الداخل المحتل / PNN - نجح رهان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في إدخال الولايات المتحدة إلى حربه ضد إيران، قبيل فجر اليوم الأحد، وقصف قاذفات "بي 2" بـ"أم القنابل"، التي تزن الواحدة منها قرابة 14 طنا، المنشآت النووية الإيرانية المركزية في فوردو ونطنز وأصفهان، وألحقت أضرارا كبيرة فيها.
وحاول نتنياهو، منذ سنين طويلة، إقناع الإدارات الأميركية بمهاجمة إيران من أجل تدمير برنامجها النووي، لكن الإدارات الأميركية السابقة، وخاصة إدارتي باراك أوباما وجو بايدن، رفضت ذلك، فيما وافق الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، على هجوم كهذا، إثر ضعفه الشديد أمام نتنياهو، الذي كان قد دفعه في العام 2018 إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015.
رغم ذلك، فإن ترامب لم يقرر مهاجمة إيران الآن بشكل عفوي. فقد استعد أسلافه لهجوم كهذا، من خلال تدريبات مشتركة بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي وخصوصا سلاحهما الجوي، ومن خلال تبادل معلومات استخباراتية بين أجهزة الدولتين، ومداولات مشتركة منذ سنين. ويظهر أن نتنياهو نجح في دفع ترامب على مهاجمة إيران بعد أن أقنعه بوجود فرصة سانحة لتحقيق ذلك، في أعقاب انهيار حلفاء إيران، وخاصة حزب الله ونظام بشار الأسد في سورية.
لقد رفض نتنياهو أي اتفاق نووي مع إيران، وأعلن مرارا وتكرارا، في الأشهر الأخيرة، أن أي اتفاق كهذا يجب أن يكون على غرار الاتفاق النووي مع ليبيا، في مطلع العقد الماضي، الذي فكك البرنامج النووي الليبي برمته. وكان من شأن ذلك أن يوحي لإيران أن هجوما إسرائيليا قادما، قبل أن تتوصل المفاوضات بين إدارة ترامب وإيران إلى أي تفاهمات أو اتفاق نووي جديد.
والأسبوع الماضي، فيما كان يستعد الجانبان لجولة مفاوضات جديدة، شدد ترامب لهجته تجاه إيران وصعّد تهديداته ضدها، وطالبها بأن توافق على تفكيك برنامجها النووي والاستسلام بلا شروط.
جاء ذلك في موازاة الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران ودمرت خلالها، بغارات جوية متواصلة، قدرات عسكرية إيرانية كبيرة، بينها منصات إطلاق الصواريخ البالستية، واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، والتهديد باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، بينما رد إيران لم يكن بمستوى العدوان الإسرائيلي عليها. فالصواريخ والمسيرات التي أطلقتها إيران لم تؤثر على استمرار الهجمات الإسرائيلية وإلحاق أضرار هائلة في إيران.
في هذه الأثناء، تواصل إسرائيل حرب الإبادة على غزة منذ 21 شهرا، التي لم يشوشها سوى انضمام حزب الله إلى هذه الحرب، بدعم إيراني. وهذا يعني أن إيران، كدولة، كانت الوحيدة التي حاولت الوقوف ضد إسرائيل، بينما الصمت و"الوساطة" كانا الموقفين السائدين في الدول العربية. ولهذا السبب بالذات تريد إسرائيل منع إيران من تطوير سلاح نووي، لأنه إذا أصبحت إيران نووية، ستكون حسابات إسرائيل مختلفة كليا، ومرتدعة، بكل ما يتعلق بحربها على الفلسطينيين ومخططاتها التوسعية ضد الفلسطينيين وغيرهم، وحتى من دون التهديد باشتعال حرب نووية. فالنووي هو سلاح ردع بالأساس.
منذ بداية الحرب على غزة، ادعت تقارير أن دولا عربية "مارست ضغوطا" على الولايات المتحدة من أجل وقف الحرب. لكن تبين أن لا أساس لهذه التقارير. وترددت تقارير عن أن خطة إدارة بايدن، بإبرام صفقات أسلحة مع دول الخليج، وخاصة السعودية، تشمل تطبيع علاقات بين الأخيرة وإسرائيل، ستتعرقل بحال استمرار الحرب على غزة. لكن ترامب زار الخليج وأبرم اتفاقيات وحصل على أموال طائلة، تقدر بتريليوني دولار، معظمها استثمارات خليجية في الولايات المتحدة، من دون الإعلان عن تطبيع جديد، وبالأساس من دون وقف الإبادة في غزة، التي تتصاعد باستمرار.
وادعت دول الخليج أنها مارست ضغوطا على ترامب من أجل منع هجوم إسرائيلي ضد إيران. واليوم، ثبت أن ترامب لم يمنع إسرائيل من شن حرب ضد إيران وحسب، وإنما شن هو الآخر الحرب عليها. وتدعي إيران أن منشآتها النووية تضررت بشكل سطحي جراء الهجوم الأميركي، وأنها أخرجت اليورانيوم المخصب من منشأة فوردو ونقلته إلى مكان آخر. لكن إسرائيل والولايات المتحدة في بداية استهدافهما للبرنامج النووي، ولا يتوقع أن تتوقفان قبل تدميره.
التهديد الإيراني بإغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، وباستهداف التجارة العالمية، ومهاجمة أهداف إسرائيلية في العالم، وأميركية في الخليج، قد يؤدي إلى تفاقم سوء الوضع في إيران، التي يواجه النظام فيها معارضة واسعة على ما يبدو، حسبما يدل العدد الكبير من جواسيس إسرائيل وأميركا فيها. وقد تضطر إيران إلى التهدئة، في محاولة لمنع سقوط النظام، وإلا ستبدو كمن تضرب رأسها بالحائط.
لقد ازداد الوضع خطورة الآن. والخطر الأكبر على الفلسطينيين، وخاصة الغزيين. وترامب يؤيد ويدعم تهجير الغزيين، ويدعم مخطط إسرائيل بضم معظم الضفة إليها، أي المناطق C. من سيمنع إخراج مخططي التهجير والضم إلى حيز التنفيذ؟
المصدر / عرب 48