الداخل المحتل / PNN - لا يزال مصير المئات من سكان قطاع غزة مجهولا، ورغم أنهم شوهدوا في المرة الأخيرة بعد أن اعتقلهم الجيش الإسرائيلي، إلا أن الجيش يدعي أنه "ليس لديه مؤشر" على اعتقالهم أو احتجازهم، فيما تشكل المحكمة العليا الإسرائيلية ختما مطاطيا يسهل سياسة إخفاء الغزيين.
وأكدت المديرة العامة للمنظمة الحقوقية الإسرائيلية "المركز للدفاع عن الفرد"، جسيكا مونتال، إنه "اختفت آثار مئات الأشخاص بعد أن احتجزهم جنود اسرائيليين. وإما أن الجيش الاسرائيلي يرفض تزويد معلومات في هذه الحالات، أو أن الأخطر من ذلك هو أن الجنود لا يوثقون أبدا التعامل مع السكان المدنيين".
وأضافت أن "المركز للدفاع عن الفرد قدم عشرات الحالات إلى المحكمة العليا الاسرائيلية، التي رفضت أي نقد قضائي. وعمليا، المحكمة العليا في إسرائيل تشكل ختما مطاطيا لأي إعلان للجيش ومصلحة السجون في هذه الحالات".
وشددت مونتال على أن "حقيقة أنه ليس هناك من يطالب أجهزة الأمن بالتوقف عن هذه الممارسات، وخلافا للوضع الذي كان سائدا في حروب سابقة، يؤدي إلى وضع لا يوجد فيه قانون ولا قضاء بما يتعلق بمعتقلين يختفون ولا يعودون ولانتهاكات قانونية خطيرة".
وقدم مواطنون فلسطينيون ومنظمات حقوقية، في الأشهر الأخيرة، 27 التماسا يطالب بالكشف عن مصير المفقودين، ورفضت المحكمة معظم الالتماسات، لكن في حالات معدودة أجرى الجيش الإسرائيلي تدقيقا مجددا وأعلن أن معتقلين ادعى في البداية أن لا معلومات لديه حيالهم، محتجزون في سجون إسرائيلية أو أنهم توفوا، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين.
أحد الغزيين الذين اختفت آثارهم هو محمد عبد الكريم شنا (39 عاما)، الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي، في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، أثناء محاولته العبور من حاجز عسكري في جنوب خانيونس، بعدما طالب الجيش السكان بالنزوح إلى المواصي، ومرّت خمسة أشهر بعدها لم تسمع عائلته أي معلومة عنه، وبعدها قال أسير محرر إنه رآه في معتقل "شيكما" في عسقلان، وأنه لا يوجد فراش في المعتقل وأن شنا عانى من التعذيب، وفق ما نقلت الصحيفة عن ابنة شقيقه، دوحة، التي تسكن في الضفة الغربية.
بعد ذلك، حاولت عائلة شنا تنسيق زيارة محامي لشنا في المعتقل، لكن مصلحة السجون أبلغتها بأنه ليس محتجزا في معتقل عسقلان وإنما في سجن "عوفر"، قرب رام الله. وعندما توجهت العائلة إلى الجيش من أجل تنسيق زيارة، ادعى الجيش أنه "لا يوجد مؤشر" بتاتا على اعتقاله واحتجازه.
وقدم المركز للدفاع عن الفرد، في أيلول سبتمبر الماضي، التماسا طالب فيه أن تكشف السلطات الإسرائيلية حول مكان وجود شنا. عندها أجابت السلطات أنه محتجز بموجب "إجراء جنائي" في سجن "عوفر" وأن محاميا زاره، في أيار/مايو، لكن عائلته لم تعلم بكل ذلك. كما تبين أن نجل شنا، 17 عاما، اعتقل وأن محامية زارته في سجن "مجدو".
بعد ذلك شطبت المحكمة الالتماس، واعتبرت أنه حدث خطأ "يثير عدم ارتياح" في رد الجيش الأولي. وقد تكرر هذا في حالة معتقل آخر. ورفض الشاباك الكشف عن الشبهات ضد شنا، لكن الصحيفة نقلت عن مصدر أمني زعمه أن شنا اعتقل بشبهة الضلوع في "نشاط إرهابي".
واعتقلت إسرائيل عددا كبيرا من سكان قطاع غزة، منذ بداية الحرب، واحتجز قسم منهم في معتقلات في إسرائيل وقسم آخر محتجز داخل القطاع، واعتقل معظمهم بموجب "قانون المقاتلين غير القانونيين" الذي يسمح حاليا باعتقال شخص لمدة 45 يوما بدون أن يلتقي مع محام، بينما كانت هذه المدة 180 يوما في بداية الحرب، بينما اعتقل آخرون بادعاء وجود "إجراءات جنائية" ضدهم، مثل حالة شنا.
ورفضت السلطات الإسرائيلية طوال أشهر تسليم عائلات المعتقلين أي معلومات حول مصيرهم، وفي موازاة ذلك توقفت السلطات عن السماح لمندوبي الصليب الأحمر بزيارة المعتقلات الإسرائيلية.
وفي أيار/مايو، على إثر التماس قدمه المركز للدفاع عن الفرد، أعلنت السلطات عن أنه بالإمكان التوجه إليها بواسطة عنوان بريد إلكتروني وطلب لقاء محام مع معتقل بعد 45 يوما من الاعتقال، لمعرفة ما إذا كان الشخص معتقلا ومكان اعتقاله.
وبين أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر، قدم المركز للدفاع عن الفرد 901 طلب من أجل العثور على معتقلين غزيين، وتم الرد على 501 طلب حول مكان الاعتقال، بينما زعمت السلطات بخصوص 400 طلب آخر أنه "لا يوجد مؤشر على اعتقال أو احتجاز" غزيين.
المصدر / عرب 48