تل أبيب / PNN - تجري تل أبيب مناقشات مكثّفة على أعلى المستويات السياسية، استعدادًا للاجتماع المُرتقب الذي سيجمع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، في الولايات المتّحدة، بظلّ مساع إسرائيلية لإقناع الأخير بتبنّي المواقف الإسرائيليّة من عدّة قضايا رئيسية على رأسها إيران، ونزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة، وكذلك خطوة مماثلة إزاء حزب الله في لبنان.
وأجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية، وكبار مسؤولي الأمن، مؤخّرا، مشاورات بشأن إيران في ضوء التقارير -وبعضها تقارير نشرتها وسائل إعلام عالمية- المتعلقّة بتسريع وتيرة إعادة تشغيل برنامج الصواريخ الباليستية.
وفيما يُتوقَّع أن تُثار القضية في اجتماع نتنياهو مع ترامب، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين "يشكّكون في إمكانية أن يُعطي ترامب، الضوء الأخضر، لشنّ غارات جوية واسعة النطاق، والتي قد تؤدي إلى تصعيد كبير، بحجة إعادة تشغيل برنامج الصواريخ"، بحسب ما أوردت هيئة البثّ الإسرائليية العامّة ("كان 11")
وتأمل تل أبيب أن تُسهم التقارير بشأن خطط العمل المحتملة التي تُبحث في إسرائيل في توضيح الأمر للإدارة الأميركية، قبل اجتماع نتنياهو وترامب.
ويُتوقّع أن يلتقي نتنياهو بالرئيس الأميركيّ في التاسع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في منتجع مارالاغو، وأن يؤكِّد أن "التطوّرات في طهران، لا تُهدّد إسرائيل فحسب، بل تُهدّد المصالح الأميركية والإقليمية أيضا".
وتقدّر إسرائيل وفق التقارير، بأن إيران تُعيد بناء قدراتها التي تضرّرت في الهجمات الإسرائيلية السابقة، وتعمل على إعادة بناء أنظمة دفاعها الجويّ، "التي تُعدّ تهديدا أكثر إلحاحا من المجال النوويّ".
وأكد مسؤولون إسرائيليون، وصفهم تقرير "كان 11"، الأحد، برفيعي المستوى، أن إيران تعمل بجدّ على ما يبدو لإعادة بناء بعض الأنظمة التي تضرّرت بشدّة خلال الحرب الإسرائيلية، قبل نحو ستة أشهر، ولا سيّما في مجال الصواريخ الباليستيّة، وأنظمة الدفاع الجويّ.
وتُشير المصادر ذاتها إلى أن إسرائيل تُقدّر بأن "الأرقام أقلّ بكثير من تلك المنشورة في وسائل الإعلام الأجنبية".
وعَدّت هيئة البثّ الإسرائيلية أن "احتمالية التصعيد في إيران تتزايد مجدًّدا، لأسباب من بينها الضغط على طهران، التي تستغلّ الخطاب المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الداخلية؛ فمن بين أمور أخرى، هناك انخفاض حادّ في قيمة العملة المحليّة، وارتفاع في الأسعار، ولا سيّما أسعار الوقود، وأزمة مياه حادّة"، في حين تراقب إسرائيل عن كثب التطوّرات في إيران، بالتعاون مع واشنطن.
وبينما تبقّى أسبوع على الاجتماع "الحاسم" بين نتنياهو وترامب، تقدّر تل أبيب هذه المرةّ، بأن "مهمّة بالغة الصعوبة تنتظر نتنياهو"؛ لذا تجري مناقشات مكثّفة على أعلى المستويات السياسية استعدادًا للاجتماع، و"الرغبة الإسرائيلية هي إقناع ترامب بالقضايا الرئيسية: نزع سلاح حماس وحزب الله، ومواجهة إيران التي تُزيد إنتاجها من الصواريخ الباليستيّة، والحفاظ على التفوّق النوعيّ في المنطقة"، وفق ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر موقعها الإلكترونيّ (واينت).
وفي ما يتعلق بإيران، أشار التقرير إلى أن إسرائيل "تُدرك أن الرئيس الأميركيّ، ليس راغبًا في المعركة، وأن واشنطن لا تُحبّذ تصوير هذا الأمر على أنه عاجل وفوريّ".
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن طهران "لم تستخلص العِبَر من الحرب، لكنهم يُراعون أن ترامب لن يرغب في المشاركة في هجوم جديد"، بحسب التقرير الذي ذكر أنه إذا تمكن نتنياهو من الحصول على "الضوء الأخضر، لشنّ هجوم إسرائيليّ، فسيُعدّ ذلك إنجازًا".
ويتمحور الخلاف الرئيسيّ في قطاع غزة بشأن المدة الممنوحة لحماس، لنزع سلاحها، إذ إن هناك خشيةّ إسرائيليّة من أن تُجري حماس "استعراضًا" وتُظهِر عملية نزع سلاح، ثم يضغط الوسطاء على إسرائيل للمضيّ قدمًا في المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار، التي من المفترض أن تنسحب خلالها إسرائيل من "الخطّ الأصفر".
وفي غضون ذلك، "تمنح إسرائيل فرصة، لكنها تجعل الانتقال مشروطًا بنزع حقيقي للقوّة، لا مجرّد استعراضات".
ومع ذلك، تقدّر إسرائيل أنها "ستُضطرّ في نهاية المطاف على نزع سلاح حماس، وليس ’قوة الاستقرار الدولية’، التي لم تُنشأ بعد".
و"من بؤر التوتر الأخرى، لبنان، حيث يسود تفاؤل نسبيّ، نظرًا لتقدُّم الحكومة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله الثقيل، على الأقل في ما يتعلّق بجنوب لبنان"، وذلك في ظلّ تحرّكات لبنانية على أعلى مستوى، وآخرها كان استقبال رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، رئيس الوفد اللبناني المفاوض لآلية الإشراف على وقف إطلاق النار، والإعلان أن المرحلة الأولى من خطة نزع الأسلحة، المتعلقة بالمنطقة الواقعة جنوب نهر الليطانيّ، تقترب من نهايتها، مشدّدا على أن بيروت "مستعدّة للانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تشمل المنطقة الواقعة شمال الليطاني".
ويأتي ذلك مع تواصُل الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، بشكل يوميّ، وآخرها الأحد، إذ استشهد شخص وأُصيب آخران بغارتين إسرائيليتين استهدفتا سيارة ودراجة نارية ببلدة ياطر.
ولتحقيق أهدافه بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية، قبل أن تعيد حماس جثّة آخر أسير، وتتخلّى عن سلاحها، والحصول على الضوء الأخضر لمهاجمة إيران؛ "سيقدّم نتنياهو لترامب معلومات استخباراتية حديثة عن إيران وحزب الله وحماس".
ويصطحب نتنياهو معه على متن الرحلة إلى الولايات المتحدة، والدة آخر أسير قتيل مُحتجَز في القطاع، في محاولة لإقناع ترامب بمساعيه، وتعتقد إسرائيل "أنهم سيتمكنون من إقناعه في اللحظة الحاسمة".
كما ينصبّّ تركيز آخر، بحسب "واينت"، على الحفاظ على التفوّق النوعيّ لإسرائيل، و"كبح النفوذ التركيّ".