الشريط الاخباري

سفارة ترامب قنبلة ستنفجر في وجه الجميع

نشر بتاريخ: 20-01-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم المحامي زيد الايوبي

لا شك ان فكرة نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس سبقت انتخاب الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب ، فقد اصدر الكونجرس الامريكي في 23/10/1995 قانون عرف باسم قانون سفارة القدس والذي صدر بأغلبية ساحقة (93 مقابل 5 في مجلس الشيوخ، 374 مقابل 37 في مجلس النواب)و يقضي بالشروع بتمويل عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس على أن يتم ذلك في حدّ أقصى هو 31/5/1999، والتأكيد على بقاء القدس مدينة موحدة كعاصمة لإسرائيل مع الإشارة الى أن الأمر متروك للرئيس لتقدير ما إذا كان ذلك يضر المصالح العليا للولايات المتحدة أم لا، إذ إن الأمر يقع ضمن صلاحيات الرئيس كأعلى سلطة تنفيذية وللعلم فقد تعرض هذا القانون لسهام النقد من قبل المختصين الامريكيين كونه اعتداء برلماني على صلاحيات الرئيس باعتبار ان موضوع هذا القانون هو من صلاحيات السلطة التنفيذية وليس التشريعية وهو رأي مستشار وزارة العدل الامريكية في ذلك الوقت الذي اعتبر ان هذا القانون غير دستوري كونه صدر عن سلطة غير مختصة بإصداره.

الان الرئيس ترامب الذي عرف عنه عنصريته وشدة كراهيته للعرب وللمسلمين كان الاكثر جدية في التعاطي مع موضوع نقل سفارة بلاده الى القدس بعد ان كان هذا الموضوع مجرد شعار انتخابي يتداوله المرشحون للرئاسة الامريكية منذ صدور قانون السفارة الانف الذكر . ترامب الذي حقق نجاحات واسعة في عالم المال والتطوير العقاري سيبدأ حياته السياسية بتفجير قنبلة ستلتهم شظاياها الاخضر واليابس في كل مكان بتنفيذ وعده المشؤوم بنقل السفارة الى القدس دون ان يعطي أي اعتبار للمعاني والدلالات التي ينطوي عليها هذا الاجراء من الناحية القانونية والسياسية

فالناحية القانونية لاشك ان الخطوة الترامبية المتهورة هذه تتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الامن التي عبرت في العشرات منها عن استيائها لعدم احترام اسرائيل للقانون الدولي وأدانت قانون ضم القدس واعتبارها العاصمة الابدية لكيان الاحتلال الاسرائيلي والذي صدر عن الكنيست الاسرائيلي في يوليو 1980 ليرد عليه مجلس الامن الدولي بالقرار الشهير رقم 478 والذي اكد على ان قانون ضم القدس يتعارض مع القانون الدولي ودعى الدول التي لها بعثات دبلوماسية في القدس الى سحبها وما يميز هذا القرار انه صدر بأغلبية اربعة عشر عضوا وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت تماما كما امتنعت في القرار التاريخي الجديد الذي صدر عن مجلس الامن والذي يحمل الرقم 2334 والذي ادان فيه المجلس الاستيطان وأكد على ان كل الاجراءات التي تتخذها حكومة الاحتلال في القدس اجراءات باطلة ولا تغير من الوضع القانوني للمدينة المقدسة . اما من الناحية السياسية فإن سفارة ترامب الذي ينتوي نقلها الى المدينة المقدسة ستكون بمثابة القنبلة التي ستنفجر في وجه الجميع ، نعم ستنفجر في القدس لكن شظاياها ستتناثر في هذا العالم لتصل الولايات المتحدة ،لان نقل سفارة ترامب الى القدس يمثل عدوان سافرا على حقوق وتاريخ وثقافة العرب والمسلمين في القدس ومسا خطيرا بمشاعرهم فالقدس لطالما مثلت لهم بعدا روحيا وثقافيا وحضاريا مهما نظرا لوجود المسجد الاقصى وكنيسة القيامة فيها .

ان نقل السفارة الامريكية الى القدس في ظل قانون ضم وتوحيد القدس الذي صدر عن الكنيست يعني اعترافا امريكيا بان القدس عاصمة دولة الاحتلال فقط وان العرب والمسلمين ليس لهم أي حق فيها والأخطر من ذلك ان دولا اخرى سوف تتأثر بالموقف الامريكي وستعمل على نقل سفاراتها الى القدس .

في جانب سياسي اخر فان نقل ترامب لسفارة بلاده الى القدس يعني ان امريكا التي كانت تلعب دور الوسيط في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية قررت التخلي عن دور الرعاية والوساطة لتلعب دورا خطيرا لن يغفره التاريخ لها وهو دور العدو الساعي لشطب القضية الفلسطينية والمعتدي على الحقوق والتطلعات الفلسطينية فحل الدولتين الذي كانت تسوق له امريكا سيدخل في غياهب الجب بعد ان كان الحل الاكثر واقعية لأعقد صراع عرفه التاريخ المعاصر .

ان تفجير ترامب لهذه القنبلة سيفتح الباب امام الردود السياسية والدبلوماسية الفلسطينية وقد يكون اهم هذه الردود كما صرح الدكتور صائب عريقات هو تعليق او سحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة اسرائيل ، لكن لا اعتقد ان الشعب الفلسطيني سيكتفي بالردود السياسية والدبلوماسية فهذا الشعب الذي ابدع في مقاومة الاحتلال سيبدع ايضا في مناهضة الاجراء الترامبي المتهور بنقل السفارة الى القدس حتى وان لم يكن هناك ارادة سياسية فلسطينية بالردود الغير سياسية فأنا لا اتوقع ان الشعب الفلسطيني سينثر الورد والسكر على سفارة ترامب وموظفيها في القدس لان سفارة ترامب ستشعل نارا في المنطقة ستلتهم السنتها الجميع وحريقها لن تستطيع كل إطفائيات ترامب والاحتلال اخماده لانها القدس مهجة القلب يا ترامب .

من المؤكد ان ترامب قرر المقامرة بالأمن القومي الامريكي ولا يأبه بتضرر مصالح بلاده مع العرب والمسلمين لان من نشر قواعده في دول العرب لن يخشى المواقف الرسمية العربية التي لن تتعدى الشجب والاستنكار لكن الشعب الفلسطيني لم يراهن يوما على حكام العرب وإنما يراهن دائما على الشعوب العربية والاسلامية التي غدت تقود حكامها بعد ان تكسرت حواجز الخوف لديهم . انا شخصيا ارى ان الرد السياسي الفلسطيني بسحب الاعتراف بإسرائيل لن يكون كافيا لمواجهة هذا الاجراء العدواني الجديد لان نقل سفارة امريكا الى القدس يعني عودة الجميع الى المربع الاول بعد ان قرر ترامب شطب اعدل قضية في التاريخ وهي قضية فلسطين المكلومة لذلك فانه من المهم جدا ان نعود مع هذه الخطوة العدوانية الى اصل المعادلة التي تقول ان فلسطين لا تعني الضفة وغزة فقط وإنما تعني ان حيفا ويافا واللد والرملة وصفد والجليل وعكا ويافا والناصرة هي مدن فلسطينية منذ الازل ونريدها كما نريد القدس ورام الله والخليل ونابلس وجنين ولم نتخلى عن حقنا التاريخي فيها كما انه لا بد من ان يعمل الفلسطينيين على توحيد جبهتهم الداخلية وإنهاء الانقسام والوقوف على قلب رجل واحد في مواجهة الاحتلال وحليفه ترامب .

شارك هذا الخبر!