الشريط الاخباري

هل انتهى فعليا خيار حل الدولتين؟

نشر بتاريخ: 07-11-2015 | أفكار
News Main Image
بقلم/ سمير عباهرة منذ احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967، طرحت مبادرات ومشاريع كثيرة لتسوية القضية الفلسطينية سواء كانت مبادرات ومشاريع عربية ام اسرائيلية ام دولية. وكان الاطار العام لتلك المبادرات والمشاريع العربية المطروحة يركز على الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والإطار العام للمشاريع الاسرائيلية يركز على انهاء حالة الحرب وإقامة علاقات طبيعية مع البلاد العربية مع التنكر التام للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. اما الاطار العام للمشاريع الدولية فكانت تحاول الجمع بين الرؤى العربية والإسرائيلية وحسب الجهة التي تطرح المشروع وطبيعة علاقتها مع الطرفين مع وجود بعض المؤثرات الخارجية والضغوط التي تمارس على الجهة التي تطرح المشروع كما هو حاصل الان من ضغوط امريكية على فرنسا لعدم طرح مشروعها في مجلس الامن لحل النزاع وتحديده بسقف زمني معين وإجراء بعض التغييرات عليه. وفي اواخر الثمانينات ونتيجة لعوامل ومتغيرات كثيرة داخلية وإقليمية ودولية ،بدأت اطراف النزاع تتجه نحو الحلول الوسط وتسعى لإيجاد تسوية سياسية تحقق لها اكبر قدر من المكاسب في ظل الظروف السائدة وموازين القوى القائمة. ومن تلك العوامل والتطورات والمتغيرات اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى في اواخر العام 1987 والتي شكلت نقطة تحول في العلاقة التي دامت اكثر من عشرين عاما بين اسرائيل والأراضي المحتلة, وكذلك بدء الانفراج في العلاقة بين القوتين العظمتين وتراجع اهمية المعسكر الاشتراكي واتجاهه نحو الانحلال ونجاح جهود الوساطة لقيام حوار امريكي فلسطيني. وتوصل المجلس الوطني الفلسطيني الى قرارات سياسية هامة تنازل بموجبها عن تدمير اسرائيل وسعى لتحقيق تسوية سياسية معها على اساس الاعتراف المتبادل والاعتراف بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني. واستجابت منظمة التحرير الفلسطينية للدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة لتسوية المشكلة الفلسطينية عقب الانتهاء من حرب الخليج الثانية حيث توصلت الولايات المتحدة الى قناعة وبتأثير من اطراف دولية اخرى بان عدم حل القضية الفلسطينية سيبقي المنطقة في حالة توتر وصراع دائم وبأن عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم بإقامة دولتهم فان المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار وهذه حقيقة اقرتها واعترفت بها الولايات المتحدة وأكدت عليها في اكثر من موقف وعلى لسان رؤسائها المتعاقبين بأن التسوية السياسية يجب ان تفضي لإقامة دولة فلسطينية من خلال المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ان استجابة اسرائيل للانخراط في ملف التسوية كان ضمن الشروط التي اطلقتها الولايات المتحدة وكانت تدرك اسرائيل ان المحصلة النهائية لمفاوضات السلام يجب ان تنتهي بإقامة دولة فلسطينية على اساس حدود الرابع من حزيران 1967، لكن اسرائيل ورغم استجابتها وانخراطها في ملف التسوية إلا انها كانت تملك رؤية معينة لإنهاء الصراع تختلف عن الرؤى المطروحة الأخرى حيث نادت كافة الاطراف بأن التسوية يجب ان تتم وفق منظور حل الدولتين وعلى هذا الاساس بدأت المفاوضات بين الجانبين التي استمرت ما يزيد عن العشرون عاما، واستمرت اسرائيل في التهرب من استحقاقات عملية السلام الى ان توقفت كافة الجهود الدولية لإنعاش هذه العملية التي كتب نتنياهو شهادة الوفاة لها. وثارت آمال عريضة بأن تتمكن الاسرة الدولية من احياء العملية المتوقفة والجمود السياسي الحاصل والذي ترك تداعياته على الواقع الدولي ، الى ان اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الاخيرة والتحركات الدولية التي رافقتها بضرورة وقف كل اعمال "العنف " القائم لكن لم يتطرق اي من المبعوثين الدوليين لصلب المشكلة الرئيسية وهي توقف عملية السلام واستمرار تنكر اسرائيل للحقوق الوطنية الفلسطينية وربما ادركت اسرائيل بعد فشل الجهود الدولية في التوصل الى تهدئة من ان تمارس ضغوط جديدة عليها لدفعها للعودة الى طاولة المفاوضات على اساس حل الدولتين والذي يكاد ان يختفي هذا المصطلح من القاموس السياسي الدولي بعد ما اختفى من قاموس اسرائيل السياسي، اذ ان الاجابة جاءت على لسان الوزير الاسرائيلي "اوفير اكونيس" والمقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي قال ان فكرة حل الدولتين "قد ماتت" واستبعد قيام دولة فلسطينية "على الإطلاق " هذه هي الرؤيا الاسرائيلية لحل النزاع في ظل تراجع المجتمع الدولي عن اهتماماته في مشكلة الشرق الاوسط وفي مقدمته الولايات المتحدة صاحبة الدعوة لمسيرة التسوية السلمية والتي لم تستطع الدفاع عن مواقفها وعن قراراتها التي اتخذتها بخصوص تسوية النزاع. وعلى ما يبدو ان الولايات المتحدة تأثرت بالمواقف الاسرائيلية الاخيرة والعوامل الجديدة التي حاولت اسرائيل ادخالها على عملية السلام وحل الدولتين ومطالبتها القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل كشرط اساسي للاعتراف بدولة فلسطينية والتخلي بشكل كامل عن موضوع عودة اللاجئين وهو ما رفضته القيادة الفلسطينية بشدة وأصرت على مواقفها بعدم الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل وما ينجم عنها من مخاطر، وإزاء المواقف الدولية التي يشوبها صمت غريب استمرت اسرائيل في تجاوزها للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية تلك القرارات التي كفلت الحقوق الفلسطينية.

شارك هذا الخبر!