غزة /PNN/ يواجه الأطفال الفلسطينيون حرب إبادة جماعية تشنها عليهم دولة وجيش إسرائيل في الأسابيع الأخيرة سواء كانوا في قطاع غزة او الضفة الغربية والقدس حيث يتعرض الأطفال في فلسطين لشتى أنواع القتل والتعذيب والمطاردة بدء من عمليات القصف في غزة مرورا بقتلهم في الضفة الغربية وانتهاء بعمليات الاعتقال لهم.
ويظهر تقرير اعدته شبكة فلسطين الاخبارية PNN ضمن مشروع الاستثمار في حقوق الانسان الذي تنفذه جمعية الرواد للثقافة والفنون استهداف ان احد اهم عناوين هذا العدوان هو استهداف الاطفال الفلسطينين باشكال وطرق متعددة منها القصف بالطائرات للاطفال في منازلهم بقطاع غزة والقنص والقتل والاعتقال في الضفة الغربية.
الاطفال هدف في هذه الحرب على قطاع غزة
ويشير التقرير ان الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف الأطفال في منازلهم التي من المفترض ان يكونوا امنين فيها باعتبارها احياء سكنية مدنية نصت مواثيق واعراف الأمم المتحدة على تجنيبها العمليات الحربية لكن إسرائيل تمادت وقصفت المشافي ودور العبادة في حربها المستمرة على الفلسطينيين منذ 1948 وتجددت بعد السابع من أكتوبر.
أطفال غزة ال 6 الاف الذين استشهدوا وتم دفنهم ويضاف إليهم عدة الاف اخرين ما يزالون تحت الأنقاض لمنازلهم التي قصفها الاحتلال ولم يستطع اخراجهم من تحت الأنقاض هذا الى جانب عشرات الالاف من الجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال حيث تشير الاحصائيات الى ان غالبية المستهدفين هم من الأطفال مما يستدعي العمل الجاد على حمايتهم من جهة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليون.
وتروي الطفلة مرح جمال محمد عبد الحميد ابنة الثلاث عشر عاما التي انتشلت من تحت انقاض منزلها جراء القصف الاسرائيلي انها كانت تلعب مع صديقاتها وبنات الجيران عندما تم قصف المنزل والحي بالصواريخ.
وبعد ان تم اخراجها من تحت الركام تقول مرح كنت جالسة العب مع البنات في الحي بعمري في محيط المنزل وكنت مبسوطة وفجاة حسيت نفسي تحت شيئ اسود وغبار وكل شيئ اغلق علي وحينها بدات اصرخ حتى يخرجني احد و واصلت النداء حتى بدات اشعر بانهم يزيلزن عني عني الركام وقالوا لي تشاهدي وفعلا تشاهدت لكني كنت مؤمنة بالله.
وتضيف انا الان بصحة جيدة لكن المؤلم بالامر اني كنت مع اهلي وكنت اعيش سعيدة معهم لكنهم بعد القصف اختفوا وغابوا ولم اعد اجدهم لكن بحمد الله تبقى لي اخواني الثلاث.
وعن مشاعرها في هذه التجربة المؤلمة تقول مرح وهي تبكي “حسيت بخوف كبير” معربة عن خوفها لكن ما يدعمها هو وجود اشقائها معها الان .
الاطفال في الضفة عرضة للقنص والقتل والاعتقال
الأطفال في الضفة الغربية ليسوا بأفضل حالا من اشقائهم في قطاع غزة حيث لا يكاد يمر يوم على الشعب الفلسطيني الا ويتم فيه تسجيل استشهاد أطفال جراء قنصهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تماما كما حصل مع الطفل احمد صدوق من مخيم الدهيشة والذي يمثل نموذجا لاستهداف الأطفال من قبل قناصة جيش الاحتلال سواء من ابراجه العسكرية التي تحيط بالمخيمات والمدن والقرى او من خلال الاقتحامات اليومية.
وعن ظروف استشهاد ابنها بدأت والدة الشهيد أحمد صندوق كلامها بحمدالله، واعربت عن حيرتها حيث قالت لا اعلم من اين ابدأ فأحمد انجبته بعد ١٥ عاماً من الحاح اخاه الاكبر وطلبه لإنجاب أخ صغير لأنه لا يريد أن يبقى وحيداً بالعائلة، وعندما آتى إلى هذه الدنيا عم الفرح والسرور في منزلنا واخاه طلب أن يسميه “أحمد” فقال انا الذي تمنيته وأريد تسميته.
وأضافت أم الشهيد بأن أحمد كان حنون جداً على عائلته وأخواته خصيصاً وأنه ذكي ومجتهد في دراسته مضيفةً،” أحمد ما بروح على المدرسة الا ليبسوني انا وابوه”.
وقالت انه كان موعود ببعثة لروسيا للمتفوقين بعد انتهائه من الثانوية العامة، وأنه محبوب كثيراً من قبل معلميه واصدقائه، تنهدت أم احمد قائلة “الله يحرمهم نور عينيهم الذين حرموني اياه”، وأكملت بنبرة مليئة بالحزن بأنها تحمدالله لأن ابنها حي بالجنة وهذا وعدٌ اللهي وصبرت نفسها بأذكار دينية وهذا ما يخفف عنها ويؤازرها.
وأشارت ليوم استشهاده وهو ١٩/١٠/٢٠٢٣ فقالت هو يوم مؤلم جداً ولن تنساه من ذاكرتها مهما مر الزمن، بدوري انا الذي أفرغ مقابلة ام الشهيد الطفل أحمد أريد أن انوه لصوتها المتعب ونبرته الباكية وملامحها المكلومة.
وأكملت أم الشهيد احمد كلامها عن أبنها فتقول بأنه دائما يمزح ويضحك ويجلب الفرح للمنزل، واخر سلوك حنون خرج منه قبل استشهاده كان خائف على وعلى والده من الغاز المسيل للدموع الذي كان يجتاح الجو بالمخيم كوني مصابة بأزمة صدرية.
وقالت بغصة بأنه بهجة المنزل ومن يوم استشهاده وهم يشعرون بأن المنزل هادئ وخالٍ من الحياة، فكان يدرس ويحدثها عن أحلامه وعن حماسه للمرحلة المقبلة من حياته وهي الجامعة فكان يريد التفوق واحلامه بسيطة كمثل أي طفل عادي ولكن هذا الاحتلال الغاشم يحرم اطفالنا من أبسط حقوقهم سارقاً منهم روحهم وحارماً عائلاتهم منهم.
تفاصيل الاعدام للطفل احمد من قبل قناص اسرائيلي
وشرح أب الشهيد الطفل أحمد صدوق ما حدث مع أحمد قبل استشهاده فقال: في تلك الليلة اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الدهيشة وكان أحمد يتابع الاخبار وبحرقةٍ ذهب ليفيق عائلته من النوم وقال لهم “الجيش اقتحموا المخيم وبدهم يعتقلوا عمال غزة قوموا”، فكان سبب اقتحام المخيم من قبل جيش الاحتلال هو ارادتهم اعتقال العمال الذين كانوا يعملون بالداخل المحتل وهم سكان قطاع غزة المنكوب، فأحمد كان مقهور عليهم.
وأضاف بأنه ذهب ليتأكد من وجود قوات الاحتلال وفعلاً عندما شاهدهم على بعد ٢٠٠ متر من منزله قام بإدخال أحمد واخاه الاصغر محمد إلى المنزل خوفاً عليهم كون هذا الاحتلال يستهدف الجميع ولا يهتم بمن امامه فهو يقتل الاطفال والنساء والشيوخ دون تفرقة.
وأكمل اب أحمد شرحه بما حدث فقال مرت أمام منزلنا سيارة خاصة لمواطن، اطلق عليها جيش الاحتلال قنبلة غاز مسيل للدموع فدخلت هذه القنبلة على شرفة المنزل فأصابنا اختناق فصار احمد يفتح في شبابيك المنزل محاولاً أن يخرج الدخان وبعد مرور وقت سمعنا انباء بانسحاب جيش الاحتلال من المخيم وذهب احمد للشرفة ليتأكد من ذلك.
ويضيف الوالد الحزين :" حينها سُمع صوت رصاصة زهيدة ساقطة من قناصة اسرائيلية سفيهة تسرق أرواح الاطفال دون رحمةٍ وكان هذا صوت الرصاصة التي قتلت أحمد في لحظة سالبة معها احلامه وضحكاته وروحه.
و واصل والد احمد كلامه بالقول بعد ما سمعنا صوت الرصاصة قلت لابني الاصغر أذهب ونادي اخوك لان الجيش لم ينسحب بعد ،وبعدها سمعت صوت أبني الثاني يصرخ ويصدح باسم احمد فهو رأه “مصاب”، ذهبت راكضاً اليهم رأيت “ليزر “ خارج من قناصة اسرائيلية موجودة امام بيتنا على ابني الثاني فسحبته من الخوف عليه وادخلته واحمد المصاب إلى المنزل.
اعدامه للمرة الثانية برفض نقله للاسعاف
وقال عندما رأيت اصابة احمد برأسه فقدت الأمل تماماً واستودعته إلى الله ولكن بعد لحظات رأيته يحرك يده اليمنى فاجتاح صدري بالأمل وقمت بعمل تنفس اصطناعي له وحدث استجابة بالتنفس، وافراد العائلة يصرخون ويتصلون بالإسعاف ولكن قوات الاحتلال منعتهم من الوصول وهذا موثق بشريط فيديو بين أن جيب الاحتلال ضرب الاسعاف ومنعها من دخول المخيم لتنقذ أحمد.
بعدها قمنا بنقل احمد بسيارة الجيران الخاصة إلى المستشفى وخرجنا مخاطرين بحياتنا في اجواء الاقتحام الوحشية التي يمارسها الاحتلال للمخيم، تنهد أب احمد قائلاً نحن رأينا ابننا بمشهد موته المريب بين ايدينا ، “ شفنا دمه سايح واحنا حاملينا بين ايدينا ولم يكن لنا لا حول ولا قوة”، ونحن نسير بالطريق لقيتنا سيارة اسعاف وحملت أحمد معها.
وصلنا إلى المستشفى وحاول الطاقم الطبي انقاذ أحمد من موته ولكن الرصاصة الغاشمة سرقته وذهبت بروحه إلى السماء حاملة معها قصة طفلٍ فيها احلام وأصحاب وضحكات.
مؤسسات حقوق الاطفال : ما يجري جرائم غير مسبوقة بحق الطفولة
مؤسسات حقوق الانسان عموما والأطفال خصوصا اشارت الى ان ما يجري جرائم غير مسبوقة ضد الأطفال لم تكن في حسابات العاملين في قطاع حقوق الأطفال لا المحليين ولا الدوليين حيث حجم الاستهداف للأطفال واسع بشكل كبير.
وفي هذا الإطار يقول المحامي خالد قزمار مدير عام الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال الفلسطينيين، أن ما يجري حالياً بفلسطين حدث غير مسبوق وهو يمثل حرب إبادة للأطفال
وأوضح أنه لم يعد موجود أي مكان أمن للطفولة في فلسطين فهذه الجرائم تترافق مع قرار سياسي في اعلى مستويات دولة الاحتلال الاسرائيلي تتمثل بقطع الماء والكهرباء والدواء عن قطاع غزة وتطبيقه جاء من جيش الاحتلال بحصار القطاع ومنع المدنيين من مقومات الحياة من خلال تدمير منازلهم امام الشاشات الاعلامية.
وأشار قزمار بأنهم كحركة عالمية لحقوق الاطفال و يعملوا في هذا المجال منذ اكثر من ٣٠ عام لم يعودوا قادرين على احصاء عدد ارقام الاطفال الذين قتلوا على يد الاحتلال، وغير قادرين ايضاً على هذه المتابعة فقال :لو ذكرت لك الان رقم معين بعد ساعة يتغير كلياً، جراء هذه المجازر المستمرة، مؤكداً بأن هذا الوضع غير مسبوق.
وذكر بأنهم يقومون عبر شبكة علاقاتهم العالمية والبرلمانية ومع مؤسسات المجتمع المدني بطلب فوري وهو وقف لأطلاق النار واستهداف المدنيين في قطاع غزة وتحديداً استهداف المستشفيات التي أصبحت الهدف الاول للاحتلال في اخر ايام هذا العدوان.
وأضاف قزمار أن المجتمع الدولي لم يتعامل وفق مستوى الحدث الكارثي الذي يحصل وهذا بين نفاقه وازدواجية المعايير التي يقوم عليها ويعتبر هذا السكوت مشاركة في هذه الجرائم، مضيفاً أن من وقاحة الدول الاستعمارية الاساسية بأنها من اليوم الاول وقعت وثيقة أعلنت فيها دعمها الكامل عسكرياً وسياسياً وحتى اقتصادياً لدولة الاحتلال.
وأعتقد جازماً أن هذا الدعم والضوء الاخضر من العالم ما دفع اسرائيل بارتكاب هذه الجرائم والاستمرار بها.
ودعا قرماز المجتمع الدولي وكل شخص يؤمن بالإنسانية أن يعيد النظر بما يجري في قطاع غزة ويرى جريمة الابادة الجماعية التي تعتبر سيدة الجرائم وهي أعلى جريمة ترتكب بحق الانسانية، مضيفاً ان هذه الجرائم ارتكبت بالحرب العالمية الثانية والبوسنة ومنذ ذلك الوقت العالم كله اخرج تشريعات دولية تجرمها وتجرم كل من يتعاطى معها، معبراً عن اسفه فقال بالرغم من أنهم من اخرجوا هذه القوانين الا أن هذه الجريمة ترتكب الان في فلسطين بالشراكة مع تلك الدول.
وأشار لقضية الرأي العام والعالمي والتغيير الايجابي الذي حدث بالنسبة لقضية فلسطين ولكن موجه سؤاله" كم من الضحايا مطلوب حتى يستفيق العالم الغربي وتحديداً صناع القرار".
وقال قزمار أن الامل الان يتبين في الحركات التي باتت تظهر في عدة دول اوروبية بالإضافة للجان في الأمم المتحدة تدعم الفلسطينيين واشادتهم بجرائم دولة الاحتلال، مضيفاً بأنهم يشدون على ايديهم ويتمنون أن يستمرون بهذا العمل للوقف الفوري للعدوان وتوفير مقومات الحياة فقال نحن نتحدث عن ٣٦ يوماً تحت القصف (من وقت اجراء هذه المقابلة)، ثم توفير مستلزمات الحياة بعد وقف العدوان ومن ثم العمل مع الاطفال تحديداً لتخلصيهم من اثار الصدمة النفسية التي تعرضوا لها.
وأضاف بأنهم كحركة عالمية للدفاع عن الطفولة يعملون على توثيق هذه الانتهاكات والجرائم وسيستمرون بالمتابعة لتحقيق المسائلة ومحاسبة الاحتلال عليها، مضيفاً يجب أن يناقش المجتمع الدولي القضية الفلسطينية ويعود إلى جذورها من أجل حق الفلسطيني في تحقيق مصيره لضمان عدم اعادة مثل هذه الجرائم
وأكمل قرماز رسالته للمجتمع الدولي قائلاً: أن جريمة الابادة المرتكبة في قطاع غزة وما يصاحبها من جرائم حرب في الضفة الغربية ضد الانسانية هي جرائم دولية محظورة بحسب اتفاقية جنيف الرابعة تفرض على كل دولة موقعة عليها أن تفتح ملفات قضائية وتحاسب كل دولة اخلت بها وهذه مسؤولية على تلك الدول بأن تفتح أنظمتها القضائية وهذا استحقاق في ظل تملص دولة الاحتلال من جرائمها.
وأكد بأنه يجب على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في هذه الجرائم واصدار مذكرات توقيف بحق القادة السياسيين والعسكريين لدولة الاحتلال فأسماؤهم لم تعد مجهولة، فقال أن المدعي العالم لهذه المحكمة وصل إلى معبر رفح وتحدث عن تحقيقات.
وأقر قرماز بأن يجب أن تحصل هذه التحقيقات كما حصلت في اوكرانيا فالمهنية والسرعة التي انجزها في ملف اوكرانيا والتي جعلته يصدر قرار توقيف بحق الرئيس الروسي "بوتن"، مع أن قضية الاطفال الاوكرانيين هي فقط نقلهم إلى روسيا، اما الاطفال الفلسطينيين فقد تم ابادتهم وهناك جزء كبير منهم موقوفين في سجون الاحتلال على خلاف اتفاقية جنيف الرابعة والتي تعتبر هذا السلوك جريمة حرب ويتعرضون للتحقيق والتعذيب والعزل، بالإضافة لألاف الفلسطينيين الذين قتلوا أمام الكاميرات ولم يتحرك ساكن لهذا المدعي العام.
وأضاف قرماز أن الضوء المعطي لإسرائيل من قبل العالم جعلهم يتمادون بوقاحة في جرائمهم ويمارسون هذه الابادة امام الكاميرات دون خوف، فالان يقصفون ويحاصرون منازل المدنيين والمستشفيات، مضيفا تساؤلاً أي دفاع عن النفس هذا، فالدفاع عن النفس يكون للشعب المحتل وليس للاحتلال>