رام الله /PNN/ وصال أبو عليا - من قرية المغير شمال شرق رام الله، القرية المهددة بالاستيطان والتهجير، خرج الشاب فادي أبو عليا (28 عامًا) حاملاً معه حلمًا ظل يكبر معه منذ الطفولة. فادي لم يرَ في قريته ملعبًا أو مساحة حقيقية للموهبة، لكنه رأى ما هو أهم: مواهب مغمورة تحتاج فقط إلى من ينمّيها ويمنحها فرصة الظهور.
البداية: حلم طفل يصبح مشروعًا مجتمعيًا
بهذا الإيمان، أسس أبو عليا أكاديمية المغير بإمكانات بسيطة وانضم له سبعون متدربا تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات إلى 17 عاما، واضعًا هدفًا واضحًا بأن يحوّل الأطفال والفتية في قريته إلى لاعبين يمتلكون الثقة والطموح. ومع شغف اللاعبين وإصرارهم، استطاعت الأكاديمية أن تصنع لنفسها اسمًا لامعًا في عموم الضفة، رغم أن المغير لا تملك ملعبًا. وحققت الأكاديمية أكثر من 20 بطولة، وصار اسمها حاضرًا في كل مشاركة، ولاعبوها يقفون باستمرار على منصات التتويج.
تحديات المكان: طريق محفوف بالخطر وبلدة بلا ملعب
يقول أبو عليا إن الطريق نحو النجاح لم يكن سهلاً. فقرية المغير تفتقد لملعب كرة قدم، وهو ما شكل عائقًا كبيرًا أمام تطوير مستويات اللاعبين. وحتى الوصول إلى ملعب قرية ترمسعيا لم يكن أمرًا بسيطًا؛ إذ يمر الطريق قرب بؤرة استيطانية خطرة، ما جعل تنقل اللاعبين للتدريب مخاطرة يومية تهدد حياتهم.
لكن فادي أبو عليا ولاعبيه لم يستسلموا. حملوا معداتهم، وتحدّوا الطريق، وكسروا حاجز الخوف، ليحافظوا على حلمهم ويثبتوا حضورهم رغم كل الظروف.
اكتساب الخبرة: من المغير إلى أكاديمية جوزيف بلاتر
ومن ثم جاء انضمام أبو عليا إلى أكاديمية جوزيف بلاتر للناشئين عام 2023 ليكون مدربا، شكل محطة ونقطة تحول حقيقية في رحلته. هناك، اكتسب خبرة أعمق في عالم التدريب والإدارة، وتعلم كيفية تطوير اللاعبين بشكل تدريجي واحترافي وفق تعبيره. مضيفا أنه كان للكابتن عبد الناصر بركات، المدرب الدولي المعروف، دور بارز في صقل مهارات فادي وتعزيز خبرته، مما انعكس بشكل واضح أيضا على مستوى أكاديمية المغير ولاعبيها.
ومع ازدياد المسؤوليات، ضم فادي أبو عليا، الكوتش بسمة المنسي، لتصبح أول مدربة كرة قدم في القرية، حيث شكلت إضافة نوعية، وساعدت في تنظيم العمل داخل الأكاديمية ورفع مستوى الأداء، وكانت خطوة مميزة غيّرت النظرة المجتمعية لدور المرأة في الرياضة.
ثمار الجهد: ثقة وبروز وعلاقات تتوسع
يؤكد أبو عليا أنّ ما صنعه، تغيّر معه كل شيء، فقد بدأ الأطفال والشباب في أكاديمية المغير يشعرون بثقة أكبر بأنفسهم، ووسعوا دوائر علاقاتهم مع لاعبين من مختلف القرى والمدن. وأصبحوا معروفين ومحبوبين، وصار الناس يرون فيهم قصة نجاح تتشكل أمام أعينهم، وحلمًا جماعيًا ينهض رغم الواقع الصعب الذي يفرضه الاستيطان والتهديدات المستمرة بالتهجير للأهالي في قرية المغير.

رؤية نحو المستقبل: من قرية مهددة إلى ملاعب العالم
يحمل فادي أبو عليا رؤية طموحة لمستقبل الأكاديمية: ويشدد على أنه يسعى بأن تخرج الأكاديمية لاعبين قادرين على تمثيل المنتخب الوطني الفلسطيني، وآخرين يحترفون في الدوريات العالمية، وينقلون للعالم رسالة واضحة:نحن نستحق أن نحلم، نستحق أن نعيش، ونستحق أن نصنع مستقبلًا مثل كل أطفال العالم.
قصة فادي أبو عليا ليست مجرد مشروع رياضي؛ إنها قصة إصرار، وانتماء، وحلم وُلد في قرية مهددة بالاستيطان، لكنه اختار أن يكبر بدلًا من أن ينطفئ.
تم إعداد وإنتاج هذه القصة بتنفيذ شبكة فلسطين الإخبارية PNN ضمن مشروع خطوات من خلال شركة ميديا بلس بتمويل من الاتحاد الأوروبي.


