الشريط الاخباري

خيانة

نشر بتاريخ: 24-07-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم/ د. خالد معالي

يتعرض أحيانا الفرد العادي؛ كما هي الدول والشعوب والقادة؛ للطعن في الظهر ومن الخلف، وليس من الأمام؛ وهو ما يعرف بالخيانة، وكلما كان الفرد أقرب؛ كانت الطعنة أقوى واكبر تأثيرا، ولكن الله ورحمة بالبشر؛ جعل المنافقين والخونة قلة قليلة بين الشعوب والأفراد، ومنبوذة على الدوام.؛ سرعان ما يكشفهم ويفضحهم؛ قبح صنيعهم، حتى ولو أتقنوا ظاهريا فن التصنع، وأعجبك قولهم في الحياة الدنيا، وتظاهروا بالشرف وحسن الخلق، (ومكر أولئك هو يبور).

على الدوام الحصاد من جنس البذار؛ ومن يقول بغير لا يعرف شيئا من البديهيات والمسلمات المفروغ منها؛ ف"من يزرع خيانة؛ يحصد نذالة"؛ على شاكلة ما زرع الغرب من ضباط – قلة قليلة - خونة في الجيش التركي صوبوا سلاحهم نحو أبناء شعبهم، ولم يحترموا حرمة السلاح وطهارته الذي كان من المفترض أن يوجه على الدوام؛ نحو الأعداء فقط.

عندما تكون الخيانة من قبل أفراد عاديين لأفراد عاديين مثلهم؛ فان وجعها يكون محصورا بهم، وتأثيره محدودا ويمكن حصره، كونه صغيرا لا يمس كافة أفراد المجتمع؛ ولكن عندما تكون الخيانة جاءت أو حصلت من قبل المثقفين والأكاديميين والمفكرين؛ فان ألم ووجع الخيانة يمس الوطن وبحاجة لجهود جبارة للتخفيف من اثر الطعن في الظهر والخيانة، وقد يلزم جهود كبيرة جدا؛ قد تطول لسنين؛ لمحو أثر الخيانة.

ماذا نقول للذين باعوا ضمائرهم وأقلامهم وعقولهم من العرب؛ لأجل حفنة من المال المتسخ؛ تلقوها من الدول الغربية أو غيرها؛ لإشباع نزواتهم وشهواتهم الفانية؛ (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)، ولا مكان لهم في التاريخ وصناعة الحضارات العظيمة.

ما الذي يدفع بعض الأشخاص والإفراد أيا كن موقعهم وحادثتهم؛ أن يخونوا؟! إنها التنشئة الغير سليمة والقائمة على أسس غير سوية، فمن ينشأ؛ على قيم التضحية والإيثار وحب الناس والطيب من القول والفعل، ليس كمن ينشئ؛ على الحقد والكراهية والبغضاء وتتبع عورات الناس وتصيد هفواتهم وأخطائهم، والفاحش من القول!؟

تعظيم قيم العدل والتسامح ومحبة الناس، والتضحية وفداء الوطن بالغالي والرخيص، والأسلوب العلمي في الجدال والنقاشات، يزيد الحراك نحو تطوير وحرية الوطن وسرعة مواكبة الشعوب والأمم المتحضرة، ويوصل بنا نحو القمة والمجد؛ بالمقابل؛ انتشار الفساد والمحسوبية وخيانة الأمانة، وتعكير صفو الحياة والمجتمع؛ بجعل التناقضات الثانوية هي الشغل الشاغل؛ بدل التناقض الرئيس مع الاحتلال وأعوانه؛ وهو ما يرجعنا للخلف سنوات ويدمر طاقات وأخلاق ونمو المجتمع؛ وهذا لا يحوز للشرفاء أن يسكتوا عليه.

الخيانة درجات؛ فلا يجوز لرب الأسرة مثلا أن يخون عائلته بعدم تربية أبنائه على قيم حب الوطن والتضحية والإيثار والصبر، والتسامي على الجراح، كم انه لا يجوز لمدير أو مسئول في بلدية أو أية مؤسسة؛ ومهما كان موقعه صغيرا أو كبيرا؛ أن يدخر من جهده ووقته شيئا في خدمة وطنه وأهله وشعبه وناسه الذين أحبوه، وأوصلوه لما هو عليه.

كل فرد في المجتمع الفلسطيني له حقوق وواجبات؛ وكونه واقع تحت أعتى وأشرس وأظم احتلال عرفه التاريخ؛ صارت الواجبات كثيرة جدا، وصار لزاما أن تكون قدرة تحمله أكثر من الآخرين والشعوب الأخرى.

تنشئة طلائع التحرير، والجيل الصاعد على رفض الظلم، وتدريبهم منذ الصغر على كافة المستويات الصحيحة والخيرة؛ وزرع الأخلاق النبيلة فيهم، والتنشئة السياسية السليمة في عقلهم ووجدانهم؛ تجعل قيم الشر والخيانة – لاحقا- عندهم صفرا، ومن هنا صار لزاما أن نضع الخطط والبرامج المحكمة للجيل الصاعد؛ كي يواصل مشوار تحرير الوطن، ونشر قيم المحبة والتسامح والتطور والازدهار.

شارك هذا الخبر!