غزة/PNN- في شتاء قاسٍ لم يرحم الصغار ولا الكبار، يكابد النازحون في غزة ظروفًا معيشية تزداد سوءًا مع اشتداد البرد وانعدام مقومات الحياة الأساسية. خيامهم المهترئة التي أنهكتها حرارة الصيف اللاهبة لم تعد تقيهم برد الشتاء القارس، بل باتت شاهدة على معاناة أجسادهم الهزيلة التي أنهكتها الحرب.
لم يعد الأمر يقتصر على معاناة النزوح والتهجير، بل أصبح مأساة يومية يدفع ثمنها الأطفال والرضع الذين يفقدون حياتهم بسبب التجمد وانعدام التدفئة. آخر الضحايا كان الدكتور أحمد الزهارنة، الذي وُجد جثة هامدة داخل خيمته في منطقة المواصي نتيجة البرد القارس، ليكون شاهدًا جديدًا على حجم المأساة.
وفي ساعات النهار يحاول النازحين تثبيت خيامهم، خوفًا من أن تقتلعها الرياح، موضحًين أنهم يشعلون النار امام خيامهم ، لكن البرد كان أقوى من كل محاولاتهم. يقولون: “أصبحنا نخشى الموت من البرد، أجسادنا ترتعش وأطرافنا لا تشعر بشيء”.
وخلال الساعات 72 الماضية، تجمّد 3 أطفال حديثي الولادة حتى الموت في مخيّمات النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب انخفاض درجات الحرارة وعدم القدرة على الوصول إلى مأوى دافئ.
ومن بين اصوات الرياح العاتية التي تجتاح خيام النازحين في غزة، يرتفع صوت احد المواطنين يناشد العالم بمرارة والم “نحن هنا نموت من البرد.. اطفالنا يتجمدون في الخيام ، يا مسلمين يا بشر تعالوا وشاهدوا كيف يموت اطفالنا امام اعيننا.
وفي تعليقه على تفاقم الماساة التي يعيشها النازحون اوضح المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، إن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى.وأضاف في تصريح صحفي، “نحتاج وقفا لإطلاق النار وتدفقا فوريا للإمدادات الضرورية بما فيها إمدادات الشتاء”، موضحا إلى أن الأغطية والإمدادات الشتوية ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة.
واشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن عدد الأطفال، الذين يعيشون في مناطق الصراع أو نزحوا بشكل قسري من منازلهم بسبب القتال، أصبح أكبر من أي وقت مضى.
من جهتها قالت المديرة التنفيذية لمنظمة “اليونيسف” كاثرين راسل، في بيان “بكل المقاييس تقريبا، كان عام 2024 أحد أسوأ الأعوام على الإطلاق بالنسبة للأطفال في مناطق الصراع في تاريخ المنظمة- سواء من حيث عدد الأطفال المتضررين أو مستوى التأثير على حياتهم”.
وأشارت المنظمة إلى أن هؤلاء الأطفال يقتلون ويصابون ويضطرون إلى الانقطاع عن الدراسة ولا يحصلون على التطعيمات الحيوية و يعانون من سوء تغذية حاد.
واوضحت بولين إلى تفاقم الأزمة مع دخول فصل الشتاء في غزة، حيث يعاني الأطفال من برودة الطقس والرطوبة القاسية، في حين أن العديد منهم لا يزال يرتدي ملابس خفيفة لا تناسب هذا الطقس القاسي. وأضافت أن الأطفال يضطرون إلى نبش الأنقاض بحثًا عن أي مواد قابلة للاشتعال لتوفير القليل من الدفء، في ظل غياب وسائل التدفئة. كما أكدت أن انتشار الأمراض يتزايد بسرعة نتيجة تدهور الخدمات الصحية واستمرار استهداف المستشفيات بشكل ممنهج.
وقال برنامج الأغذية العالمي، اليوم السبت، إن "حياة أكثر من مليوني فلسطيني بقطاع غزة توقفت، مع عدم إمكانية الوصول إلى الغذاء والمياه والمأوى"، في ظل استمرار الإبادة الإسرائيلية منذ أكثر من 14 شهرا.
وأضاف البرنامج الأممي، "رغم بذلنا قصارى جهدنا لتقديم المساعدات المنقذة للحياة بغزة، فمن المستحيل تلبية الاحتياجات في ظل السيناريو الحالي من الصراع وانعدام الأمن والقيود".
وشدد على أن "وقف إطلاق النار في قطاع غزة تأخر كثيراً، فيما توقفت الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني مع عدم إمكانية الوصول إلى الغذاء والمياه والمأوى".
ويعاني النازحون بغزة داخل الخيام المصنوعة من القماش والنايلون من ظروف معيشية قاسية جراء شح مستلزمات الحياة الأساسية والملابس والفراش والأغطية، حيث تتفاقم مع فصل الشتاء.
واستفحلت المجاعة في معظم مناطق قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المطبق، لا سيما في محافظة الشمال إثر الإمعان في الإبادة والتجويع لإجبار المواطنين على النزوح جنوبا.