الدوحة / PNN - تحركت مجدداً أطراف الوساطة، قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ومصر، وأبدت عزمها الدفع بجهودها في اللحظات الأخيرة، لتفعيل المسار الذي سجل تراجعاً بسبب توسيع تل أبيب نطاقها عدوانها، وشمل لبنان، مع التلويح بتوسيع الصراع مع إيران. وأكدت الدوحة محاولتها قدر الإمكان الوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب، وإن شددت بصعوبة التحديدات التي يواجهها الوسطاء في ظل توسع نطاق الأزمة.
وأعلنت قطر مؤخراً، مناقشة الجهود وصولاً إلى حل لوقف الحرب وإعادة الرهائن والأسرى. ودعت دول الوساطة إسرائيل لاستئناف محادثات هدنة في غزة.
وجاء التأكيد القطري في مؤتمر صحافي مشترك، عقد في الديوان الأميري، من قبل الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي.
وتحاول إدارة بايدن لعب آخر أوراقها قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي اشتعلت المنافسة فيها بين نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس، ودونالد ترامب الرئيس السابق. وأمام الدعوة المفتوحة لتحريك عجلة الحوار، أكد مسؤول في حماس أن وفداً من الحركة ناقش في القاهرة مع مسؤولين مصريين اقتراحات لوقف النار.
ويتوجه مدير وكالة المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» وليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد برنيع إلى الدوحة لإجراء محادثات مع الوسطاء من قطر ومصر بشأن صفقة لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وسيلتقي بيرنز رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وحسب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن هذه اللقاءات ستبحث مختلف الخيارات لاستئناف المفاوضات بشأن الإفراج عن المحتجزين.
وتعتبر قطر أن الأيام الماضية شهدت كثافة للهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة، خصوصاً في المنطقة الشمالية، حيث أدانت الحصار المفروض على شمال غزة والقصف الممنهج للمستشفيات ومخيمات اللجوء والذي تطور إلى إسقاط البراميل المتفجرة في القطاع.
وشدد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني على ضرورة إنهاء هذه المرحلة المؤلمة التي تمر بها المنطقة بأسرع وقت وأن يتحلى الجميع بروح المسؤولية تجاه الأبرياء والمدنيين.
وتؤكد قطر تواصلها مع كل الأطراف من أجل احتواء الوضع وتفادي أي تصعيد قد يشعل المنطقة، وتعمل على وقف الحرب في غزة ولبنان والوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار في المنطقة.
وتحذر الدوحة من أن المنطقة العربية شهدت ما يكفي، وقد آن الأوان للتركيز على إعادة السلام للمنطقة وشعوبها وتحقيق الازدهار والتنمية بدل الحديث عن الصراعات والتصعيد الذي لا ينتهي. وتجدد تأكيدها أن مساعي إنهاء الحرب مستمرة منذ 8 أكتوبر 2023 وكذلك العمل على منع توسع رقعة النزاع.
وتذكر المجتمع الدولي على ضرورة منح الحوار الفرصة لحل الأزمات، وتستشهد بدور الوساطة، في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عن الإفراج عن بعض الأسرى والرهائن ووقف مؤقت لإطلاق النار.
وتتأسف الدوحة على الفرص الضائعة منذ نحو عام، بسبب تعطيل جهود السلام، ومعها تقلص فرص الوصول إلى اتفاق لإنهاء هذه الحرب بسبب التحديات التي تنسف أي نهاية تقرب من الحل.
ترجع قطر فشل جهود التوصل لحلول سلمية لتقلص هامش تحرك الوسطاء، خاصة في حال وجود طرف من الأطراف غير منخرط في هذه المحادثات بشكل بناء وإيجابي، حيث ترى الدوحة، أن هذا السلوك قد تغير وأن يتم الضغط على كل الأطراف للوصول إلى نتائج إيجابية واتفاق لإنهاء الحرب.
وتؤكد أن دورها الذي تركز عليه، هو الوساطة وسياستها ألا تتحدث عمن يشكل عائقا أو تنقل معلومات أو تفاصيل المراحل المختلفة للمفاوضات.
وكان محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قد رحب في بداية المؤتمر الصحافي بوزير الخارجية الأمريكي، موضحا أن الاجتماع معه كان مهما ومثمرا وفرصة لمناقشة آخر التطورات في الحرب على غزة والطريق للوصول إلى حل، والجهود المستمرة ما بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية والشركاء في المنطقة وصولا إلى حل لوقف الحرب وإعادة الرهائن والأسرى.
وبين معاليه أن النقاش تناول سبل إيقاف الحرب في لبنان وكيفية التوصل إلى حل عاجل لوقف هذا العدوان والالتزام بقرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار 1701 خاصة وأن قطر حذرت منذ بداية هذه الحرب من تطور وتوسع الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط.
وأوضح أن الاجتماع تناول أهمية إيجاد حل مستدام للقضية الفلسطينية وما يسمى بـ«اليوم التالي لغزة» وهو الوصول إلى وضع مستقر ومستدام في قطاع غزة والضفة الغربية وصولا إلى الحل المستدام للقضية الفلسطينية مع إبقاء حل الدولتين كمرجع رئيسي لهذه العملية.
وأثنت الولايات المتحدة الأمريكية على الدور الذي تلعبه قطر في مجال الوساطة، وسعيها الدائم لحل المشاكل عبر طاولة المفاوضات. وعبر عن ذلك صراحة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي في آخر زيارة له لقطر ضمن جولته الإقليمية. وأكد رئيس الدبلوماسية الأمريكي، تقديره لدولة قطر على الدور الرئيسي الذي تقوم به كشريك لإيجاد السلام والاستقرار وتحقيق التقدم في المنطقة، لافتا إلى قيامها بمحاولات كبيرة لإرجاع الرهائن إلى بيوتهم والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأشاد بلينكن، بما قامت به قطر، وتقديم آلاف الأطنان من الطعام والمعدات المنقذة للحياة والأدوية للمتضررين.
وتستدرك الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبر أن تقديم المساعدات وإيصالها إلى الحدود مع غزة لا يكفي لكن من المهم أيضا أن تصل هذه المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، لذلك من الضروري أن تتخذ إسرائيل تدابير مستدامة وطارئة لإيصال المساعدات وهناك تقدم محرز وخطوات إيجابية في هذا الجانب.
يسعى الوسطاء من اليوم الأول للحرب في غزة على ألا تتسع دائرتها، لتشمل دولاً أخرى في المنطقة، وألا يكون التصعيد ضخماً والصراع أوسع، وهم يعملون على تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة والتحديات الجمة التي يواجهها الأطفال والنساء والرجال هناك خاصة مع اقتراب فصل الشتاء. وصرحت واشنطن أنها ترفض «خطة الجنرالات» التي تم الحديث عنها في الإعلام العبري، وترفض أي جهد يهدف إلى تجويع وحصار الناس وفصل شمال غزة عن باقي المناطق الأخرى في القطاع و«نحن واضحون إزاء هذا الموقف».
وتحاول قطر التحرك على جميع الجبهات، من أجل تفعيل الوساطة، حتى تحقيق اختراق ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة، ويوقف شلال الدماء ويمنع من تسرب التوتر لدول المنطقة، مع إدراكها لتبعات انفجار الوضع في المنطقة.
والتقى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري وفد حماس قبل أيام بعد استشهاد رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، وأبلغوه أنهم ما زالوا متمسكين بورقتهم المقدمة في آب/اغسطس الماضي، التي قالت فيها إن «الشعب الفلسطيني لا يمكنه قبول صفقات جزئية. يجب أن يبدأ أي جهد لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس بوقف إطلاق النار».