الشريط الاخباري

محام بلجيكي: فلسطين هي القضية الأكثر تعرضا للانتهاك على مستوى القانون الدولي كتب حسان البلعاوي

نشر بتاريخ: 26-03-2023 | أفكار
News Main Image

يقول  المحامي البلجيكي اليكسي دوسواف الرئيس الفخري لرابطة حقوق الانسان في بلجيكا ان القضية الفلسطينية هي ليست الاكثر دموية في قضايا الصراع التي تشتعل في مناطق عديدة في العالم في الشرق الاوسط وافريقيا ، ولكنها الاقدم في المنطقة والاكثر وضوحا في القانون الدولي لأنها تمثل القضية الاكثر انتهاكا للعدالة على المستوى الانساني بأجمعه  وبها تتركز  كل اشكال انتهاك  القانون الدولي ، مما يجهل منها قضية عالمية .
تعرف دوسواف على القضية الفلسطينية عندما كان طالبا في كلية الحقوق في جامعة لوفان لونوف البلجيكية ، في مطلع تسعينات القرن الماضي ، وكان مهتما اكثر بالقانون  الدولي ومتابعا للسياسة الدولية وكان يقرا الجرائد والكتب بشكل دائم ويضيف انه تعرف على طالب فلسطيني قادم من قرية وادي فوقين قرب بيت لحم واسمه رائد عطية والذي لعب دورا محفزا في التعرف اكثر على القضية الفلسطينية منذ نشأتها وادراك تفاصيلها التاريخية ، ومنذ ذلك التاريخ بدا يتابع الشأن الفلسطيني وينشط بالحركات التضامنية المؤيدة لفلسطين 
ويعتبر المحامي دوسواف وهو نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان  ، ان قطاع غزة  من ناحية القانون الدولي ، مازالت تحت الاحتلال رغم اعادة انتشار جيش الاحتلال الاسرائيلي في عام 2005 واجلاء مستوطنيه بحكم انه منذ انه منذ صيف 2005 ، بقيت كل منافذ قطاع غزة الجوية ، البحرية والارضية وحتى الان تحت السيطرة الكاملة لجيش الاحتلال والذي شن عدة  حروب دموية . 
ويثمن  دوسواف  المعركة  القانونية  التي تخوضها دولة فلسطين  في مواجهة قوة الاحتلال وحليفها الرئيسي الادارة الامريكية ، مسلحة  بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالقانون الدولي والانساني قائلا انه" قد لا تستطيع فلسطين بحكم الخلل الفادح في موازين القوى ، تحقيق الانتصار الكبير ، لكنها تنجز على مدار السنوات الاخيرةً، انتصارات صغيرة تودي في نهابة المطاف الانتصار الكبير بانتزاع حريتها " معطيا عددا من الامثلة منها انضمام دولة فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية وتقديمها لعدد من الملفات القضائية ضد قادة الاحتلال باعتبارها قضايا تتعلق بجرائم حرب والقرات الهامة التي تنتزعها فلسطين في مجلس حقوق الانسان" 
مع ذلك يرى ان على دولة فلسطين  ان لا تضع بيضاته في سلة واحدة بالاعتماد فقط على المحاكم الدولية ، ولكن بالتوجه الى الى المحاكم الوطنية داخل الدول الاوربية معطيا مثال التجربة في بلجيكا  ومحاولات سابقة لمحاكمة جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني ، والمثال الصارخ على ذلك قانون سابق في بلجيكا باسم الصلاحية القضائية الدولية والذي يتيح محاكمة أي شخص متهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بغض النظر اذا كان المتهم او الضحية بلجيكيا او كان مكان الجريمة بلجيكا ، وقد تقدم بهذا القانون ، النائب البلجيكي الحالي الليبرالي في البرلمان الأوروبي هو لوي ميشيل ، وهو نفسه الذي كان نائبا لرئيس الوزراء بلجيكا ووزير الخارجية ( وهو والد شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي ورئيس وزراء سابق لبلجيكا ) في عام 1999 ، وقد تم اعتماده من قبل  البرلمان الفيدرالي البلجيكي ، وقد تم بالفعل ملاحقة عدد من المسؤولين في دول افريقية وتقديمهم للعدالة البلجيكية ولكن عندما وصل الامر في عامي 2002 و2003 بطلب محاكمة الرئيس الأمريكي جورج بوش لمسؤوليته عن جرائم حرب وضد الإنسانية في العراق  وأفغانستان ومحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي اريل شارون لمسؤوليته عن مجزرة صيرا وشاتيلا عام 1982 ، مورست كل الضغوطات والتهديدات الامريكية والإسرائيلية على بلجيكا لإلغاء هذا القرار او تعديله ، وكان من ضمن التهديدات  نقل مقر الحلف الأطلسي من بروكسيل الى عاصمة أوروبية أخرى ، وامام هذه التهديدات رضخت الدولة البلجيكية ، فقامت بإدخال تعديل على القانون بحيث يربط أي ملاحقة في بلجيكا بمعنى ان يكون الضحية او المتهم هو بلجيكا او  يسكن بلجيكا او ان يكون  مكان وقوع الجريمة بلجيكا وهو لم يكن متوفرا لا في ملف  جرائم أمريكا في العراق او أفغانستان ولا في ملف جريمة صبرا وشاتيلا ، وبالتالي تم اغلاق الملفين . 
من هذا المنطلق، اي البحث عن  رابط مع بلجيكا في تقديم أي جريمة للقضاء البلجيكي تخص الفلسطينيين ، نجح دوسواف  مع عدد من زملائه المحامين البلجيكيين في اثارة قضية مواطن فلسطيني من قطاع غزة يحمل الجنسية البلجيكية ، والذي حرق الطيران الحربي الإسرائيلي مزرعته بالفسفور ، خلال عدوان 2009 ، وهو ما يشكل بنظر المحامين البلجيكيين ، جريمة حرب مكتملة الأركان  ، وعليه تم تقديم الشكوى امام القضاء البلجيكي وتم تحديد قاضي يتابع الملف وبدا التحقيق واخذ وقتا، وهذا امر متوقع  ، حتى نجح دوسواف وزملائه في 2017 ، بإقناع النائب الفيدرالي البلجيكي  بالاستماع لوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني،  خلال زيارتها والتي كانت مقررة لبلجيكا وذلك لأنها كانت على  قائمة الأشخاص الموجه لهم التهمة في جريمة قصف مزرعة المواطن البلجيكي من اصل فلسطين في غزة ، وقد خافت الوزيرة الإسرائيلية السابقة من موضوع الاستماع هذا وان يقود الى ايقافها ، فقررت الغاء رحلتها لبروكسيل تحت عذر واهي .
ويرى الرئيس الفخري لرابطة حقوق الانسان  في بلجيكا ان ما حدث ما ليفني يشكل انتصارا صغيرا ، خاصة وانها الغت بعد اشهر زيارة لها لبريطانيا ، وهو ما يدل ان المسؤولين الإسرائيليين يأخذون على محمل الجد ما يمكن ان ينتج عن شكاوي يتم تقديمها امام المحاكم الوطنية الأوربية  ليصل الى قناعة بضرورة تكرار الشكاوي ،  على نفس ما حدث في بلجيكا امام المحاكم الوطنية في أوروبا سواء من قبل مواطنين فلسطينيين يحملون جنسيات اوربية او برفع دعوات على اشخاص إسرائيليين متورطين بجرائم حرب ويحملون جنسيات أوروبية ، كما هو الحال مع مواطنة بلجيكية يهودية تحمل الجنسية الإسرائيلية تفاخر علنا انها تتراس منظمة أهلية تعمل على دعم الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية ، والتي تم فتح ملف قضائي لها امام العدالة البلجيكية منذ عام ونصف وتم تحديد قاضي تحقيق يتابع ملفها ومن المتوقع ان يطلب القاضي الاستماع لها بمشاركتها في جريمة حرب وهي الاستيطان وقد تم تزويد القاضي بملف كامل من 70 صفحة عن الاستيطان كفعل مخالف للقانون الدولي وبالتالي كجريمة حرب مكتملة الأركان ، وهذا التحرك تجاه الاستيطان من هذه الزاوية هو مكمل للتحرك الفلسطيني في محكمة الجنايات الدولية.
ويطلق نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان  على هذه المحاولات مصطلح "حرب عصابات قضائية"  في كل مكان تقود الى وضع حد للحصانة التي تحظى بها الحكومة الإسرائيلية وجيشها ، وتجعل من المسؤولين الإسرائيليين المتورطين بجرائم حرب أشخاصا مطاردين في العالم اقرب للمنبوذين ، و " حرب العصابات القضائية " تأخذ وقتا وتتطلب أيضا إمكانيات هامة بمها فيها الإمكانيات المالية . 
في هذا السياق يبن  القانوني البلجيكي الانجازات التي تحققها العديد من المبادرات الاهلية الاوروبية المتضامنة مع فلسطين على المستوى القانوني ، ومنها بالخصوص محكمة راسل حول فلسطين وهي محكمة رأي شعبية، تأسست في مارس 2009 من أجل تعبئة الرأي العام حتى تقوم الأمم المتحدة والدول الأعضاء من اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لإفلات اسرائيل من المحاسبة الدولية على الجرائم التي ترتكبها، حيث عقدت هذه المحكمة عدة مؤتمرات كان اخرها في بلجيكا في ايلول 2014 ، في تدعيم حملات المقاطعة ضد اسرائيل والتي حققت نتائج ملموسة في قطع عدد من البلديات والجامعات الاوروبية والبلجيكية علاقات تقيمها بعض المؤسسات مع الاستيطان الاسرائيلي .
في عام 2012 وبدعوة من  سفارة فلسطين في بلجيكا توجهت بعثة من  10 محامين بلجيكيين ، كان دوسواف احدهم ، الى فلسطين للاطلاع على الأوضاع بشكل ميداني ، لمدة  10 أيام تعرفوا  خلالها على كافة جوانب القضية الفلسطينية ، وهذه الزيارة عمقت وعي المحامين بالشأن الفلسطيني ، وهناك التقى المحامي بمختلف شرائح المجتمع الفلسطيني وتعرف عن قرب على معاناة الشعب الفلسطيني جراء سياسات الاحتلال من استيطان  مخطط له ومركز ، ومصادرة وحصار وتقسيم للأرض الفلسطينية ، وكان يسجل في كل يوم ملاحظات يصيغها في تقرير يومي يغطي كل جوانب القضية وعندما عاد الى بروكسيل وضع هذه التقارير بكتاب حمل عنوان  "اسرائيل ـ فلسطين : في عمق الانحطاط ، 10 ايام من اجل الفهم". ويمكن قراءة هذا الكتاب والذي يعود سريعا للتاريخ مع شهادات ميدانية خلال 3 ساعات، ولاقي هذا الكتاب نجاحا في بلجيكا وبعض المدن الفرنسية والذي زاد من وعي الراي العام بالواقع الفلسطيني ، وقد تعرض المحامي المؤلف الى حملة إعلامية ظالمة  من الأوساط المؤيدة لإسرائيل باتهامه كرئيس رابطة حقوق الانسان في بلجيكا آنذاك ، بانه  بكتابه ، معاد للسامية . 
الزيارة الأخير التي قام بها دوسواف لفلسطين كانت في أيلول 2022 ، بصفته  نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان ، وذلك للتضامن مع منظمة " الحق " القانونية في فلسطين والتي  يحتل رئيسها شعوان جبارين ، موقع الأمين العام للفيدرالية والتي تضم 187 منظمة في العالم ، عندما أعلنت سلطات الاحتلال منظمة " الحق " مع سته منظمات أهلية فلسطينية كمنظمات إرهابية ، وقد شارك في  هذه الزيارة ممثلين عن منظمتي " العفو الدولية " و " هيومن رايتس ووتش "  وقد عقد الوفد الحقوقي الدولي مؤتمرا صحفيا في منظمة " الحق " والذي اغلقته سلطات الاحتلال ووضعت الشمع الأحمر ، متحديا لقانون احتلالي إسرائيلي صادر في عام 2015 والذي بموجبه يتم اعتبار كل شخص يتواجد داخل مقر منظمة مصنفه انها " إرهابية "  بانه " إرهابي "  ، فان أعضاء الوفد الدولي هم أيضا " ارهابيون " متضامنون مع زملائهم " الارهابيون الفلسطينيون "
 

شارك هذا الخبر!