رام الله / PNN - تشهد الضفة الغربية تصعيداً خطيراً في هجمات المستوطنين، طالت خلال الأيام الأخيرة عديد القرى والبلدات خاصة الشرقية والشمالية من رام الله، وسط مخاوف من تصاعد تلك الهجمات بشكل ممنهج، من أجل دفع الأهالي للهجرة.
ويقول مسؤولون وخبراء وكتاب ومحللون سياسيون، إنه يتم اتخاذ المستوطنين أداة تنفيذية لدفع مخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى ضم الأراضي وتهجير أصحابها الأصليين دون تحمل المسؤولية المباشرة أمام المجتمع الدولي.
ويشيرون إلى أن هذه السياسة التي ترتكز على التحريض والحماية والدعم المالي، تكشف الوجه الحقيقي لمشروع استعماري إحلالي يسعى لفرض وقائع جديدة على الأرض، فيما تتجه الأنظار إلى جرائم الحرب في غزة، ليترافق هذا التصعيد مع موجة اعتداءات دموية متصاعدة طالت القرى والتجمعات البدوية في الضفة الغربية، حيث بات القتل والتهجير القسري وسيلتين واضحتين لإرغام الفلسطينيين على الرحيل وترك أراضيهم لصالح التوسع الاستيطاني.
وأمام هذه التطورات، يرى المسؤولون والخبراء والكتاب أن المرحلة الحالية تتطلب تحركاً فلسطينياً عاجلاً لإعادة تنظيم الصفوف وتوحيد الجهود الشعبية والرسمية، وفضح هذه الجرائم على المستويين العربي والدولي، لضمان بقاء التجمعات المهددة وتعزيز صمودها في وجه آلة التهجير والاستيطان التي تهدد الأرض والإنسان معاً.
ويؤكد الخبير في شؤون الاستيطان د. خليل تفكجي أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية تعتمد بشكل واضح على المستوطنين كأداة تنفيذية للمشروع الاستيطاني، بدعم مباشر من الجيش الإسرائيلي، وذلك بهدف الالتفاف على الضغوطات الدولية والظهور بمظهر غير الرسمي في عمليات القمع والتهجير.
ويوضح تفكجي أن الحكومة الإسرائيلية تدفع المستوطنين إلى الواجهة باعتبارهم "أداة تنفيذية" لسياسات الضم وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين دون أن تتحمل الحكومة ذاتها المسؤولية المباشرة أمام المجتمع الدولي.
ويشير تفكجي إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية ارتفع من نحو 115 ألفاً مع توقيع اتفاقية أوسلو إلى أكثر من 517 ألفاً اليوم، إلى جانب نحو 235 ألف مستوطن في مدينة القدس، وهو ما يعكس مدى التوسع الكبير الذي تشهده المشاريع الاستيطانية.
ويلفت تفكجي إلى أن هذه الزيادة لم تأتِ صدفة بل هي امتداد لمخطط متتياهو دروبلس الذي وُضع عام 1979، بهدف وصول عدد المستوطنين في الضفة إلى مليون مستوطن.
ويؤكد تفكجي أن هذه السياسة لا تقتصر على الاستيطان فحسب، بل تشمل أيضاً عمليات القتل والاعتداء والتهجير القسري، معتبراً أن ما يجري من تطهير عرقي للبدو في الضفة الغربية يأتي ضمن خطة لتجميع الفلسطينيين في كانتونات معزولة بهدف إحكام السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 60% من مساحة الضفة.
ويشير تفكجي إلى أن هناك خطراً كبيراً يهدد الوجود البدوي في المناطق المستهدفة، حيث يجري العمل على تجميع البدو في مناطق محددة، بما يخدم المخطط الإسرائيلي القائم على تقليص المساحة التي يتحرك فيها البدو والسيطرة الكاملة على أراضيهم.
ويعرب تفكجي عن أسفه الشديد لتأخر التحرك الفلسطيني لدعم هذه التجمعات البدوية، سواء مادياً أو سياسياً أو حتى على مستوى التغطية الإعلامية، مؤكداً أن تجربة الخان الأحمر تُعد مثالاً نادراً على نجاح الضغط الشعبي والدولي الذي أدى للاعتراف به كقرية قائمة، لا كتجمع بدوي متنقل مع الاحتفاظ بأراضيه.
ويدعو تفكجي إلى ضرورة الاعتراف الفلسطيني الرسمي بهذه القرى كوحدات سكنية قائمة لها هيئات محلية، وعدم التعامل معها كمجرد تجمعات بدوية، لأن ذلك يفتح الباب أمام تكرار سيناريو التهجير الذي تعرضت له القرى الفلسطينية داخل أراضي الـ48، والتي لم يتم الاعتراف بها إلا بعد سنوات طويلة من النضال والضغط الشعبي والدولي.
ويؤكد تفكجي أن مواجهة هذه السياسة تتطلب قراراً سياسياً واضحاً يدعم بقاء البدو ويعزز صمودهم، ويحمي أراضيهم من المصادرة ويحول دون ضم المزيد منها للمستوطنات والبؤر الاستيطانية التي تلتهم الأرض الفلسطينية يوماً بعد يوم.
من جانبه، يؤكد مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة أن الاعتداءات المتصاعدة التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية تجري وفق مخطط منظم وممنهج، بهدف تهجير الفلسطينيين أو قتلهم تنفيذاً لما سماه زعيمهم المتطرف بتسلئيل سموتريتش في خطته المعروفة بـ"خطة الحسم".
ويوضح أبو رحمة أن جوهر هذه الخطة يقوم على فرض ثلاثة خيارات على الفلسطيني: إما الرحيل القسري، أو البقاء خادماً للاحتلال، أو القتل، حيث أن الوقائع على الأرض تثبت أن الخيارين الوحيدين اللذين يُطبّقان فعلياً هما التهجير والقتل، بينما لا مكان حتى لفكرة تحويل الفلسطينيين إلى خدم، لأن المشروع الاستيطاني الإحلالي قائم على محو وجود الفلسطيني بالكامل.
ويشير أبو رحمة إلى أن هذه السياسة مرت بمراحل متدرجة بدأت قبل سنوات عبر حملات التخويف وكتابة الشعارات العنصرية وعمليات الحرق والاعتداءات، ثم انتقلت لاستهداف التجمعات البدوية بصمت، حيث جرى تهجير 32 تجمعاً بدوياً منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى الآن، دون رد فعل كافٍ، مستغلين انشغال العالم بجرائم الإبادة الجماعية في غزة، مشيراً إلى أن تلك التجمعات البدوية كانت البداية ويجري توسيع الاستهداف نحو القرى.
ويبيّن أبو رحمة أن المرحلة الحالية تشهد تصعيداً دموياً أخطر عبر استهداف القرى مباشرة، كما حدث مؤخراً في كفر مالك والمزرعة الشرقية وسنجل، من خلال عمليات قتل مباشرة نفذها المستوطنون المدججون بالسلاح وبحماية الجيش الإسرائيلي، بهدف بث الرعب وكسر إرادة الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل عن أرضهم.
ويؤكد أبو رحمة أن صمت المجتمع الدولي، وتخاذل بعض المؤسسات، شجّعا المستوطنين على التمادي في اعتداءاتهم التي أصبحت تواجه مباشرة أصحاب الأرض الذين لا يملكون إلا إيمانهم بحقهم وإرادتهم في الدفاع عن أرض أجدادهم.
ويشدد أبو رحمة على ضرورة توحيد الجهود الفلسطينية بمختلف مكوناتها وتصعيد العمل الشعبي المنظم ضمن خطة وطنية شاملة، وعدم الاكتفاء برد الفعل أو الدفاع فقط، بل التحرك بفعاليات ومبادرات تقوض هجمات المستوطنين.
ويؤكد أبو رحمة أن التجمعات البدوية التي جرى تهجيرها بصمت كانت درسا يجب الاستفادة منه، داعياً إلى عدم ترك القرى وحيدة في مواجهة هجمات الميليشيات الاستيطانية، مشيراً إلى أن الهيئة ولجان الحماية الشعبية تعمل بكل طاقتها لتوفير مقومات الصمود، لكن ذلك غير كافٍ أمام حجم الهجمة، ما يتطلب جهداً وطنياً موحداً يتجاوز العمل الفردي والمؤسساتي ويؤسس لخطة مقاومة متكاملة توقف مخططات التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية.
بدوره، يؤكد الخبير المختص بشؤون الأراضي والاستيطان عبد الهادي حنتش أن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية ليست أحداثاً عشوائية بل تمثل ركناً أساسياً من أهداف الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن المستوطنين هم ذراع لحكومة الاحتلال التي توظفهم أداة رئيسية لتحقيق مشاريع الضم والتهجير وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين.
ويوضح حنتش أن توحش المستوطنين اليوم ليس جديداً، بل امتداد لنهج المنظمات الصهيونية المسلحة التي مارست التهجير والقتل بحق الشعب الفلسطيني عام 1948، مع اختلاف الأسماء وبقاء الهدف الأساسي ثابتاً، وهو الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية لصالح المشروع الاستيطاني.
ويؤكد حنتش أن سلطات الاحتلال لا تكتفي بغض الطرف عن هذه الجرائم، بل توفر لها غطاءً رسمياً، فضلاً عن الدعم الحكومي المباشر الذي يشمل تزويد المستوطنين بالسلاح وتوفير الحماية اليومية لهم خلال اقتحام القرى والطرق ومهاجمة الفلسطينيين، إضافة إلى تخصيص ميزانيات ضخمة لهذه المنظمات الاستيطانية لمساعدتها في تنفيذ المخططات المعدة مسبقاً.
ويشير حنتش إلى أن ما يجري في الضفة الغربية اليوم يشبه "كرة الثلج المتدحرجة"، بتصعيد أكبر، إذ كلما تدحرجت هذه الجرائم زاد حجمها واتسع نطاقها، في ظل سياسة الاحتلال التي تسعى إلى مضاعفة الاعتداءات عبر التعاون بين الجيش والمستوطنين، بما يحقق الهدف الاستراتيجي المتمثل في ضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية وتفريغها من سكانها.
ويلفت حنتش إلى أن الاحتلال كثف في الفترة الأخيرة من نشر وحدات قتالية إضافية في الضفة الغربية، ما يؤكد أن هناك مخططات جديدة يُراد تنفيذها على غرار ما جرى في قطاع غزة من تدمير وقتل جماعي، مستشهداً بما يحدث اليوم في المخيمات الفلسطينية التي تتعرض لهجمات شرسة مشابهة لتلك التي نفذت في غزة، بهدف كسر إرادة الفلسطينيين ودفعهم للرحيل، وهو أسلوب يتكرر بأداة تستخدمها حكومة الاحتلال الإسرائيلي وهم المستوطنون.
ويحذّر حنتش من أن المرحلة المقبلة تنذر بتصعيد أكبر في الضفة الغربية في ظل هذا التواطؤ بين الجيش والمستوطنين، مشدداً على ضرورة كشف هذه المخططات أمام العالم ووضع حد لهذه السياسة التي تستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه التاريخية.
من جهته، يحذر أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل د. سعيد شاهين من خطورة جنوح المجتمع الإسرائيلي نحو الفاشية والعنصرية، وخاصة المستوطنين الاستعماريين الذين ترعاهم الدولة وتحميهم حكومة اليمين المتشدد والصهيونية الدينية الدموية، مؤكداً أن هذا الانزلاق الخطير يعزز الاعتقاد الراسخ لدى الفلسطينيين بأن التوصل إلى سلام عادل مع هؤلاء "المتوحشين" المدعومين من وزراء الحكومة وقادة الأمن والجيش الإسرائيليين أصبح شبه مستحيل.
ويشير شاهين إلى أن عربدة المستوطنين وجرائمهم تسير وفق مخطط استيطاني ترعاه حكومة اليمين لإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية ما سيقود الى حمام دم شبيه بما يجري في غزة.
ويوضح شاهين أن السلوك الإجرامي المنظم الذي ينفذه المستوطنون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية بات يهدف إلى خلق بيئة مرعبة وطاردة لسكان هذه المناطق الأصلية، ما يدفع الفلسطينيين إلى التفكير الجدي في الدفاع عن أنفسهم بشتى الوسائل المشروعة المتاحة، في ظل استمرار منح حكومة اليمين المتطرف الضوء الأخضر لتنفيذ اعتداءات مدروسة ضمن خطة واضحة المعالم.
ويشير شاهين إلى أن هذه الخطة تسعى لإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية من أراضيهم، من خلال تكثيف الهجمات والتنكيل بهم وإرهابهم، في مسعى مكشوف لتنفيذ مشاريع استيطانية توراتية لفرض واقع جديد يقوم على بناء ما تسمى "إسرائيل الكبرى" خالية من الوجود الفلسطيني، لا سيما في مناطق "ج" و"ب" في الضفة الغربية، بهدف وأد الحلم الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة قابلة للحياة وإنهاء أي فرصة لتطبيق مبدأ حل الدولتين، محذراً من أن هذا النهج الاستيطاني الخطير يسير بموازاة الفظائع التي تُرتكب في قطاع غزة، ولكن بأساليب وأدوات مختلفة لتحقيق الهدف ذاته.
ويدعو شاهين إلى ضرورة خلق جبهة فلسطينية موحدة قادرة على مواجهة هذه المرحلة الحرجة، من خلال تشكيل إطار وطني جامع تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الجديدة، التي يجب أن تحتضن كافة القوى الفلسطينية دون استثناء، ضمن قواسم وطنية مشتركة تضمن وحدة الصف ولا تسمح بمزيد من الانقسامات.
ويؤكد شاهين أن تصعيد اعتداءات المستوطنين وغياب الحماية الدولية قد يدفع الأوضاع في الضفة الغربية والقدس إلى حمام دم يشبه ما يجري في غزة، إذا لم تتدخل دول الجوار والمجتمع الدولي لتلبية نداءات الرئيس محمود عباس بتوفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني.
ويعتبر شاهين أن إصلاح النظام السياسي الفلسطيني وبناء استراتيجية نضالية موحدة من أهم الخطوات لمواجهة مشاريع التهجير والتطهير العرقي التي تنفذها حكومة الاحتلال ومستوطنيها.
الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي يقول إن التوحش الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية لم يأتِ مفاجئاً، بل كان متوقعاً ومخططاً له مسبقاً من قبل القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية المتطرفة، التي تدعم الوجود الاستيطاني وتوسعه بشكل مباشر عبر تزويد المستوطنين بالسلاح والتدريب والمال، إضافة إلى تأمين الحماية لهم خلال اعتداءاتهم المتكررة على الطرق الخارجية والقرى الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات.
ويؤكد عنبتاوي أن الاعتداءات الدموية الأخيرة، ومنها قتل ثلاثة شبان في قرية كفر مالك شرق رام الله وقتل شابين آخرين قبل أيام في المزرعة الشرقية شمال رام الله، هي جزء من هذا المخطط الممنهج لدعم الاستيطان وفرض واقع يصعّب حياة الفلسطينيين ويدفعهم قسراً للهجرة وترك أراضيهم.
ويبيّن عنبتاوي أن هذه السياسة تأتي في إطار المشروع السياسي الإسرائيلي الهادف إلى تحويل الصراع في الضفة الغربية من صراع تحرري لشعب يرزح تحت الاحتلال، إلى مجرد صراع "مدني" بين مواطنين يهود وعرب، كما ورد في بيانات الجيش الإسرائيلي الذي وصف اعتداءات المستوطنين على بلدة كفل حارس مؤخراً بأنها "اشتباكات بين مدنيين"، في حين أن الحقيقة هي اعتداءات مسلحة من قبل مستوطنين متطرفين ضد قرى فلسطينية أعزل، تحت حماية الجيش نفسه.
ويشير عنبتاوي إلى أن ما يحدث اليوم في الضفة يجري بالتوازي مع حرب الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة، حيث تغطي ألسنة اللهب في غزة على ما يُدبّر للضفة من عمليات تهجير وتدمير للوجود الفلسطيني برعاية أمريكية وصمت دولي وعربي، مشدداً على أن هذا المخطط لم يبدأ بعد السابع من أكتوبر 2023، بل كان مُعداً مسبقاً وتم التخفيف من وتيرته مؤقتاً مع اندلاع الحرب، ليعود اليوم بقوة أكبر مع سعي حكومة نتنياهو والمتطرفين من أمثال بن غفير وسموتريتش لاستغلال اللحظة.
ويحذر عنبتاوي من أن المشروع الاستيطاني الحالي يهدف عملياً إلى ضم نحو 61% من مساحة الضفة الغربية ووضع ما تبقى في كانتونات معزولة، تمهيداً للضم الشامل لاحقاً والقضاء الكامل على الوجود الفلسطيني التاريخي، بما يعيد إلى الأذهان نكبة عام 1948 ولكن بصيغة جديدة وأكثر إحكاماً.
ويدعو عنبتاوي إلى مواجهة هذا المشروع عبر إعادة بناء القوة الفلسطينية من خلال إنهاء الانقسام وتوحيد الصفوف وتعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية سياسياً واقتصادياً وأمنياً، إضافة إلى ضرورة كشف هذه المخططات أمام العالم وكسب الدعم الشعبي والقانوني الدولي لمواجهة مخططات الضم والتهجير، مشدداً على أن هذا المشروع يستهدف فلسطين بالكامل من النهر إلى البحر ويمتد إقليمياً ليحقق لإسرائيل هيمنة أمنية وسياسية واقتصادية على المنطقة بأسرها.
بدوره، يحذر الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى من أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة تمضي في تنفيذ استراتيجيتها القائمة على توسيع الاستيطان وممارسة الإبادة والتطهير العرقي بشكل بطيء ومدروس دون إثارة انتباه المجتمع الدولي المنشغل حالياً بجرائم الإبادة الجماعية في غزة.
ويوضح موسى أن الاحتلال لم يوقف يوماً أنشطته الاستيطانية قبل السابع من أكتوبر 2023، بل زادت وتيرتها بعد اندلاع الحرب، حيث نجحت الحكومة الإسرائيلية في إلهاء المجتمع الدولي بما يجري في غزة، بينما تعمل في المقابل على ترسيخ مشاريع الاستيطان وتهويد المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويشير موسى إلى أن هدف نتنياهو الواضح من هذا التصعيد هو إرضاء المستوطنين المتطرفين الذين يعتمد عليهم في تحالفه السياسي، لضمان بقائه في الحكم واستعادة قوته أمام صناديق الاقتراع مستقبلاً، لافتاً إلى أن هذا المخطط سيشهد تصعيداً أكبر مع أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة.
ويؤكد موسى أن الضفة الغربية، وخاصة القرى والمخيمات الفلسطينية، ستشهد في الفترة المقبلة عمليات تدمير ممنهجة، في محاولة مكشوفة لتقويض حق العودة وإبادة قضية اللاجئين من الذاكرة السياسية والقانونية الدولية، وتنفيذ مخططات استيطانية استعمارية.
ويربط موسى ذلك بالهجمات الممنهجة التي تتعرض لها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بالتزامن مع منح الضوء الأخضر للمستوطنين بممارسة المزيد من العنف ضد القرى المحاذية للمستعمرات.
ويحذر موسى من تكرار سيناريو الحرق الذي مارسه المستوطنون سابقاً بحق عائلة دوابشة في قرية دوما جنوب نابلس وحرق الطفل محمد أبو خضير في القدس، مؤكداً أن غياب المحاسبة شجع المستوطنين على تبني هذا النهج الإرهابي كأسلوب لإرهاب الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن أرضهم.
المصدر / جريدة القدس