الشريط الاخباري

أطفالنا فرسان مستقبلنا

نشر بتاريخ: 05-04-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ ابراهيم الشاعر

وزير التنمية الاجتماعية

تعود علينا اليوم مناسبة يوم الطفل الفلسطيني في الخامس من إبريل للعام 2017، وما يزال أطفالنا يحلمون بطفولة طبيعية وبالعيش بأمن وسلام وحرية كباقي أطفال العالم سيما وأننا نشهد تصعيداً من الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال الفلسطينيين. كذلك من المهم لنا في يوم الطفل الفلسطيني أن نسلط الضوء على ما تقدم الحكومة بشكل عام ووزارة التنمية الاجتماعية بشكل خاص للطفل الفلسطيني.

وكما في كل عام، فإن مناسبة يوم الطفل الفلسطيني لا يمكن لها أن تمر بدون الحديث والتذكير بما تقوم به سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي من انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في فلسطين. إن يوم الطفل الفلسطيني كذلك، هو يوم يشهد على تنكّر دولة الاحتلال للمواثيق وللقوانين الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على توفير الحماية للأطفال وتحييدهم في مناطق الصراع، واتفاقية حقوق الطفل التي تضمنت حقوق الانسان الاساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون تمييز، وهذه الحقوق هي الحق في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.

إن يوم الطفل يذكرنا أيضا بمسؤولية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية عن عدم مناصرة الطفل الفلسطيني وصيانة حقوقه والضغط بشكل فاعل وحقيقي على حكومة الاحتلال الاسرائيلي لكي تلتزم بالمواثيق الدولية الداعية لاحترام حقوق الأطفال، والإفراج الفوري عن جميع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجونها، ووقف الممارسات العنصرية والانتهاكات المتكررة بحق الطفولة في الأراضي الفلسطينية.

مطلوب اليوم من المؤسسات الحقوقية التي تعنى بقطاع الطفولة في الداخل والخارج، بذل الجهود من أجل فضح الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية بحق أطفال فلسطين، والعمل على توفير الحماية لهم، حيث أن حكومة الاحتلال قتلت (5) أطفال فلسطينيين منذ بداية العام الحالي، و ما زالت تعتقل أكثر من (350) طفل دون سن الـ 18 في السجون الاسرائيلية بينهم (12) طفلة، يتعرضون لانتهاكات صارخة تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حمايتهم وتأمين حقوقهم الصحية والنفسية والتعليمية وحقهم بالحرية والعيش بكرامة، مع العلم أنها قتلت( 35) طفلا في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، خلال عام 2016، (14) منهم من محافظة الخليل وحدها.

أما من جانبنا نحن في الحكومة الفلسطينية، فإننا وانطلاقا من إيماننا بان نمو المجتمع الفلسطيني وحضارته وضمان مستقبله يتوقف على احترامنا للطفولة وضمان وتعزيز حقوق الأطفال وتوفير حياة أفضل لهم، من خلال تحسين أوضاعهم والارتقاء بمستوى حياتهم، كان لابد لفلسطين من الانضمام لاتفاقية حقوق الطفل الدولية للتأكيد على التزامنا بها، وانسجاما معها تم اقرار (قانون الطفل الفلسطيني وقانون حماية الأحداث) اللذين يشكلان علامة فارقة ونقطة تحول في تاريخ الطفل الفلسطيني. كما أن حالة حقوق الطفل الفلسطيني شهدت تطورا هذا العام في أعقاب مصادقة السيد الرئيس محمود عباس على قانون حماية الأحداث، وتم خلال العام الماضي افتتاح أول محكمة أحداث في فلسطين، وتأسيس مجلس للأطفال، هو الأول من نوعه في فلسطين. وشهدنا مؤخراً اطلاق استراتيجية الطفولة المبكرة والتي تم تطويرها بالشراكة بين وزارات التنمية والصحة والتربية والتعليم واليونيسف وغيرهم من الشركاء وكانت برعاية خاصة من دولة رئيس الوزراء الفلسطيني للتعامل بشمولية وتكاملية مع احتياجات الاطفال وضمان الاستفادة من قدراتهم إلى أقصى درجة ممكنة، والتي تهدف الى معالجة المشكلات التي يتعرض لها الطفل في المجالات الاجتماعية والصحية والاقتصادية والتربوية .

وعلى صعيد عمل وزارة التنمية الاجتماعية، تولي الوزارة اهتماماً بالغاً بقضايا الطفولة انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والاجتماعية والاخلاقية، بما يتلاءم مع أجندة السياسات الوطنية وانسجاماً مع استراتيجية قطاع التنمية الاجتماعية للأعوام 2017-2022، في ظل التحول الاستراتيجي من العمل الاغاثي الطارئ إلى العمل التنموي المستدام، وتعمل الوزارة على عدة مستويات لحماية ورعاية وتنمية الأطفال على طريق بناء مجتمع قوي ومنيع من خلال المستوى الوقائي المتمثل بحملات التوعوية، والاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة، وووضع معايير لجودة خدمات دور الحضانة، ومعايير للترخيص لدور الحضانة.

وفيما يتعلق بسياسة الحد من الفقر، فإن برامج الوزارة تستهدف الأطفال من خلال حصول أسرهم على المساعدات النقدية، والمساعدات الطارئة والعينية والتأمين الصحي المجاني، وحصول أطفال القضايا الاجتماعية على الإعفاء من الرسوم المدرسية ومستلزمات السنة الدراسية لدعم وتنفيذ الحق بالتعليم، وهذا كله ضمن الرؤية الجديدة للوزارة المتمثلة في الوصول إلى مجتمع فلسطيني منيع ومتضامن ومنتج ومبدع، يوفر الحياة الكريمة لكل الأسر والأفراد، ويحرر طاقاتهم، ويؤمن بالحقوق والمساواة والعدالة والشراكة والإدماج.

نحن نعمل مع شركائنا في منظمة الامم المتحدة للطفولة "اليونيسف" والوزارات المعنية والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال وشبكات حماية الطفولة والأهم من كل ذلك مع الأطفال أنفسهم من خلال مجلس الأطفال الفلسطيني، والوزارة جادة في دمج مجلس الأطفال في عملية التخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات التنموية الجديدة للوزارة، واتاحة المجال لهم للمشاركة في عملية تنفيذ الرؤية التنموية الجديدة للوزارة، لإحداث فرق ملموس في الواقع الاجتماعي الفلسطيني، على طريق التنمية والتمكين الاقتصادي ومحاربة الفقر.

ولا بد في هذا اليوم من الاعتراف بمكانة الأطفال وبأهميتهم باعتبارهم فرسان المستقبل القادم للدولة الفلسطينية، مؤكدين على مواصلة الجهود لتلبية احتياجات الأطفال وإحقاق حقوقهم، وتقديم كافة أشكال الدعم والمناصرة لهم . ونؤكد في هذا اليوم على تعزيز آليات وأدوات حماية الأطفال بموجب نظام التحويل والمتابعة لحماية الأطفال الذين يتعرضون لشتى أشكال الإساءة والاستغلال، ضمن شراكة وتنسيق مبني على أساس تحديد المسؤوليات وتقاسم الأدوار لضمان توفير رزمة خدمات اجتماعية ونفسية وتوعوية وتعليمية وصحية وقانونية للطفل وأسرته من اجل خلق بيئة حامية وداعمة لهم.

كذلك تولي الوزارة اهتماما خاصا لتأسيس مراكز تربية خاصة توفر تربية وتعليم للأطفال من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة بفئاتهم المختلفة الذين لا يستطيعون الدراسة في برامج التعليم العام (العادي) وتضمن لهم ظروفاً مناسبة للوصول بهم إلى أفضل مستوى وإعدادهم للحياة العامة والاندماج في المجتمع، وهنا أشيد بالتعاون والشراكة مع المجتمع المدني حيث افتتحنا مؤخراً مركز للتربية الخاصة في الظاهرية.

نؤكد على تقديم الرعاية المتكاملة وتوفير الحياة الكريمة للطفل باعتبارها واجب الدولة والمجتمع وحق للطفل وليس منة أو فضل من احد ، ولعل ما يعزز هذا الواجب أيضا، ما تقدمه طواقم الوزارة العاملة في الميدان على مدار الساعة، وخصوصا مرشدي حماية الطفولة الذين أدوا القسم القانوني ايمانا والتزاما منهم بهذا العمل.

ونؤكد اليوم على أن المشروع الوطني الفلسطيني - الذي يحمل راية تحرير الوطن – هو بالجوهر مشروع انساني مبني على تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية التي لن يجلبها الا الاقوياء النبلاء والاحرار، وليس الضعفاء العبيد. والطفل الذي يعيش في أجواء الأمن والحماية والعزة يكتسب القوة والكرامة، وهذا ما نريده لأطفالنا اليوم .

إن يوم الطفل الفلسطيني هو كذلك يوم الأسرة الفلسطينية - المؤسسة التربوية الأولى التي تؤدي دوراً حاسماً في تشكيل شخصية الطفل فردياً واجتماعياً - في التربية المتكاملة للطفل قبل دخوله للمدرسة وتأثره بالوسط المحيط وبأقرانه، لأن التربية المتكاملة ما قبل المدرسة تضمن إيجاد حالة من التوازن والتكامل بين جوانب النمو الإنساني، فتتعزز قدرات الطفل المعرفية والوجدانية والحركية دون أن يطغى جانب على أخر. الأسرة هي التي تلبي أهم الحاجات الأساسية للطفل مثل الحاجة إلى الانتساب والانتماء والأمن والمحبة والرعاية، وتمنحه التقدير الاجتماعي.

كل التحية لأطفال فلسطين أينما وجدوا واينما ولدوا، والتحية لأرواح الأطفال الشهداء والأطفال الأسرى والجرحى ... وللأطفال المهمشين والمحرومين والفقراء والأيتام والمرضى... تحية لأطفال القدس وغزة والمخيمات والقرى والمدن وفي الشتات.

شارك هذا الخبر!