بيت لحم /PNN / لا تُعد الخلافات التي يشهدها المستوى السياسي الإسرائيلي ممثلاً برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والمستوى العسكري ممثلاً برئيس الأركان "إيال زامير"، حول عملية احتلال مدينة غزة، سوى استنساخ لتجربة "نتنياهو" مع السلف "هيرتسي هاليفي".
ورغم قناعة "نتنياهو" بفداحة الثمن الذي ستدفعه "إسرائيل" من عملية احتلال مدينة غزة، إلا أنه "جهّز نفسه لاحتمال الفشل، بتحميل الجيش ورئيس أركانه المسؤولية"، وفق مختص بالشأن السياسي.
وبالأمس عاد "زامير" لدعوة "نتنياهو" للقبول بصفقة جزئية مطروحة على الطاولة، على الرغم من مصادقته تحت ضغط الحكومة، على خطة احتلال مدينة غزة الأسبوع المنصرم.
وعلى أثر ذلك، خرج مسؤول سياسي، من الواضح أنه من طرف "نتنياهو"، يقول إنه وعلى خلفية تصريحات زامير الأخيرة، فإن "نتنياهو" يدرس على تعيين قائد على الجيش بصلاحيات أعلى من "زامير".
وبالرغم من نفي مكتب "نتنياهو" هذه التصريحات، إلا أنها لا تُعد سوى تهديدًا منه لـ"زامير"، بغطاء مسؤول إسرائيلي، وهو الأسلوب الذي يمارسه "نتنياهو" في الإعلام العبري.
ظاهري وفعلي
ويقول المحلل السياسي خلدون البرغوثي إن لاحتلال مدينة غزة أسبابًا ظاهرية، غير صحيحة، وأخرى مبطنة هي الحقيقية.
ويضيف "ظاهرياً وبعد تدمير معظم القطاع تعتبر المستويات الأمنية والسياسية في إسرائيل أن ثقل القوة العسكرية لحماس هو في مدينة غزة ومخيمات الوسط وفيها معظم الأسرى، لذلك يجب احتلالها".
ويستدرك "لكن فعلياً وفي ظل القناة المشتركة بين سموتريتش وبن غفير ونتنياهو ومسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية بضرورة احتلال غزة، فإن لكل دوافعه، سموتريتش وبن غفير وربما إدارة ترمب سواء احتلال أو تهجير أو استيطان".
أما "نتنياهو" فإضافة لذلك، فإن الحرب في غزة إذا استمرت باحتلال المدينة فستستغرق عسكرياً شهرين للسيطرة وسنتين أو أكثر للتطهير من المسلحين.
ويجزم البرغوثي أن هذه المدة تعني إطالة أمد الحرب وبالتالي إطالة عمر حكومة "نتنياهو"، وإبعاد شبح المساءلة، وهو السبب الفعلي لاحتلال المدينة بالنسبة له.
ويؤكد أنه في حالة الفشل سيتم تحميل الجيش ورئيس أركانه "زامير" المسؤولية، لأنه عند تعيين تعهد بتحقيق أهداف الحرب التي فشل فيها سلفه "هيرتسي هاليفي"، فالمصالح الحزبية والأيديولوجية والشخصية هي التي حسمت مصير المعركة منذ الصفقة الأولى في نوفمبر ٢٠٢٣ وحتى الآن وهذا ما أثبته تحقيق صحفي إسرائيلي بث الخميس الماضي.
استنزاف دون حسم
وعن الانتصار والحسم الذي يتذرع به "نتنياهو" بإحتلال المدينة، يقول المحلل السياسي "حسب كل قادة المنظومة الأمنية والعسكرية السابقين وبل القادة السياسيين السابقين والكثير من الحاليين، فإنهم يخشون من جر إسرائيل لحرب استنزاف طويلة، ستكون نتائجها خسارة عدد كبير من الجنود".
ويضيف "كما سيزيد الأمر من تدمير صورة إسرائيل عالمياً، واتخاذ إجراءات أشد تجاهها مع ارتكابها المزيد من الفظائع في القطاع".
وبما معناه "أنه قد يتم تدمير المدينة، لكن ذلك لن ينهي حرب العصابات التي تتكبد فيها إسرائيل خسائر في المناطق التي ينتشر فيها جيشها، بل ستتورط في حكم عسكري".
ويضيف لما سبق "أن إسرائيل تخشى تحمل مسؤولية مليوني فلسطيني، ولهذا ثمن سياسي وقانوني بالغ، فضلاً عن الثمن الاقتصادي الذي يتوقع أن تكون تكلفة احتلال غزة واستمرار الحرب بعشرات مليارات الشواقل، ما يعني تراجع الاقتصاد الإسرائيلي داخليا وربما تصاعد الحصار عليه دولياً".
كل هذا -يصل البرغوثي- إلى أنه لا يشكل انتصاراً أبداً، إذا أضيف إليه الفشل في استعادة الأسرى بل ومقتلهم، وهذا يعني الفشل في تحقيق أهداف الحرب، والتورط في حرب لا نهاية لها.
ويجزم أن هذه النتائج هي أيضًا حسب التحليلات الإسرائيلية، وهي بنظر الكثير من الخبراء والقادة الإسرائيليين هو عين الهزيمة.
ورغم كل ما سبق، فإن الذهاب إلى العملية مرجح -ما لم تحدث مفاجأة ما وغير متوقعة-، لكن سلوك "نتنياهو" حتى الآن، وظرفه الخاص قانونياً وحزبياً لم يتغير، ما يعني أن نهاية الحرب تعني نهايته شخصياً وسياسياً، حسب البرغوثي.
ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 62 ألف شهيد، بالإضافة لما يزيد عن 156 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.