غزة/PNN- بعد قرار رفع الحد الأدنى للأجور من 1450 إلى 1880 شيكلا الذي أقره مجلس الوزراء الفلسطيني في شهر آب المنصرم والبدء بتطبيقه مطلع العام الحالي والارتفاع الفاحش في الأسعار لكافة المنتجات، يبدو أن هذا القرار وإن كان جيدا إلا أنه لا يراعي معايير توفير حياة كريمة لمعظم العمال خصوصا في قطاع غزة.
ويشمل القرار كافة المحافظات الشمالية والجنوبية، لكن لا توجد سلطة وسيطرة في قطاع غزة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني لفرض القرار حتى يصبح نافذا هناك.
أزمات اقتصادية صعبة
ويأتي القرار في ظل الأوضاع والأزمات الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني، بسبب جائحة كورونا وحالة السيطرة الإسرائيلية على الأموال الفلسطينية والتحكم بمعظم موارد المدخولات.
وفي إطار التفاهمات التي خلص إليها المؤتمر الأول للحوار المجتمعي الفلسطيني في آذار من العام الماضي، نص القرار الصادر عن مجلس الوزراء على أن يتم اعتماد الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق دولة فلسطين على النحو التالي:
-يكون الحد الأدنى للأجر الشهري في جميع مناطق دولة فلسطين وفي جميع القطاعات (1880 شيكلًا) شهريًا.
-يكون الحد الأدنى للأجر اليومي لعمال المياومة، وبخاصة العاملين بشكل يومي غير منتظم، إضافة إلى العمال الموسميين (85 شيكلًا).
-الحد الأدنى لأجر ساعة العمل الواحدة (10.5 شيكل).
وإذا كان هذا القرار الذي جاء في أعقاب توصيات لجنة رفع الحد الأدنى للأجور التي ضمت الحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص، والنقابات العمالية، يشكل إنجازا مهما للطبقة العاملة لتحسين دخلهم وتخفيض نسبة الفقر ويستفيد منه 180 ألف عامل في القطاع الخاص، و25 ألف موظف وموظفة في القطاع العام، إلا أنه لا يضمن عملا يوميا وأجرا ثابتا لمعظم عمال قطاع غزة بسبب سوء الوضع الاقتصادي وبالتالي فإن أرباب العمل ما زالوا يصرون على إبقاء هذا الوضع المتردي شماعة يعلقون عليه مبرر قلة دفعهم أجورا تضمن حياة كريمة للعمال وخصوصا في قطاع غزة حيث تغيب الرقابة والمتابعة والتفتيش.
أجرة قليلة
ويدرك العمال الذين يبلغ عددهم أكثر من 250 ألف عامل في قطاع غزة المحاصر أن أجرتهم قليلة جداً مقابل التعب وساعات العمل الطويلة وهم يضطرون للعمل حتى لو وصلت الأجرة اليومية إلى أقل من 20 دولارا، لأنه من النادر الحصول على فرص عمل ثابتة وبالتالي يعملون بأي أجر من أجل تأمين الغداء واللباس والدواء لأسرهم الفقيرة.
ورغم بدء تطبيق قانون رفع الحد الأدنى من الأجور، إلا أن معظم عمال القطاع لا يتلقون هذا الحد وما زالت الفكرة غير واردة من الأساس لأصحاب العمل على الرغم من أنها تأتي ضمن القانون الفلسطيني الذي ينص على معاقبة أرباب العمل غير الملتزمين بها.
ومن بين الأسباب الأخرى المهمة التي تؤدي إلى عدم التزام قطاع غزة بقرار الحكومة الفلسطينية، الانقسام السياسي الذي يدفع حكومة غزة إلى عدم الاعتراف بالقرارات الصادرة عن نظيرتها في رام الله وعليه فإن جميع التشريعات الخاصة بحقوق العمال لم تطبق في غزة على الرغم من التزام الطرفين بالقانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينص على تطبيق الحد الأدنى للأجور”.
صورة كارثية
ولا تزال صورة الوضع في قطاع غزة صعبة وكارثية في ضوء بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني التي تشير سنويا إلى أن نسبة البطالة تتجاوز حاجز الـ55 في المئة بين العمال، البالغ عددهم حوالي 400 ألف عامل إضافة إلى وجود المئات من الخريجين الجامعيين الذين لا يجدون فرص عمل، ليساهموا بشكل ملحوظ بارتفاع نسبة البطالة التي تبدو من أعلى نسب البطالة في العالم.
تدمير اقتصاد القطاع
هذه التراكمات تسببت في تدمير اقتصاد غزة وأثرت في دفع أجور جيدة للعمال والعاملين في مختلف الطبقات لتأتي خطوة تحديد الحد الأدنى للأجور اعتبارا من مطلع العام الحالي لتساهم بتحسين الوضع الاقتصادي، حيث سيرتفع دخل الأفراد. لكن رغم كل المؤشرات على وجود بارقة أمل ما زال دون أدنى مستويات الحياة الكريمة لمعظم سكان ومواطني القطاع.
إن تحديد الحد الأدنى للأجور بـ1880 شيكلا شهريًا لجميع مناطق السلطة الفلسطينية، لا يتعدى كونه صيغة توافقية لم تأخذ بعين الاعتبار التباينات الكبيرة في مستويات الأجور والمدخولات بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يستند إلى معايير اقتصادية واضحة ولم يراع متطلبات الطبقة العاملة في فلسطين أو الفروق الاقتصادية بين المناطق المختلفة وسيبقى العمال في قطاع غزة يعانون من غلاء المعيشة الفاحش الذي يجعلهم مصنفون باستمرار تحت خط الفقر.