تل أبيب/PNN- تشير المعطيات إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي تكبد خسائر هائلة بسبب الحرب على غزة. فقد كلفت الحرب الخزينة الإسرائيلية 250 مليار شيكل على الأقل، والإنفاق الأساسي من هذا المبلغ كان على شراء الأسلحة والذخيرة وأجور قوات الاحتياط ومصاريف إخلاء سكان من البلدات في جنوب وشمال إسرائيل. وتسبب هذا الوضع بوصول العجز في ميزانية الدولة إلى 7.2%، في أيار/مايو الفائت، ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 8% خلال العام الحالي.
ويتوقع أن يرتفع العجز المالي أكثر في العام المقبل، خاصة وأن نهاية الحرب لا تظهر في الأفق، حسب تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزرائه. لكن في حال قررت إسرائيل توسيع القتال مع حزب الله إلى حرب، تشمل اجتياحا للبنان، فإن الوضع الاقتصادي في إسرائيل سيصبح كارثيا، لدرجة احتمال الإعلان عنها أنها دولة ليست قادرة على تسديد ديونها، وفق ما أشارت صحيفة "ذي ماركر" اليوم، الإثنين.
وقبل توسيع الحرب ضد لبنان، تساءلت الصحيفة حول كيفية تمويل إسرائيل حربا مقابل حزب الله ويتوقع أن تتسع إلى حرب إقليمية: "المخازن تفرغ من الأسلحة. التدريج الائتماني يتراجع. الاقتصاد يراوح مكانه ويواجه صعوبات في الحلبة الدولية، وفي الحرب القادمة سيكون أصعب أكثر على الحكومة لتمويلها".
وأضافت أن "ثمن الحرب سيلحق ضررا شديدا بمستوى حياة أي إسرائيلي، وسيقود الاقتصاد إلى سنوات ضائعة طويلة بمراوحة مكانه أو انتعاش بطيء؛ واتساع فجوات كبيرة مجددا بين إسرائيل وبين اقتصادات الغرب".
وستشمل مصاريف حرب واسعة في لبنان الإنفاق العسكري المباشر وإخلاء سكان الشمال كلّه حتى مدينة حيفا، حسب الصحيفة. وإلى جانب المبالغ التي لن تدخل خزينة الدولة بسبب التراجع الكبير المتوقع بالنشاط الاقتصادي وانخفاض الدخل من الضرائب.
ووفقا لتقديرات "معهد أهارون" في كلية الاقتصاد في جامعة رايخمان، فإن النمو الاقتصادي العام الحالي سيسجل نسبة سلبية 2%، ما يعني خسارة بعشرات مليارات الشواكل في الدخل من الضرائب.
وأشارت الصحيفة إلى ثلاث إمكانيات متاحة أمام الحكومة كمصادر تمويل استمرار الحرب على غزة وتوسيع الحرب في لبنان، وهي: رفع الضرائب، تقليص ميزانيات الإنفاق المدني، والحصول على قروض من مستثمرين أجانب ومواطني الدولة، من خلال إصدار سندات دين خارجية وداخلية، مثلما فعلت إسرائيل ودول أخرى خلال الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة فيروس كورونا.
وتدهور جدا وضع إسرائيل المالي منذ الجائحة. وخفضت اثنتان من بين شركات التصنيف الائتماني الثلاث تدريج إسرائيل بدرجة واحدة، وأوضحتا أن حرب كبيرة ضد لبنان ستؤدي إلى تخفيض آخر. "والأخطر من ذلك، أن فوائد سندات الدين تظهر أن تدريج إسرائيل انخفض فعليا إلى مستوى BBB+، الذي يعني دفع فوائد مرتفعة جدا على أي دَين آخر تصدره الدولة"، وفقا للصحيفة.
ويتوقع أن ترفع الأسواق العالمية "علاوة المخاطرة المنتظمة"، أي نسبة العائد الذي يطلبه المستثمر مقابل كتعويض عن تحمله للمخاطر، بعشرات النسب المئوية. ولفتت الصحيفة إلى أن قدرة وزارة المالية على الحصول على دَين بالشيكل من المواطنين المحليين باتت محدودة جدا.
ويتوقع أيضا في وضع كهذا أن تقلص الحكومة ميزانيات وزارات، وخاصة ميزانيات التعليم والصحة والرفاه وكذلك ميزانيات إقامة بنى تحتية مدنية. وسينتج عن ذلك انكماش آخر في النشاط الاقتصادي. وإلى جانب تراجع كبير في الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، سيضطر المواطنون إلى شراء خدمات كهذه من مالهم الخاص، الأمر الذي سيزيد غلاء المعيشة ويمس بمستوى الحياة.
كذلك يتوقع رفع نسب الضرائب، وفي مقدمتها ضريبة القيمة الإضافية. وخطوة أخرى قد تقدم عليها الحكومة ستكون بسحب أموال من ودائع التقاعد، من خلال إلغاء إعفاءات وامتيازات ضرائب على ودائع التقاعد. وقد تلجأ الحكومة إلى فرض ضرائب على الذين يملكون أكثر من شقة وإلغاء الإعفاء من الضريبة على الذين يؤجرون شققا يملكونها.