الشريط الاخباري

السجن العربي الكبير

نشر بتاريخ: 12-08-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم : حمدي فراج

بوقفه اضرابه عن الطعام تضامنا مع الكايد ، يكون احمد سعدات قد صعد من جديد على منصة أخرى من منصات النضال . قد يتساءل البعض : كيف ؟

لقد صدر قرار عن المنظمة الحزبية داخل السجون ، - خارج السجون منشغلون في انتخابات البلدية – بأن يوقف سعدات ومن معه اضرابهم التضامني لكي يفسحوا المجال امام كوكبة اخرى من المناضلين الاسرى للمشاركة الذاتية في معركة الجوع ، وبمجرد موافقة سعدات على ذلك ونزوله عند قرار المنظمة ، يكون بذلك قد اثبت انه قائد حقيقي من طراز فريد ، وهو الامين العام للحزب والمنظمات المتفرعة برمتها . ويظن البعض لربما انه قد اوعز لهذه المنظمة كي تتخذ مثل هذا القرار ، وفي هذا ما لا يضيره ، ولكنه على الصعيد الذاتي كان بوده ان يواصل اضرابه حتى الرمق الاخير ، فهو بدون ادنى شك في اعلانه الاضراب قد اعطى زخما قويا لقضية الكايد ، وجعل منها قضية كونية في سجلات الاسرى والسجون والنضال عموما ، ودفع بدولة اسرائيل العاتية الى حيث يجب ان تكون في الزاوية المظلمة معتمدا بذلك على جوعه ، ولا شيء آخر الا هذا الجوع .

ان نزول سعدات ، عند قرار منظمة حزبية كبيرة كانت ام صغيرة ، يعني انه في لحظة معينة يتناسى موقعه الاول في التنظيم ، و يصبح عضوا عاديا شأنه في ذلك شأن اي عضو ، عليه ان يستجب للقرار ، الذي بحد ذاته كان قرارا صائبا وحكيما ، فلقد بلغت درجات القلق على حياة هذا القائد الفذ ، مبلغا كبيرا لدى قطاعات واسعة من الشعب والامة واحرار العالم ، وكدت من خلال هذه الزاوية "المعادلة" ان اوجه له رسالة مفتوحة اناشده فيها وقف اضرابه عن الطعام .

ان وقف سعدات اضرابه عن الطعام لا يعني ولا بأي حال وقف الاضراب ، بل تعويمه على كل الرفاق ، بحيث يصبح الامر متاحا امام الجميع المشاركة في قدسيته لفترة أطول ولكن على دفعات .

واذا كان العالم العربي بالتحديد ، قد تعود على زعيم "لا ينطق عن الهوى" ، وزعيم "انا ربكم الاعلى" ، "وانتم قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما أشاء" ، فإن سعدات وهو الاسير الذي يتعفر في قيده منذ خمس عشرة سنة ، ينتظر مثلها قبل ان يتحرر ، فإنه يعمّد هذه الفترة مما تبقى من عمره ، بجوع رهيب ، يراه حدا ادنى في التضامن مع اسير انهى مدة محكوميته ورفضت سلطات الاحتلال اطلاق سراحه . لكنه ، مع ذلك يلتزم بقرار غيره في شأن يخصه ويخص جوعه وامعاءه . كم سنة ضوئية نحتاج كي نرى سعدات آخر في ربوع هذا الوطن الكبير ، الذي هو في الحقيقة ليس الا سجنا كبيرا ، وزعماؤه ليسوا أكثر من مساجين .

شارك هذا الخبر!