الشريط الاخباري

صراع محموم في المنطقة العربية

نشر بتاريخ: 28-10-2016 | أفكار
News Main Image

بهاء رحال

في نهاية كل ما يجري في المنطقة، خاصة في العراق وسوريا صفقة، ربّانها ليسوا عرباً بل امريكيون وروس وهذا ما سيحدث في النهايات والعرب وحدهم يدفعون ثمن الصفقة، ارواحاً ودماء وخراباً وجهلاً وقسمة وتشتتاً وضلالاً في الارض وبعض التيه، ستؤدي الى الاندثار اعواماً قادمة، اعواماً لا تقوم بها للعرب قائمة وهم غارقون في بحر الخراب حتى يتفق الطرفان العنيدان على اتمام الصفقة، تلك الصفقة التي لا احد يعرف كيف تتم واين تتم ولكن الكل سيعلم بنودها في المحاصصة على تقاسم خيرات البلاد ونفوذهم فيها ومدى سطوتهم عليها، بينما سيجد العرب انفسهم غارقين في الخراب الذي اصابهم عبر السنوات بين تحالف هنا وتحالف هناك. وبين هذا وذاك ضاعت كرامة العرب وقوتهم وقدرتهم وخيراتهم..

رحى الحرب الدائرة في سوريا والعراق واليمن معروفة اسبابها وكثير من الكتاب والمحللين اسهبوا في وصفها وتحليلها وتمحيصها الدقيق، وهذا ما لا انوي الدخول فيه حتى لا تكون الصورة مكررة، بل انني احاول من خلال هذا الكلام ان اقول ان الاطماع الاستعمارية في المنطقة لم تتوقف، ولو اتخذ الاستعمار اشكالا جديدة غير الشكل التقليدي القديم، لكنها وفي مجملها تؤدي الى ذات النتيجة والغايات في السيطرة والنفوذ والاستحواذ على خيرات البلاد وتطويعها، ولو لم تكن الصورة بهذا الشكل لما رأينا هذا التدافع الى المنطقة وهذه الحروب التي تأكل الاخضر واليابس، وتبتلع كل ما في طريقها، تاركة خلفها الخراب، خراب التراب والتاريخ وتدميره بكل الادوات الوسائل، وخراب الانسان الذي بات في حيرة في أمره وهو يرى جماعات تقتل جماعات ومجموعات تقاتل مجموعات، ومن حوله جهات تدافع عن جهات وتدفع لهم الأموال والسلاح وتعمل على تدريبهم على اعمال القتل والنهب والسرقة والتخريب والتدمير، وهذا ما باتت عليه الصورة يومياً في وصف حالة من التطرف والتعصب الاعمى وسط بحر من الدماء والجوع والفقر والهجرة هرباً من واقع بائس وظروف قاهرة وامتحان صعب تعيشه البلاد العربية التي يسعى الاستعمار ان تكون بهذا الشكل من الجاهلية.

ما يجري في المنطقة كلها هدفه واضح وهو اعادة تقسيم خريطة المنطقة وفق اطماع واستحواذ الدول الاستعمارية التي لها اليد العليا، وكل ما يجري هو لخدمة هذا المشروع وللأسف فإن حال الوطنيين في بلادنا العربية غير قادر على مواجهة هذه الاطماع وهذه السياسات وهذه الحروب المندفعة في كل اتجاه، فلا احد يرد ويدفع هذا الاستعمار الى الوراء، وسط حالة من تنامي تيارات عصبية وقبلية وطائفية تؤدي خدماتها لتلك الدول الاستعمارية وتمارس القتل وتمعن فيه قسوته ودمويته وهذا ما نجح به الاستعمار في زرع تلك الآفات التي حاربتنا وتحاربنا بهذا الشكل وهذه الطريقة الهمجية والمنبثقة من افكار جاهلية ليس لها رؤى ولا تطلع لمستقبل.

الصراع المحموم الدائر في المنطقة قائم على فكرة التقاسم والاستحواذ على نفوذ اكبر وأوسع رغبة في اشباع الاطماع الاستعمارية الحديثة التي منذ اعوام قررت غزو البلاد العربية فأسقطت انظمة وأعادت انتاج انظمة جديدة وخلقت حالات من التطرف التي ضربت بها عصب الامة الواحدة، وصنعت وجوها وأسماء تؤدي مهام القتل وتخريب التراث وضرب النسيج الاجتماعي والوطني والانساني، وهذا ما تحقق بالفعل حيث نرى الصورة امامنا قاتمة وسوداء، وغريبة جداً في التحريض على القتل وزيادة الخراب والدمار، ونحن نسمع ايضا يومياً تلك الاصوات التي تكذب علينا، وتلك الايدي التي تحرض على ذبحنا وقتلنا وزيادة فرقتنا لنضيع في شتات طويل.

الدول التي تتكالب على المنطقة لا تسعى لتقديم خدمة لنا، ولا تسعى لنهوض أوطاننا، بل هي تسعى للاستحواذ على نفوذ اوسع في منطقتنا العربية رغبة في تحقيق اطماعها فيها، تلك المنطقة التي تم تمزيقها بفعل جماعات متطرفة ساعدت على بث الفرقة والانقسام، وأدت الى هذا الشكل الدموي العنيف الذي ما كان ان يحدث لولا مساندة تلك الدول الكبرى التي تدفع بعجلة الحروب وصولاً الى قسمة ترضى عنها تلك الدول في صفقة قادمة لا محالة، وكل هذا على حساب الوطن العربي والمواطن العربي والاقتصاد العربي والتاريخ والتراث الحضاري العربي، بينما العربي لا يفهم ذلك وإن فهم فإنه سرعان ما يتحزب لهذه الجهة او تلك وهذه هي المصيبة.

شارك هذا الخبر!