تل أبيب -PNN- صادق الكنيست، صباح الخميس، على تعديلين قانونيين يُعدّان من ركائز خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإضعاف الجهاز القضائي، في خطوة تفتح الطريق أمام سيطرة سياسية أوسع على لجنة تعيين القضاة، بعد جلسة ماراثونية استمرت أكثر من 18 ساعة من بينها 17 ساعة اتبعت خلالها المعارضة تكتيك إطالة الخطاب (فيليباستر).
وبدأت عملية التصويت عند الساعة 6:00 صباحًا؛ وأقرّ القانون بأغلبية 67 عضو كنيست من الائتلاف، في ظل مقاطعة كاملة للمعارضة التي انسحبت من القاعة احتجاجًا فور بدء التصويت، فيما صوّت عضو كنيست واحد ضد القانوي هو ميكي ليفي من "بيش عتيد"، والذي أوضح لاحقًا أنه "صوّت عن طريق الخطأ".
ويأتي هذا التعديل في إطار مقترحين: الأول لتعديل "قانون أساس: القضاء"، والثاني لتعديل "قانون أساس: المحاكم"، وينصّان على إعادة تشكيل لجنة تعيين القضاة لتضم تسعة أعضاء، بينهم رئيس المحكمة العليا واثنان من قضاتها، بالإضافة إلى وزير القضاء (يرأس اللجنة)، ووزير آخر تعيّنه الحكومة، وعضوين من الكنيست (واحد من الائتلاف وآخر من المعارضة)، بالإضافة إلى محاميين يُعيَّنان من قبل الائتلاف والمعارضة ويملكان المؤهلات اللازمة لتولي منصب قاضٍ في المحكمة العليا.
وبهذا، يتم استبدال ممثلي نقابة المحامين في اللجنة، ما يُضعف دورها بشكل كبير. ويُدخل التعديل تغييرًا جوهريًا على آلية اختيار قضاة المحكمة العليا، إذ يُلغي شرط الأغلبية الخاصة (7 من أصل 9 أعضاء) المعمول به حاليًا، ويستبدله بأغلبية عادية من 5 أعضاء فقط، على أن تضم هذه الأغلبية عضو كنيست من الائتلاف وآخر من المعارضة. كما ينصّ التعديل على أنه في حال عدم التوصّل لاتفاق على مرشّح للمحكمة العليا خلال عام، يقدّم كل طرف 3 مرشحين، ويختار الطرف الآخر أحدهم.
وقد بدأت جلسة مناقشة القانون ظهر أمس الأربعاء، في ظل احتجاجات شعبية واسعة ضد خطة "إضعاف القضاء" التي أعلن عنها وزير القضاء، ياريف ليفين، مطلع عام 2023. وفي محاولة تكتيكية، سحبت المعارضة قائمة المتحدثين باسمها قبل ساعات من الموعد المحدد للتصويت، فيما ألقى ليفين ورئيس لجنة الدستور، سيمحا روتمان، كلمات طويلة لإتاحة الوقت لوصول أعضاء الكنيست عن الائتلاف.
وعقب إقرار القانون، تقدمت "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" بالتماس إلى المحكمة العليا لإبطاله، معتبرة أن هدف الحكومة من هذا التعديل "هو تعزيز تأثير السلطة التنفيذية على اختيار القضاة في المحكمة العليا، وسائر المحاكم، بما يسمح بفرض تعيين قضاة 'مطيعين' يدينون بمناصبهم للسياسيين"، بدلًا من قضاة "مستقلين وحياديين".
كذلك، تقدّمت كتلة "يش عتيد" البرلمانية، من خلال عضوي الكنيست كارين إلهرار ويوآف سغالوفيتش، بالتماس مماثل للمحكمة العليا، جاء فيه أن "التعديل الجديد يؤدي إلى تسييس الجهاز القضائي، حيث سيتم اختيار القضاة على أساس الولاء الأيديولوجي والسياسي، لا المهنية، ما سيقوض أحد آخر أدوات الرقابة في النظام الديمقراطي".
وفي تعقيب مشترك، قال قادة المعارضة، يائير لبيد، وأفيغدور ليبرمان، وبيني غانتس، ويائير غولان، إن "الحكومة الإسرائيلية صادقت على قانون هدفه جعل القضاة تابعين لإرادة السياسيين"، وأضافوا "في الوقت الذي لا يزال فيه 59 رهينة في غزة، عوضًا عن توحيد الشعب وتركيز الجهود لإعادتهم، عادت هذه الحكومة لتشريعاتها التي مزقت المجتمع قبيل 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
واعتبروا أن "الحكومة لم تتعلم شيئًا من الكارثة، وتواصل تقويض التماسك الداخلي، وتعميق الانقسام، والتغاضي عن مسؤولياتها الحقيقية: الأمن، الاقتصاد، والوحدة الوطنية"، مؤكدين: "في الحكومة المقبلة، سنحرص على إلغاء هذا القانون، وإعادة اختيار القضاة إلى لجنة مهنية ومحايدة".
وكانت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، قد أعربت عن رفضها الصارم للتعديل، وقالت في رأيها القانوني إنه "في حال تم إقراره وتقديم التماس ضده أمام المحكمة العليا، فلن تدافع عنه الدولة"، مشيرة إلى أن "سلطة قضائية مستقلة هي الضمانة الأساسية لمنع تعسف السلطة"، وأن المقترح "يقوّض استقلال القضاء ويمنح الغلبة للاعتبارات السياسية على المهنية، لا سيما في المحكمة العليا".