بيت لحم/PNN- أقرّ مجلس الوزراء الفلسطيني في العام 2015 بأن يكون الخامس من آذار/ مارس من كل عام يوماً وطنياً للبيئة الفلسطينية بهدف نشر الوعي البيئي و تعزيز الحس الوطني بضرورة العمل على حماية الأرض والهوية الفلسطينية، والاهتمام بالبيئة الفلسطينية الغنية بالكنوز الظاهرة والدفينة.
وقد تعرضت البيئة الفلسطينية على مر السنين للاستنزاف والتدمير بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة بحق البيئة والتي تعمل على إحداث تغيرات جوهرية في المصادر الطبيعية الفلسطينية، وتدهور في النظام البيئي الفلسطيني بمعدلات قياسية مقارنة بالتدهور البيئي العالمي.
وتتمثل الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية: بالسيطرة على الأراضي الزراعية واستغلالها في بناء المستوطنات والاستفادة من خيراتها، وبناء جدار الفصل العنصري وتجريف العديد من الأراضي وتدمير الغطاء النباتي، وإقامة المواقع والحواجز العسكرية، وشق الطرق الالتفافية، والقضاء على الغابات، واقتلاع الأشجار، وتدمير الحياة الحيوانية والبرية. والاستيلاء على آبار المياه وتحويل جزء كبير من المياه الفلسطينية لصالحها، والاستيلاء على مياه نهر الأردن حيث بدأ مستوى المياه في البحر الميت في الانخفاض بسبب نقص كميات المياه الواردة إليه من نهر الأردن، الأمر الذي يهدده الآن بالنضوب والجفاف. هذا فضلاً عن الصناعات الإسرائيلية وبالأخص منها العسكرية التي تؤدي إلى زيادة مطّردة في انبعاثات غازات الانحباس، ما يجعل فلسطين أكثر تأثراً بالتغير المناخي.
إن مثل هذه الممارسات تؤثر سلباً على التنوع الحيوي في فلسطين إذ تؤدي إلى اختفاء الكثير من أنواع النباتات وخصوصاً البرية منها، و تفكك التربة، وهذا يسهّل إزالتها بفعل عوامل التعرية كالرياح والأمطار، ويعمل على تصحر الأراضي الفلسطينية، كما يعمل على اختفاء الكثير من الحيوانات البرية بعد هدم جحورها وأوكارها بسبب التجريف. بالإضافة إلى نفاذ مصادر المياه العذبة وزيادة نسبة تركيز الأملاح في المياه الجوفية، وتشويه المنظر الجمالي للطبيعة؛ الأمر الذي سيخلق بيئة جافة تفتقر إلى أهم مقومات الحياه ويصعب العيش فيها وينعكس سلباً على نمو النباتات وتكاثر الحشرات ويعمل على نشر الأوبئة.
وقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية الموروث الحضاري الفلسطيني، والكثير من المواقع الأثرية والتاريخية الهامة التي تنتمي لمختلف العصور، كالمعابد والمدرجات والكنائس والمساجد والمقابر وآبار المياه وقنوات الري والمساكن التي تجذب السياح والزائرين من مختلف أنحاء العالم.
وفي ضوء هذه الانتهاكات، ولمكانة فلسطين التاريخية والدينية، ولحماية الموروث التاريخي متعدد الأهمية؛ قرر مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته الـ30 المنعقدة في جامعة الدول العربية: اختيار مدينة القدس "عاصمة للبيئة العربية لعام 2019"، على أن يتم العمل بالقرار في عام 2020. و تم تجديد القرار في دورته 31 عام 2020 وفي دورته 32 لعام 2021؛ تأكيدا لجهود الدول العربية في دعم الوضع البيئي في فلسطين، داعياً الدول العربية إلى توفير المزيد من الدعم لبناء القدرات في فلسطين، وتنفيذ مشاريع لحماية البيئة في الأراضي المحتلة، و لمخاطبة الرأي العام العالمي، والمؤسسات القانونية والحقوقية، لفضح ممارسات الاحتلال الممنهجة والتخريبية للبيئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنفيذ حملات مناصرة ومبادرات لحماية البيئة المقدسية. ولدعم صمود المقدسيين.
وكانت اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم قد أطلقت يوم 4 كانون ثاني/يناير 2022 فعاليات الأسبوع العربي للبرمجة في نسختها الثانية، والتي تنظمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألكسو)، هذا العام تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي وحماية البيئة"، بمشاركة عدد من المدارس في جميع محافظات الوطن.
وتأتي هذه الدورة لدعم ثقافة التربية البيئية في العالم العربي، التي تكتسب بعداً خاصاً في السياق الوطني الفلسطيني، على اعتبار أن النضال من أجل حماية البيئة هو أحد أهم وسائل النضال ضد الاحتلال، وأن انتهاكات الاحتلال للبيئة الفلسطينية هي أحد أوجه الاحتلال الواجب مقاومتها وصدها.
وفي 10 كانون ثاني / يناير 2022 اختتمت اللجنة الوطنية بالتعاون مع الأندية المنتسبة لليونسكو (مركز يافا الثقافي، نادي الطفل الفلسطيني، الجمعية الفلسطينية لثقافة وفنون الطفل) مشروع "أيام التعلم البيئي" المموّل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، والذي نتج عنه إعداد مجموعة من الشباب ليكونوا مدربين في مجال البيئة؛ لإنشاء جيل قادر على حماية البيئة الفلسطينية، والموروث الطبيعي، والتصدي لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق البيئة والمصادر الطبيعية الفلسطينية.
وفي هذه المناسبة تؤكد اللجنة الوطنية أن الحفاظ على البيئة الفلسطينية هو جزء بسيط من المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقنا تجاه الأجيال الحالية والمقبلة على حدٍ سواء، من أجل بناء مستقبل أفضل لهم، ما يحتّم على الجميع بذل مزيد من الجهود وتسخير كل الإمكانيات والفرص المتاحة في المنظمات الدولية المتخصصة، من أجل حماية بيئتنا وتراثنا الطبيعي والمحافظة عليهما.