بيت لحم /PNN / نجيب فراج- كان لغياب الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب ورحيله عن عالمنا حضور كبير لدى الشعب الفلسطيني هذا اليوم حيث نعاه الالاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكلهم يشيدون بمواقفه المناصرة للقضية الفلسطينية التي انصهر بها حتى نخاع العظم من خلال اشعاره الثورية ، وهذا ما قاله العديد من النشطاء والكتاب والادباء والمحاضرين فحضرت فلسطين بقوة في اشعاره سواءا من خلال القصائد المباشرة "كالقدس عروس عروبتكم" أ, " كوني عاقر اي ارض فلسطين .. فهذا الحمل من الاعداء مرير ومخيف"، او من خلال القصائد الرمزية مثل "هذه الارض تسمى بنت الصبح نساها العرب الرحل عن المتوسط وقالوا عنها منسية".
وتطرق النواب في اشعاره الى العديد من الملاحم والمجازر فكتب عن ايلول وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا وعن كفر قاسم وبقية المجازر التي لا تعد ولا تحصى ولكنه تأثر بتلك المجازر التي ارتكبت على يد"ذوو القربى"، ولم يغفل النشطاء الفلسطينيين انخراط هذا الشاعر في الثورة الفلسطينية ودفاعه عنها على ارض الوقع في بيروت.
وبهذا الصدد كتب الناشط الحقوقي يوسف الشرقاوي يقول"اخر القرامطة الشاعر العراقي المقاتل مظفر النواب في ذمة الله ، فهو من سلالة فرانز فانون وناجي العلي وسليل ثقافة الحسين، فالى جنات الخلد، يا من كنت الدليل والقاموس الاصدق لشعر القرامطة والغرامشة".
وكتب سمير مطر يقول " هاهو يغادرنا الاب والقديس العظيم الشاعر مظفر النواب ويترجل الى مملكة الخلود ، لقد اغمض عينيه في مستشفى الجامعة بالشارقة بعد صراع مرير مع المرض".
وقال هاني مزهر "الشاعر العراقي العربي الكبير المناضل العبقري الثائر مظفر_النواب، مظفر عبد المجيد النواب شاعر عراقي معاصر يترجل عن جواده اليوم رحمه الله رحمة واسعة، ولد مظفر بن عبد المجيد النواب عام 1934 في الكرخ بالعاصمة العراقية بغداد، ومن أشهر قصائده "القدس عروس عروبتنا".
رياض هودلي كتب يقول "الشاعر العراقي مظفر النواب ... وداعا. شاعر الثورة الدائمة والنقاء والاصالة اغمض اليوم عينيه الى الابد في غربته المتواصلة.السلام والطمأنينة لروحه الثائرة الحزينة .
وارفق في منشوره ابيات له "سبحانك كلّ الأشياء رضيت سوى الذُلّ وأن يوضع قلبي في قفصٍ في بيتِ السُلطانْ
وَقَنِعْتُ يَكونُ نَصيبي في الدُنيا كنصيبِ الطير ،ولكنْ سُبحانَك حتى الطيرُ لها أوطانْ وتَعوْدُ إليها، وأنا ما زِلّتُ أَطيرفهذا الوطن الممتد من البحرِ إلى البحر سُجُوْنٌ مُتَلاصِقَة، سَجانٌ يُمْسِكُ سَجان
وكان الكاتب كميل حنيش قد اعتبر ان الشاعر المتمرد مظفر النواب اشتق لنفسه أسلوباً مميزاً في نظّم القصيدة الشعرية، وتبنى فلسفة شعرية منحازة للقضايا الإنسانية والعربية ولجمهور المسحوقين والمعذبين على الأرض.
والقصيدة النوابية ثرية بثقافتها ومفرداتها وإحساسها العميق، فهي قصيدة غاضبة وساطعة وعفوية وثائرة وصادقة ومخلصة ومتطرفة، وتظهر انحيازها بجرأة وبدون اختباء خلف الرموز والاستعارات، ولا تعرف النفاق أو التلون أو الدجل ولا تعترف بالهزيمة.
ومظفر النواب الشيوعي والقومي والوطني الحزين، والحالم والثائر والمتصوف والمسكون بالأوجاع الأزلية، الجاد الساخر المتفائل، قصائده سلسة وثرية في الوقت ذاته، يؤسسها بالبنادق والألغام والزهور والأنهار وعبق الأمهات والحنين لرائحة الوطن.
واضاف "انه كتب عن كل شيء إلا عن ذاته، وحين يكتب عن ذاته فإنه يكتب عن الأوجاع الجماعية، بحيث تذوب الذات في الموضوع بجدلية غير مبتذلة وإنما صادقة. تجربته الشعرية تمسكت بالبوصلة منذ النص الشعري الأول وحتى نصوصه الشعرية الأخيرة، وذاته الشعرية صلبة في مواقفها خصبة، لم تنحرف ولم تته في بيداء الهزائم والانكسارات، ولم تستسلم أمام العواصف العاتية.
وأشعار النواب التي حوصرت ولا تزال محاصرة، رغم هذا الحصار، وجدت طريقها إلى قلب ووجدان المواطن العربي وحفظها عن ظهر قلب؛ لأنها ثائرة ومستفزة وصادقة وحزينة ناطقة بلسان عشرات الملايين من الجماهير العربية الموجوعة والمتعبة".
وبهذا الصدد يقول ساهر سلمان الذي التقى مظفر النواب في سوريا بالصدفة في بداية العقد التاسع من القرن الماضي عندما التحق بجامعة دمشق للدراسة انه احب فلسطين بكل جوارحه، ويوصف ذلك اللقاء بالنسبة له انه تاريخي فقد دخل الى احدى المقاهي ببلدة الشام القديمة فكان النواب جالسا في المقهى لوحده ومنهمك بالكتابة وقد لاحظه وتردد ان يذهب اليه وهو في شك ان كان النواب الذي تاثر باشهاره وهو لم يتأكد انه هو على اعتبار ان صوره كانت قليلة ومع ذلك فذهب اليه وسأله ان كان هو الشاعر النواب فاجابه بنعم وطلب منه الجلوس وساله عن كيف تمكن من معرفته ودار حوار لنصف ساعة بينهما
واوضح ساهر له انه فلسطيني وجاء للدراسة وعلى الفور انهمرت دمعة على خده وقال له " فلسطين كل شيء .. ان بقيت بقى كل شيء عربي وان ذهبت ذهب كل شيء وذهبنا معها ، وانتم يا شعب الداخل امل الامة العربية في البقاء والثبات لانه سوف يزيل كل محاولات ومؤامرات الفناء".