بكين 7 أكتوبر 2024 (شينخوا) لقد صار الصراع الحالي بين إسرائيل وحزب الله محطّ أنظار الكثيرين، ولكن بعد مرور عام كامل على بدء أشد المآسي والمحن الإنسانية التي يواجهها أبناء الشعب الفلسطيني، تتعالى الأصوات الداعية إلى وضع حد فوري للأحداث الدامية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية كونها تُشكل نواة غيوم حرب شاملة محتملة يُنذر بها التصعيد الخطير في المنطقة، كما ترتفع الأصوات المنادية بدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة.
في قطاع غزة، هذا الشريط الساحلي الفلسطيني الضيّق، تسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل قرابة 42 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 9.7 ألف آخرين ولا يزال الكثيرون تحت الأنقاض. ومنذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، يعيش المدنيون هناك حياة بائسة يائسة، في كابوس لا ينتهي يئنون فيه تحت مخالب الموت والدمار جراء تعرضهم لعمليات قصف بطائرات وهجمات عنيفة بصواريخ، ناهيك عن النزوح المستمر للآلاف من السكان بين الحين والآخر تحت أوامر الإخلاء، التي ينتقلون بموجبها من منطقة إلى أخرى بل وحتى إلى أماكن غير آمنة، يعيشون فيها في خيام بلاستيكية، تحت وطأة الخوف والمرض على وجبة واحدة في اليوم لا تسمن ولا تغني من جوع، إن كانوا محظوظين.
منذ 12 شهرا وحتى الآن، يعاني 90 في المائة من المدنيين في قطاع غزة من ظروف الحصار والإغلاق ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية والدوائية بشكل كافٍ، واستمرار أعمال القتل وتدمير المنازل والبنية التحتية والمرافق الحيوية من قبل الجيش الإسرائيلي. أما الوضع في الضفة الغربية فليس أقل مأساوية، حيث تتواصل العمليات المميتة والمدمرة، التي وقع بعضها على نطاق لم يُشهد من قبل في العقدين الماضيين.
وغني عن القول أن المجتمع الدولي يولي، في محافل عدة من بينها الجمعية العامة للأمم المتحدة، اهتماما بدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة، غير أن الشعور بالإحباط واليأس يتولّد عند النظر إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، الذي لم ينل حقه في البقاء على أرضه الاحترام الواجب بعد، ناهيك عن حقه في التنمية وحقوق الإنسان الأخرى التي أصبحت بعيدة المنال بالفعل.
إن السبب الرئيس للتصعيد الخطير يكمن في عدم إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. فمنذ عقود، يعاني الشعب الفلسطيني من مظلمة تتكرر فصولها كل مرة جراء انتهاكات ممنهجة لحقوقه، الأمر الذي ينبه إلى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وإعمال حقوق الشعب الفلسطيني، من أجل إحلال السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.
حري أن نعلم أنه من الأهمية بمكان الآن تكثيف النداءات الدولية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، نتحدث عن هدنة دائمة، وليست هدنة مؤقتة محدودة الأيام مثل الهدنة التي طُبقت في نوفمبر من العام الماضي أو هدنة الساعات التي شهدها قطاع غزة خلال حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال.
لنكن واضحين، تتطلع شعوب المنطقة التي تتألم من تداعيات الأوضاع في قطاع غزة إلى وقف القتال، لاسيما اللبنانيون الذين يشعرون بالفزع والخوف مع كل غارة إسرائيلية وهم يكافحون للخروج من أشد أزمة اقتصادية؛ وكذلك اليمنيون الذين يعانون من انقسام سياسي وسط قلق من غارات انتقامية أوسع من قبل إسرائيل وحليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا.
ومن أجل إعمال حق التنمية للشعب الفلسطيني والشعوب المتأثرة في المنطقة، لابد من إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي هذا الصدد، يتعين على إسرائيل الاستجابة لنداءات ومطالب المجتمع الدولي لتحقيق السلام والتنمية، والتخلي عن سياسة الاستخدام المفرط للقوة والعنف. فقد أثبتت مثل هذه السياسة فشلها، إذ إنها لا تضر الفلسطينيين وحدهم، بل تضر أيضا حق الإسرائيليين في الأمن والتنمية.
كما يتعين على الولايات المتحدة، التي تزعم بأنها راعية لعملية السلام في الشرق الأوسط ومدافعة عن حقوق الإنسان، التوقف عن انحيازها الأعمى لإسرائيل والكف عن قراءة قضايا الشرق الأوسط من خلال اعتباراتها الجيوسياسية ومصالحها الخاصة، بل وينبغي عليها أيضا العمل بإخلاص على تحقيق هدنة دائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والشروع فورا في تنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وفي هذا المسار، نثق بأن دول العالم الداعمة للسلام لن تتأخر عن تقديم الدعم والمساعدة للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المسلوبة منذ عام 1948 بعد تحقيق هدنة حقيقية دائمة.
لقد آن الأوان لإنهاء هذا الصراع في أسرع وقت ممكن، وإيجاد حل سياسي جذري يحترم ويضمن حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الشعوب الأخرى المتأثرة بتداعيات الصراع الحالي.