الخرطوم/PNN- قُتل متظاهر سوداني الأربعاء فيما احتشد الآلاف المتظاهرين في شوارع الخرطوم احتجاجا على الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ولإحياء ذكرى الاعتصام الذي أدى إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير قبل ثلاث سنوات. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان مساء الأربعاء إنّ الطيّب عبد الوهاب (19 عاما) قُتل “إثر إصابته برصاصة أطلقتها قوات السلطة” خلال قمعها تظاهرة في مدينة شرق النيل بولاية الخرطوم. وبذلك ترتفع إلى 94 قتيلاً حصيلة ضحايا التظاهرات منذ الانقلاب الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر، وفق اللجنة. وأفاد شهود عيان بأن الآلاف شاركوا في تظاهرات خرجت في أنحاء السودان الأربعاء. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل وسط العاصمة الخرطوم، بحسب المصادر، بينما أكدت لجنة أطباء السودان المركزية الرافضة للانقلاب بأن “قوات المجلس العسكري الانقلابي اقتحمت مستشفى الجودة (في العاصمة) وتطلق الغاز المسيل للدموع بداخله وتروّع المرضى والكوادر الطبية وتتسبب في اختناق عدد منهم”. وسجل أيضا اطلاق غاز مسيل للدموع في ام درمان ضاحية الخرطوم وواد مدني (جنوب). وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بأن قوات الأمن السودانية انتشرت منذ صباح الأربعاء حول القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش في العاصمة، كما أغلقت الجسور التي تربط الخرطوم بمدنها الرئيسية الأخرى. وجاءت دعوات الاحتجاج ضد الانقلاب الأربعاء في الذكرى السنوية الثالثة لبدء اعتصام السودانيين أمام مقر قيادة الجيش بوسط العاصمة في 2019 للمطالبة بإنهاء حكم البشير. وأُسقط البشير في 11 نيسان/أبريل 2019 بعدما دام حكمه لثلاثة عقود. وتتزامن هذه الاحتجاجات أيضا مع ذكرى الانتفاضة الشعبية في السادس من نيسان/ابريل العام 1985 التي أطاحت بالرئيس العسكري جعفر نميري. لم ينجح اسقاط البشير في اقناع المعتصمين بإنهاء اعتصامهم أمام مقر الجيش، بل أصرّوا على المكوث لحين تسليم السلطة إلى المدنيين. وفي حزيران/يونيو 2019 قام أشخاص بالزي العسكري بفض الاعتصام ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 128 شخصا، حسب ما أكدت لجنة مستقلة لأطباء السودان. وبعد تفريق المعتصمين، اتفق المدنيون والعسكريون على فترة انتقالية يديرونها معا حتى تصل البلاد إلى حكم مدني كامل، إلا أن الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان قلب تلك الخطط رأسا على عقب. ومنذ نُفّذ الانقلاب العسكري وأطيح بالمدنيين من حكم البلاد الانتقالي، يعاني السودان من اضطرابات سياسية واقتصادية عميقة، ويخرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع لمناهضة الانقلاب. والاربعاء، أغلقت قوات الأمن الشوارع المؤدية إلى مبنى البرلمان بمدينة أم درمان غرب العاصمة مستخدمة الأسلاك الشائكة، وفق ما أفاد صحافي فرانس برس. وفي ولاية القضارف شرق البلاد، قال أحمد صلاح أحد شهود العيان إن المئات خرجوا في شوارع الولاية وحمل البعض لافتات كُتب عليها “لا لحكم العسكر” و”مدنية خيار الشعب”. كما تظاهر آخرون في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، حسب ما أفاد شاهد العيان مهدي آدم فرانس برس. وكانت الحكومة السودانية أعلنت الاربعاء “عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد”. وفي الأسابيع الأخيرة كثف النشطاء السياسيون دعواتهم، عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، لتنظيم احتجاجات الأربعاء مستخدمين عدد من الوسوم مثل “#عاصفة 6 أبريل” و “#زلزال 6 أبريل”. وقال بدوي بشير، أحد المشاركين في التظاهرات بالخرطوم، لفرانس برس “إنه يوم مهم… نتوقع خروج الكثيرين إلى الشوارع رغم الطقس الحار والصيام”. وأضاف “نريد فقط اسقاط الانقلاب”. وفي بيان ليل الثلاثاء الأربعاء، دعا ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، السودانيين إلى المشاركة في الاحتجاجات. وفي مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، قال جعفر حسن المتحدث باسم الائتلاف “نتطلع إلى (نيسان) أبريل ليكون شهر انتصارات السودانيين”. وأضاف “يجب أن يهزم السودانيون الانقلاب”. ومنذ وقوع الانقلاب يعزز العسكريون قبضتهم على البلاد خصوصا في طريقة التعامل مع المتظاهرين حيث سقط حتى الآن 93 قتيلا وجرح المئات خلال الاحتجاجات المناهضة للانقلاب فيما تشن السلطات حملة توقيفات واعتقالات تطال القيادات المدنية البارزة. كما قطعت الدول الغربية المانحة مساعداتها المالية للسودان حتى يتسلم المدنيون الحكم الانتقالي. وفاقمت الأزمة الاقتصادية ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية بشكل كبير منذ الانقلاب. وحذّر برنامج الأغذية العالمي الشهر الماضي من أن عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد سيتضاعف إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول أيلول/سبتمبر 2022. وتصاعدت معدلات الجريمة وعدم احترام القانون مع تصاعد وتيرة العنف في المناطق النائية بالسودان خصوصا في اقليم دارفور في غرب البلاد، بحسب الأمم المتحدة. والأسبوع الماضي، وقعت اشتباكات بين قبائل عربية وغير عربية أدت إلى سقوط 45 قتيلا على الأقل في جنوب دارفور. كما هدد البرهان بطرد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس بعدما حذر من تدهور الأزمة في السودان خلال إفادة لمجلس الأمن الدولي. وأكد أن “البلاد لن تسلم إلا لسلطة أمينة منتخبة يرتضيها كافة الشعب”. وكان بيرتس حذر من أن السودان يتجه “نحو الانهيار الاقتصادي والأمني” ما لم تتم العودة إلى المرحلة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بعد إسقاط البشير. وأكد أن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وكتلة ايغاد (منظمة تضم دول شرق إفريقيا) قررت توحيد جهودها من أجل إطلاق محادثات سياسية في السودان. من جهتها، دعت الولايات المتحدة الأربعاء على حساب سفارتها بالخرطوم على موقع تويتر إلى “السماح باستمرار الاحتجاجات السلمية دون الخوف من العنف”، وطالبت السلطات السودانية “بالالتزام بوعودها ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات”. من جهته، قال جعفر حسن في مؤتمره الصحافي إن الحل في “مركز موحد” يضم قوى الائتلاف والأحزاب المعارضة للانقلاب ولجان المقاومة. وقال “المخرج من الأزمة السودانية ليس بتجربة ما جربناه.. المرة الماضية جربنا الشراكة مع المكون العسكري وفشلت وانتهت بفض الشراكة وإعلان حالة الانقلاب الحالية”. وأضاف “يجب ألا نعود إلى هذه الحالة مرة أخرى”.