الشريط الاخباري

إسرائيل / فلسطين بعد وقف إطلاق النار: ماذا يجب أن تفعل أوروبا؟ جوزيب بوريل الممثل الأعلى/نائب الرئيس للسياسة الخارجية الاوروبية

نشر بتاريخ: 23-05-2021 | سياسة , أفكار
News Main Image

بدأ أمس وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد 11 يومًا من القتال وعدد غير مقبول من الضحايا المدنيين. الآن نحن بحاجة إلى ضمان تنفيذه ثم البناء عليه لمعالجة الصراع الأساسي، ذلك لأن الأمن وحده لن يوفر السلام. فقط الحل السياسي المتفاوض عليه هو الذي يمنح الإسرائيليين والفلسطينيين الأمن والسلام.

"إن الأمن وحده لن يوفر السلام. فقط الحل السياسي المتفاوض عليه هو الذي يمنح الإسرائيليين والفلسطينيين الأمن والسلام." جزيب بورييل

إن بدء وقف إطلاق النار خطوة مرحب بها للغاية. ويأتي ذلك عقب نداءات الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الولايات المتحدة و26 من أصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. حيث يجب أن ينهي ذلك دورة العنف الرهيبة التي شهدناها والتي بدأت بالاشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية. وقد خلفت أعمال العنف أكثر من 200 قتيل في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، وما لا يقل عن 10 قتلى في إسرائيل، بالإضافة إلى آلاف الجرحى. المهمة الآن هي استغلال هذه الفرصة لبناء سلام حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. دور الاتحاد الأوروبي

وبصفتنا الاتحاد الأوروبي، فقد تأثرنا بشدة بالصراع، لأسباب ليس أقلها علاقاتنا التاريخية والواسعة النطاق بإسرائيل وفلسطين. لقد عملت بنشاط كبير طوال هذه الأزمة في الوصول إلى جميع الأطراف، لمحاولة تهدئة التوتر وتعزيز وقف إطلاق النار.

نظرًا لخطورة الموقف، فقد عقدت مؤتمرًا غير عادي عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 18 أيار، وفي حين يجب أن نعترف بوجود فروق دقيقة في مواقف الدول الأعضاء - وأي اختلافات تميل إلى جذب انتباه وسائل الإعلام – إلا أنه كان هناك تفاهم مشترك واسع بين 26 من أصل 27 دولة عضو. وكونه اجتماع غير رسمي، لم تكن هناك استنتاجات مكتوبة. لكن ما استخلصته من هذا الاتفاق العام، كما أوضحت للصحافة، هو الحاجة الملحة لإنهاء الأزمة من خلال وقف إطلاق النار - وهو ما لدينا الآن - ولكن أيضًا ينبغي تنفيذه بالكامل. كما أكدنا على الحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية؛ وندين بشدة الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى على إسرائيل. كما اعترفنا بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، مع ضرورة احترام التناسب واحترام القانون الإنساني الدولي؛ وأعربنا عن أسفنا للخسائر غير المقبولة في الأرواح، وخاصة بين النساء والأطفال؛ تماشياً مع مواقف الاتحاد الأوروبي الراسخة بشأن المستوطنات، وقد ذكّرنا بأهمية عدم المضي في عمليات الإخلاء في الشيخ جراح في القدس الشرقية؛ وأخيراً طالبنا باحترام مكانة المقدسات وضمان حق العبادة، حيث يبقى كل هذا ذا صلة.

ما بعد الأزمة: من الوضع الراهن الضعيف إلى السلام المتفاوض عليه

ومع ذلك، فإن أهم نقطة ناقشها الوزراء هي أننا لا نحتاج فقط إلى إنهاء موجة العنف هذه في "وضع إدارة الأزمات"، ولكن في الواقع إلى حل الصراع الأساسي. ذلك لأنه في النهاية، لا يمكن أن يتحقق الأمن الحقيقي لإسرائيل وفلسطين إلا من خلال سلام حقيقي وحل سياسي وتفاوضي حقيقي. إن غياب أي تقدم نحو حل الدولتين، الذي أيده المجتمع الدولي منذ فترة طويلة، هو الذي أدى في النهاية إلى اندلاع موجة العنف الأخيرة.

ومع الهدوء النسبي منذ عام 2014 والاتفاقات التي توصلت إليها إسرائيل مع مختلف الدول العربية في السنوات الأخيرة، وما يسمى بـ "اتفاقيات إبراهيم" التي توسطت فيها إدارة ترامب، قد يكون لدى البعض في إسرائيل شعور بأن القضية الفلسطينية قد تم تسويتها وأن يمكن أن يستمر الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى. وبالتأكيد حاجج البعض بأن الصراع العربي الإسرائيلي على وشك الانتهاء، غير أن ذلك لم يفعل شيئًا حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يظل جوهر المشكلة. وكما كتب صديقي شلومو بن عامي (رابط خارجي)، فقد خلقت اتفاقات إبراهيم انطباعًا بأن القضية الفلسطينية قد ماتت، وبعدت عن الساحة الدولية. وقبل سنوات، قال شمعون بيريز، وهو صديق آخر لي، إنه لم يكن ليتخيل السفارات الروسية والصينية لدى إسرائيل. سوف يتفاجأ أكثر بالمستوى الحالي للاعتراف الدولي.

لقد شهدنا سنوات من "مفاوضات عملية السلام" التي لم تحل النزاع، والتي لم توقف توسيع المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، والتي تقوض من الناحية العملية الحل الذي يدعمه المجتمع الدولي. في هذا السياق، بدا أن استراتيجية "الحد الأقصى من الأمن" قد نجحت وأتاحت للبعض الادعاء بأن المشكلة الفلسطينية قد انتهت. لكن الاشتباكات التي وقعت في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك التوترات التي نشأت داخل إسرائيل نفسها، تظهر أن الأمر ليس كذلك. وفي الواقع، تُظهر الأزمة أن الوضع الراهن ليس مستدامًا وأنه لا بديل عن سلام متفاوض عليه ومقبول من جميع الأطراف.

والآن بعد أن أصبحت الهدنة سارية، قد يميل البعض إلى "المضي قدمًا" وترك الأسباب الكامنة للصراع جانبًا. سيؤدي هذا على الأرجح إلى دورات جديدة من العنف لن تؤدي إلا إلى زيادة تقوية المتطرفين. فهناك فرق مهم بين شكل قصير المدى للأمن يتم تحقيقه بشكل رئيسي من خلال الوسائل العسكرية والتكنولوجية، والسلام المستدام النابع من الاتفاق. وعلى أي حال، إن فرض الأمن بدون سلام أساسي يأتي بثمن باهظ وغير مستدام.

لن تكون الجدران وغيرها من أشكال الفصل عالية بما فيه الكفاية. وفي النهاية، لا يمكن أن تتمتك بالازدهار والأمن إلا إذا كان جارك مثلك يتمتع بها. وكما اعتاد إسحاق رابين أن يقول: "أنت لا تصنع السلام مع أصدقائك، بل مع أعدائك".

هذا هو السبب في أننا يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لإيجاد ذلك المسار السياسي الضيق: العودة إلى مفاوضات ذات مغزى لحل الدولتين، على أساس المعايير المتفق عليها دوليًا. إنها الطريقة الوحيدة لضمان حقوق وأمن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. سنحتاج إلى العديد من الخطوات والمثابرة للوصول إلى هناك، بما في ذلك الانتخابات الفلسطينية والطرق المتفق عليها لإنهاء عزلة غزة.

سنحتفل هذا العام بالذكرى الثلاثين لمؤتمر مدريد للسلام الذي أطلق العملية التي أدت إلى اتفاقيات أوسلو. ستكون مناسبة جيدة "لإعادة تدويل" الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. قد لا يكون له نفس الدور الاستراتيجي المحوري الذي كان له في الماضي. ومع ذلك، هذا ليس سببًا لنا نحن الأوروبيين لأن ننساه وننتظر وقوع مأساة جديدة.

صحيح أننا قلنا كل هذا مرات عديدة من قبل. في الواقع، ظل هذا الصراع على مدى عقود يتحدى الجهود الدولية لصنع السلام. لذلك علينا إثبات خطأ المشككين والانخراط بطريقة ملموسة للغاية للمساعدة في تحقيق هذا الحل التفاوضي.

لا يمكننا تحمل الجمود الذي شهدناه منذ سنوات. لا يمكن أن يُتوقع من الاتحاد الأوروبي أن يمول مرة أخرى إعادة بناء غزة دون وجود أفق ذي مغزى لحل النزاع الأساسي فعليًا. بالطبع، هناك العديد من الأسباب للشك في أن "هذه المرة ستكون مختلفة". لكن من واجبنا أن نحاول، لأن التمسك بالمسار الحالي سيعني بالتأكيد المزيد من دورات العنف.

لهذا السبب سأفعل كل ما بوسعي لمحاولة إعادة فتح المجال للمفاوضات وتطوير تدابير بناء الثقة. كما أنني على تواصل مع الجهات الفاعلة الرئيسية في إسرائيل وفلسطين ومصر والأردن والولايات المتحدة وغيرها، وكذلك مع الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي سفين كوبمانس الذي سيسافر قريبًا إلى المنطقة. وبالمثل، نعمل على إحياء اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي).

أخيرًا وليس آخرًا، يجب أن نحاول بناء أكبر قدر ممكن من الوحدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

شارك هذا الخبر!