأطرش". استشهد "عبد الرؤوف الأطرش" أو "زكريا الأطرش" أو "عبد العزيز الأطرش" أو أي اسم مستعار أطلق عليه في حينه، ومع أن من عاداتنا إعلاميا نحن الفلسطينيين أن نمجد الشهداء ونتغنى بهم ونحتفي بذكرى رحيلهم وننشر سِيَرهم ونستقي ظروف حياتهم من أهاليهم، إلا أن الشهيد "عبد الرؤوف" ظل مجهولا حتى للإعلاميين الفلسطينيين الذي يتطرقون بين الفينة والأخرى لعملية خطف تلك الطائرة، ولم يحاول احد الوصول إلى حقيقة هذا الشاب الذي كان مشاركا فذًّا في خطف الطائرة لدرجة الاستشهاد. كثيرة هي القصص والتقارير الإعلامية التي سمعناها وقرأناها في إعلامنا عن شهداء قضوا وهم على أسرتهم آمنين في بيوتهم، أو أثناء عبورهم الحواجز الإسرائيلية، أو أثناء قيامهم بعملهم اليومي، ...إلخ، فهل من قام بخطف طائرة لا يستحق قصة إعلامية؟ ألا يستحق منا البحث عن اسمه الحقيقي؟ عن أهله ومسقط رأسه ومسكنه إن كان سقيفة أم بيتا إسمنتيا؟ هل كان متزوجا؟ هل كان أبا أم ترك عروسا لم تمض بضعة أشهر على زواجه منها؟ كيف كان مشهد العيون الدامعة لأمه وأبيه وزوجته وأخيه عند تلقيهم خبر استشهاده؟ لم يحاول أحد معرفة وسيلة النقل الأولى التي استقلها "عبد الرؤوف" من "خربته" العزلاء المنسية إلى المدينة التي غادرها بعد ذلك بالسيارة ومن ثم بالطائرة إلى العواصم الأوروبية، هل كانت وسيلة نقله الأولى سيارة أم باصا أم دابةً أم قطع المسافة مشيا على قدميه منطلقا إلى العالم ليعود إلى وطنه بطائرة وقد سيطر على وجهتها؟ لم يحاول أحد- حتى الفصيل الوطني لهذا الشاب- أن ينصفه وينزله المنزلة الوطنية التي تليق به كشهيد قضى لأجل فلسطين وشعبها، ولم يحاول أحد معرفة بواعث انخراط هذا الشاب في العمل الوطني وصولا لخطف الطائرات، هل كان لمحاذاة قريته من قرية الدوايمة المهجّرة ونشأته ومعايشته لعذابات التهجير دورٌ في ذلك؟ هل ساهمت رائحة الموت المتجهة من الغرب نحو بيته في إذكاء روح الثأر لهؤلاء الشهداء في طور الزاغة؟ كيف لشاب ريفي نشأ في بيئة لا تعرف حتى المذياع أن يدرك سمات هويته الوطنية تماما ويستجمع كل عناصر قضيته ويخرج بها إلى العالم ليواجه أعتى جيوش المنطقة؟ لم يحاول أحد معرفة مصير جثمان هذا الشهيد، هل تم دفنه في مقابر الأرقام الإسرائيلية ولم يسأل عنه أحد؟ أم تم تسليمه لأهله ليدفنوه؟ أم تم احتجازه في ثلاجة كما كان متعارفا عليه في حينه؟ هل استلم أهله جثمانا أم رفاتا؟ كيف تم تسليمه وبعد كم سنة من استشهاده حدث ذلك؟ هل سمح المحتل بعمل جنازة له أم اشترط تسليمه ودفنه في منتصف الليل؟ هل سمح لأمه بإلقاء نظرة الوداع على رفاته أم اشترط اقتصار الأمر على عدد محدود من أهله؟ أسئلة عديدة جدا مما يخطر ولا يخطر على البال لا تجد لها جوابا لدى الجهات الرسمية الفلسطينية، تذهب إلى محرك البحث "غوغل" لتبحث عن حياة "عبد الرؤوف الأطرش" أو "عبد العزيز الأطرش" أو "زكريا الأطرش"، علّك تجد إجابة لواحد على الأقل من هذه الأسئلة، فلا تظفر إلا بذكر اسمه في عملية خطف طائرة سابينا، وهنا تكون قد انتهيت من البحث عند النقطة التي ابتدأت منها، وتظل مهمة إنصاف هذا الشهيد معلقة على الإعلام الفلسطيني الرسمي قبل أي إعلام آخر، ولا يحتاج الباحث عن الحقيقة إلا لزيارة مقبرة قرية الكوم جنوب غرب محافظة الخليل، ويذهب للقبر الذي يتوسط المقبرة بشكل لافت، ليواجه شاهد القبر بعينيه فيقرأ: "ضريح الشهيد عبد العزيز يونس الأطرش الرجوب، شهيد عملية طائرة سابينا في مطار اللد"، فيكون بذلك قد وصل لطرف الخيط الذي يقوده لحقيقة هذا الشهيد.

شارك هذا الخبر!