غزة -PNN- أبدت إندونيسيا وإيطاليا، في اللقاء الذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة أمس الثلاثاء، بهدف تهيئة الأرضية لإنشاء قوة الاستقرار الدولية التي ستُنشر في قطاع غزّة، استعداداً لإرسال جنود إلى القوة متعددة الجنسيات، غير أن هذا الاستعداد جاء مشروطا ببقاء القوة في الجانب الذي تسيطر عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، وفق ما أفادت به وسائل إعلام عبرية، فيما تغيّبت أذربيجان، رغم أنها دُعيت إليه وكانت مرشحة لأخذ دور في غزة.
بالمقابل، ورغم عدم مشاركة تركيا في اللقاء، بسبب ما فُسّر على أنه معارضة إسرائيل، تنقل وسائل إعلام عبرية عن مصادر مطّلعة، أن تركيا لن تتنازل بسهولة عن إرسال قوات إلى غزة.
وذكرت صحيفة هآرتس العبرية، أن أذربيجان لا تنوي المشاركة في القوة الدولية، ولا تعتزم الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام (اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل) في المستقبل المنظور، رغم تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة "ناقشت بشكل فعّال" ضمّها. وعلى خلاف كازاخستان، التي انضمت إلى الاتفاقيات بعد سنوات طويلة من العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لا ترى أذربيجان حاجة للانضمام إليها لأغراض ترويجية فقط.
وبحسب قائمة وصلت إلى الصحيفة العبرية من مصادر دبلوماسية، فإن أذربيجان ليست الدولة الوحيدة التي دُعيت إلى المؤتمر لكنها لم تشارك فيه، بل أن نحو 15 دولة دُعيت إلى الدوحة لكنها لم ترسل ممثلين، بينها دولتان من آسيا الوسطى، هما تركمانستان وطاجيكستان، وعدة دول أوروبية مثل بلجيكا، ورومانيا، وإستونيا، وكذلك دول من شرق آسيا بينها كوريا الجنوبية ونيبال. أما تركيا، التي أعلنت مراراً رغبتها في المشاركة في قوة الاستقرار، فلم تُدعَ إلى المؤتمر إطلاقاً. ووفقاً لتقديرات المصادر الدبلوماسية، فإن الأمر مرتبط بالمعارضة الإسرائيلية القاطعة لاحتمال مشاركة تركيا في قوة الاستقرار. وأضافت المصادر أن تركيا وقطر حاولتا تغيير القرار الأميركي بهذا الشأن، دون نجاح.
بالمقابل، من بين الدول التي حضرت المؤتمر: ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، المغرب، الإمارات، البحرين، الأردن، مصر، السعودية، كازاخستان وأوزبكستان، اليونان، قبرص، وكذلك اليمن، البوسنة والهرسك والدولة المعترف بها جزئياً كوسوفو.
ولفتت الصحيفة إلى أن اسم أذربيجان كدولة قد تكون جزءاً من القوة الدولية في غزة طُرح لأول مرة الشهر الماضي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قبل وقت قصير من التصويت على المقترح الذي يدعم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب. وخلال النقاش، أشار سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، مايك والتز، إلى أذربيجان وإندونيسيا كدول ستُنشر قواتها في القطاع. وقبل نحو أسبوع، عقد وزير خارجية أذربيجان، جيحون بيراموف، مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في باكو. وأشار بيراموف إلى أن بلاده طرحت أسئلة بشأن قوة الاستقرار التي يجري تشكيلها لكنها لم تتلقَّ بعد إجابات عليها، من بينها مسألة صلاحيات القوة، ولذلك "لا يوجد قرار نهائي بشأن مشاركة القوات الأذرية" فيها. وأوضح بيراموف أن بلاده قلقة من مسألة التفويض الذي ستتلقاه القوة، كما طرح أسئلة حول مشاركة دول أخرى فيها.
وأشارت الصحيفة العبرية، إلى أن مقاطعة أذربيجان للمؤتمر، رغم أنها اعتُبرت مرشحة "مريحة جداً" للمشاركة في القوة الدولية، بسبب علاقاتها الجيدة مع تركيا وإسرائيل، تعني أنها تفضّل عدم إدخال نفسها في المأزق المعقّد لقطاع غزة. ومنذ بداية عملية تشكيل القوة، قدّر مسؤولون إسرائيليون أن باكو ستتحفظ على المهمة، تحديداً بسبب عدم رغبتها في تعريض علاقاتها الجيدة مع تركيا وإسرائيل للخطر.
شروط إندونيسيا وإيطاليا للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية
في السياق، أفاد موقع "هيوم" العبري، التابع لصحيفة يسرائيل هيوم، نقلاً عن مسؤولين مطّلعين على التحضيرات الأميركية لبناء القوة الدولية، لم يسمّهم، قولهم إن إندونيسيا وإيطاليا مستعدتان لإرسال جنود إلى القوة متعددة الجنسيات المقرر انتشارها في غزّة، بشرط أن تبقى القوّة في "الجانب الإسرائيلي" من القطاع، شرق الخط الأصفر، وألا تكون على تماس مع حماس. وأضاف أن موافقة إيطاليا على الطلب الأميركي بالانضمام، جاء بعد ضغط من الإدارة الأميركية على بعض دول أوروبا، ومن المحتمل أنه بعد الانتشار الأول ستنضم دول أخرى، بينها اليونان وفرنسا.
ومع ذلك فإن معظم الدول ، باستثناء إيطاليا وإندونيسيا، غير مستعدة حتى الآن للانضمام قبل نزع سلاح حماس، وذلك رغم مشاركة أكثر من 24 دولة في المقر الدولي في كريات غات، الذي يشرف على وقف إطلاق النار ويُعدّ لانتشار القوات الجديدة. وبعد أن أعلنت إسرائيل معارضتها دخول جنود أتراك، لفت الموقع، إلى أن تركيا ستشارك حتى الآن، فقط في المرحلة الثالثة من خطة ترامب، مرحلة إعادة الإعمار، ومن دون جنود مسلّحين. كذلك يوجد قوة فلسطينية تضم بضع مئات من الجنود، مدرّبة في مصر، وهي أيضاً مدرجة ضمن قائمة القوات، غير أن إسرائيل تعارض في هذه المرحلة دخول قوات فلسطينية، بذريعة انتمائها لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية.
وتشير معلومات نشرها الموقع العبري، أنه في المرحلة الأولى من انتشار القوات، سيتمركزون فقط في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية جنوب القطاع، بداية في قاعدة واحدة يجري بناؤها في رفح، ولاحقاً في عدة قواعد أخرى، جميعها في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية. ويدفع الأميركيون بقوة نحو بدء الانتشار في الأسابيع القريبة، حتى لو لم تنفّذ القوة في هذه المرحلة المهمة الأصليّة التي خُصصت لها، وذلك بهدف إعطاء دفعة لمسار تبنّي خطة ترامب، وبدء محادثات المرحلة الثانية، وكذلك لإضفاء شرعية على القوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة.
وبرغم عدم حماسة إسرائيل وقلقها من أن قوة كهذه قد تعرقل "نشاطها" الأمني، إلا أنها، وفقاً لذات الموقع، تتعاون مع الخطوة، وتسمح ببناء القاعدة الأولى في جنوب القطاع. كما يتم إدخال معدات، ومركبات ومبانٍ متنقّلة عبر المعابر إلى تلك القاعدة. وقال مسؤول أمني إسرائيلي إن دخول هذه القوات سيضع المقر الدولي في كريات غات تحت الاختبار، إذ من المفترض أن يوفّر تنسيقاً بين القوات ويمنع الاحتكاكات. وبحسب قوله، فإن القوات التي ستدخل ستساعد أيضاً في الحفاظ على النظام وتوزيع الإمدادات في المنطقة الإنسانية في منطقة رفح. وأضاف أن تنسيقاً وثيقاً مطلوب أيضاً مع الميليشيات المحلية المناهضة لحماس، التي تعمل في هذه المنطقة.
قبول الموقف الإسرائيلي
من جهتها، أفادت القناة i24 العبرية، بأن الإدارة الأميركية أوضحت أن عدم دعوة إسرائيل إلى المؤتمر الذي عُقد أمس في قطر، لا يعني أن موقفها غير محسوب. ونقلت عن مسؤول أميركي أن السبب في عدم وجود تمثيل إسرائيلي بسيط، وهو أن "إسرائيل ليست جزءاً من القوة. هي طرف والقوة ستعمل معها، لكنها ليست عضواً فيها ولذلك لم تُدعَ إلى المؤتمر". بالمقابل، ذكرت القناة أنّ عدم دعوة وفد تركي إلى النقاشات يُظهر أن الموقف الإسرائيلي، الذي عارض مشاركة تركيا في القوة، قد تم اعتماده. ومع ذلك، قال دبلوماسيون إقليميون للقناة، إن الأمر ليس نهائياً بالنسبة للأتراك، الذين "يواصلون الضغط على الإدارة الأمريكية ليكونوا جزءاً من القوة، وهم لم يتنازلوا إطلاقاً (عن ذلك)".
وفي الأسبوع الماضي شدّد المبعوث الأميركي، توماس برّاك، في مقابلة مع نفس القناة، على أنّه يدعم مشاركة تركيا. وقال: "تركيا ليست لديها سياسة عدائية تجاه إسرائيل، آخر ما يفكرون فيه هو الإمبراطورية العثمانية. اقتراحنا هو أن القوات التركية يمكن أن تساعد في خفض التوتر. أنا أفهم لماذا إسرائيل لا تثق بهم، لكن هذا يمكن أن يكون مفيداً بالتأكيد".