عواصم/PNN- تناقضت ردود الفعل على طلب إسرائيل من سكان شمال غزة إخلاء منازلهم والنزوح جنوباً، بذريعة حماية أنفسهم من القصف. وفيما نددت دول عربية ومنظمات أممية بدعوة إسرائيل الجمعة سكان شمال غزة لإخلاء منازلهم والنزوح إلى جنوب القطاع، محذرةً من تبعاته "المدمّرة"، دافعت، بالمقابل، دول أوروبية عن "حق إسرائيل بحماية نفسها".
ودعا الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة "كافة سكان مدينة غزة إلى إخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا "من أجل حماية أنفسهم" حسب زعمه، والتواجد جنوب وادي غزة"
منظمات أممية تحذرّ
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل "بتفادي كارثة إنسانية". وكان الناطق باسم الأمين العام للأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك قال إن "الأمم المتحدة تعتبر أنه من المستحيل ان يحصل مثل هذا النزوح للسكان بدون التسبب بتبعات إنسانية مدمرة". وأضاف أن المنظمة تطلب "إلغاء" هذه الدعوة لإخلاء المنازل.
من جهتها، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليا عن "فزعها" من دعوة الإخلاء لسكان شمال قطاع غزة، والتي تشكل وفقا لها جريمة ضد الإنسانية.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن عملية إجلاء واسعة النطاق من شمال غزة ستكون "كارثية" للمرضى في المستشفيات، إذ إن المؤسسات الصحية في جنوب القطاع تعمل بكامل طاقتها.
وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجمعة، بأن هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل لا يبرر تدمير قطاع غزة.
وأفاد الصليب الأحمر في بيان أن "لا شيء يمكن أن يبرر الهجمات المروعة التي تعرضت لها إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي" لكن "هذه الهجمات لا يمكن في المقابل أن تبرر تدمير غزة بلا حدود".
السلطة الفلسطينية: نكبة ثانية
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "رفضه الكامل" لتهجير السكان من غزة، محذرا من "نكبة ثانية". وشدد الرئيس عباس "على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا".
وفي 1948، شُرّد وطرد أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام إسرائيل. من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الجمعة إن إسرائيل ترتكب "إبادة جماعية" في قطاع غزة.
رفض مصري سعودي أردني
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، طالب الخميس، سكان قطاع غزة أن يبقوا "صامدين ومتواجدين على أرضهم". وجاء تصريحه قبل دعوة الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة للتوجه إلى جنوب القطاع، ومع تزايد الدعوات لمصر للسماح بمرور آمن للمدنيين الفارين من قطاع غزة.
من جهتها، أعلنت المملكة العربية السعودية الجمعة رفضها "القاطع لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة، وإدانتها لاستمرار استهداف المدنيين العزّل" في القطاع، في أشد انتقاد لها لإسرائيل منذ الهجوم الذي شنته حماس.
كما حذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من "أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم"، مؤكدا ضرورة "عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين"، وفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي.
وحذر الملك كذلك من "انتهاج سياسة العقاب الجماعي تجاه سكان قطاع غزة"، مؤكدا "ضرورة حماية المدنيين الأبرياء من الجانبين، انسجاما مع القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنسان".
الجامعة العربية: جريمة حرب
رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن مطالبة إسرائيل لسكان شمال قطاع غزة بالانتقال إلى جنوبه يعد "جريمة حرب جديدة". وأكد أبو الغيط، بحسب ما نشرت الجامعة الجمعة على منصة إكس، في خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة على أن "اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على القوة القائمة بالاحتلال مباشرة نقل قسري للسكان".
وقال إن "ما تقوم به إسرائيل لا يُعد عملية عسكرية مخططة... وإنما هو عمل انتقامي بشع باستخدام غاشم للقوة العسكرية لمعاقبة المدنيين والسكان".
أمريكا و"أولوياتها"
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة أن "الاستجابة بشكل عاجل للأزمة الإنسانية في غزة تشكل أيضا أولوية" له بعد القصف الإسرائيلي المكثف على القطاع الفلسطيني.
وقال الرئيس الأميركي خلال زيارة إلى مدينة فيلادلفيا (شرق) إن "فرقنا في المنطقة تعمل، بالتواصل مع حكومات إسرائيل ومصر والأردن ودول عربية أخرى والأمم المتحدة، على زيادة الدعم" الإنساني.
وأضاف "لا يمكننا أن نغفل حقيقة أن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين لا علاقة لهم بحماس وبهجمات حماس المروعة، وهم يعانون نتيجتها أيضا".
كما حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة إسرائيل على تجنب مقتل مدنيين في غزة، رافعًا حدة لهجته بعد أن عبّر عن تأييده للردّ على هجمات حماس. وقال بلينكن "لقد حضينا الإسرائيليين على اللجوء إلى كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين".
روسيا وتركيا: غير مقبول
اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحصار الإسرائيلي المحكم لقطاع غزة "غير مقبول" وشبّهه بالحصار النازي لمدينة لينينغراد السوفياتية إبان الحرب العالمية الثانية.
ورأى بوتين أن إسرائيل قد تقوم في غزة بما "يشبه حصار لينينغراد" مؤكدا أن "هذا غير مقبول، أكثر من مليوني نسمة يعيشون فيه، لا يؤيد الجميع حركة حماس". وأضاف "نفهم منطق الأحداث، لكن رغم كل العنف من الجانبين ... علينا أن نفكر في السكان المدنيين".
كما ندّدت وزارة الخارجية التركية الجمعة، بطلب إسرائيل من سكان مدينة غزة إخلاء منازلهم واعتبرته "غير مقبول". وقالت الوزارة في بيان إن "طلب جيش إسرائيل من سكان شمال غزة الانتقال إلى جنوب غزة خلال 24 ساعة لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال".
واعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ "قطع المياه والكهرباء والغذاء عن مليوني شخص محاصرين في مساحة 360 كيلومترا مربعا يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان الأساسية".
موقف أوروبي داعم لإسرائيل
ودعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إسرائيل إلى "حماية المدنيين" في رده على هجمات حماس. وقال ريشي سوناك مؤكدا أنه أثار الموضوع خلال مكالمة هاتفية مساء الخميس مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "علينا دائما أن نراعي المدنيين ونحن نفعل ذلك".
فيما ندّدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال زيارة إلى إسرائيل باستخدام حركة حماس سكان قطاع غزة "دروعاً" بشرية. وتحدثت عما أسمته "التحدّي الهائل" الذي يواجه إسرائيل في حربها ضد حماس، لأننا "كدول ديموقراطية... نأخذ المبدأ الإنساني على محمل الجد، وهو الحماية الأساسية للسكّان المدنيين".
وحض الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس اسرائيل على القيام برد "قوي وعادل" على عملية حماس. وقال في خطاب متلفز إن "الرد الوحيد على الإرهاب، الرد الوحيد الممكن، هو دائما رد قوي وعادل".
وأضاف "لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها من خلال القضاء على التنظيمات الإرهابية بما فيها حماس، من خلال ضربات دقيقة لكن مع الحفاظ على التجمعات المدنية لأن هذا هو واجب الديموقراطية".