الشريط الاخباري

أوقفوا الاضراب في المدارس! بقلم: د. رمزي عودة

نشر بتاريخ: 12-02-2023 | PNN كُتّاب , أفكار
News Main Image

قلم: د. رمزي عودة
د. رمزي عودة/ الأمين العام للحملة الاكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والابرتهايد

 


يستمر إضراب القطاع التعليمي  في المدارس الحكومية هذا الأسبوع أيضاً بما يمثل أزمة حقيقية في القطاع التعليمي والمجتمعي الفلسطيني.  وحسب  تصريحات بعض المعلمين المضربين، فان السبب الرئيس للاضراب يعود الى عجز الحكومة عن الإيفاء بدفع فاتورة إقتطاع الرواتب والبالغة 15% بالمتوسط، وهي نسبة مقتطعة ليست فقط خاصة بقطاع المعلمين وانما أيضاً لباقي الموظفين في مختلف القطاعات بما فيها القطاع الأمني. المشهد ليس مبشراً بالانفراج، هنالك أكثر من مليون طالب مهدد بانقطاع العملية التعليمية بما فيها طلبة التوجيهي وطلبة المراحل التأسيسية وطلبة القدس. نسبة المدارس المضربة تجاوزت 39% من إجمالي المدارس الحكومية، وهنالك بعض المدارس في القدس دخلت الاضراب بما يهدد من قدرة مدارس التربية والتعليم هناك على الصمود والتصدي لسياسات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال على مدارسنا ومناهجنا . وفي الوقت الذي تعاني فيه خزينة السلطة الوطنية من عجوزات كبيرة  بسبب سياسات الحصار المالي والضغوطات على السلطة الوطنية في قضايا الاسرى والقدس وعملية السلام والتي  منعتها من الايفاء بفاتورة الرواتب كاملة، فان مطالب المعلمين تأتي في ظل  إزداياد الضغوط الداخلية على السلطة الوطنية بما يعيق إمكانيات تحقيق المشروع الوطني والنضال من أجله في ظل إستشراس وتغول الاحتلال الإسرائيلي والهجمة العنصرية التي تقودها حكومة اليمين الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.


الفلسطينيون يعيشون الآن في مرحلة حرجة وتاريخية، تتمركز هذه المرحلة على الصمود من جهة وعلى زيادة تكاليف الاحتلال من جهة ثانية، وعلى تعزيز مشاركة الجماهير في بناء الدولة والتنمية من جهة ثالثة . وفي النتيجة، فإن سياسات الاضراب تؤدي الى تبعثر الجهود الوطنية وعرقلة جهود البناء والتنمية والصمود . بالطبع، ليست المسألة مقايضة بين الفعل الوطني ولقمة العيش، ولكن المسألة تتمحور حول الحد الادني والممكن من شروط الحياة الكريمة والكافية للمساهمة في تحقيق المشروع الوطني الذي يقوم على التحرر والبناء. وفي السياق، فان قدرة المجتمع الفلسطيني على الانخراط في عملية مقاومة المشروع الصهيوني يجب أن تكون قدرة شاملة في كافة القطاعات وأن لا تخرج أصوات المطالبة بالاحتياجات والتي هي في غالبيتها مشروعة، الى خانة تضييق الخناق وتشديد القيود على الفعل الوطني المقاوم للاحتلال. 


انا أدرك جيداً، أحقية المعلمين وغيرهم من القطاعات في المطالبة بحقوقهم المالية وبرفع الرواتب وغيرها من الحقوق، ولكن يجب أن تأتي هذه المطالب في سياق المؤسسة النقابية الممثلة للمعلمين وهي الاتحاد العام للمعلمين، وهو الاطار الرسمي للمعلمين والممثل الشرعي لهم في منظمة التحرير الفلسطينية. ولست هنا أدافع عن الاتحاد، وادرك جيداً أنه ينقصه خطوات جادة في ديمقراطية التمثيل، ولكنه مع هذا قام بالدعوة للتنسيب، بحيث إنضم اليه نحو نصف المعلمين وهو في طور إستكمال عملية العضوية، لتستكمل بعد ذلك عملية الانتخابات والتي من المتوقع أن تنتهي في أواخر العام الجاري. من زاية أخرى، فقد قام الاتحاد العام للمعلمين بخطوات مقدرة في خدمة المعلمين وتوفير إحتياجاتهم من خلال الضغط على الحكومة والتواصل معها. وبالفعل، فقد نجح  في الحصول على مكتسبات مهمة للمعلمين في القطاع الحكومي لم تستطع أن تحصل عليها أيا من النقابات الاخرى. وعلى سبيل المثال، فقد تحصل الاتحاد العام للمعلمين العام السابق على علاوة رفع طبيعة العمل للاداريين، وعلاوة بقيمة 300 شيكل لمدراء المدارس، إضافة الى تحويل علاوات الاتحاد الاشرافية الى15%، وتثبيت صرف مكافئة القدس، وإحتساب عقود التهيئة للدرجات والعلاوات والتقاعد، وانهاء ملفات معلمي غزة العالقين في تعيينات 2006 و2007 و 2008. وقد كلفت هذه العلاوات بمختلف أنواعها موازنة السلطة الوطنية أكثر من نصف مليار شيكل هذا العام. وفي غالبيتها منح  خصصت للقطاع التعليمي فقط.

وفي المحصلة، إن أولولياتنا الأساسية كشعب فلسطيني هي التحرر وبناء الدولة، ويجب أن تطغى هذه الأولوية الجمعية على كافة الأولويات، كما يجب أن تنحصر مطالب واحتياجات القطاعات المختلفة بالآليات الممكنة والمتاحة لتحقيق المشروع الوطني. كلنا مع المعلمين ومع اتحادهم الشرعي ومع مطالبهم، ولكن بالقابل نحن أيضاً مع مئات الآلاف من أبنائنا الذين فقدوا قدرتهم على التعلم، ولهذا، فان إيقاف الاضراب في الوقت الحالي سيمثل بادرة حسن نية للوساطة بين الحكومة والمضربين عن العملية التعليمية، وسيمكن الوسطاء من المجتمع المدني والسياسيين من لعب دور مهم في تحقيق المطالب النقابية، وسيمكن أيضا الاتحاد العام للمعلمين من المضي قدماً في العملية الديمقراطية وزيادة إنجازاته التاريخية في تحقيق المطالب النقابية وقيادة العمل الوطني نحو التحرر والبناء.
 

شارك هذا الخبر!