الشريط الاخباري

الثمانيني سياجات: أول أسير طوباسي بعد النكسة

نشر بتاريخ: 18-04-2017 | أسرى
News Main Image

طوباس/PNN - خصصت وزارة الإعلام الحلقة (65) من سلسلة "أصوات من طوباس" لمناسبة السابع عشر من نيسان، واستعرضت تجربة الأسير الثمانيني محمد سليمان سياجات، وفيها قص الراوي تجربته الاعتقالية التي تلت النكسة بعد وقت قصير، إذ اعتقل بداية تشرين الأول عام 1967. يسترد بصوت منهك وجسد متعب: انتسبت إلى صفوف الثورة و"فتح" في أيلول 1967، واعتقلت بعد الوصول إلى أبناء مجموعتنا محمد أبو دواس وجميل الدبك، ولا أنسى لحظة تجميع جيش الاحتلال للشبان في ساحة البلدية، وحينها شاهدنا شخصين يلبسان أكياسًا بلاستيكية، لا تظهر غير العيون، وأخذا يدققان في وجوه المجموعين، ثم اقتادنا الجنود إلى سجن الفارعة، ونقلنا لنابلس، ثم حولونا إلى الرملة. أمضى سياجات في السجن قرابة السنتين، وأطلق سراحه نهاية عام 1969، لكنه ما لبث إلا وعاد إلى الزنازين عام 1973 ليحكم عليه لعامين جديدين، وتكرر اعتقاله عام 1975. قيود يضيف: تنقلت بين سجون عسقلان، والرملة، وعثليت في حيفا، وكان التعذيب قاسياً، ولم يبدأ وقتها الصليب الأحمر بزيارتنا في السجنة الأولى، والغريب أن كل الجنود والسجانين وحتى حراس المعتقلات كانوا يتشاركون في التنكيل بنا، من لحظة وصلنا. وبحسب الراوي، فإن الزنازين كانت ضيقة وبالكاد تتسع لشخص واحد، في زاويته وعاء بلاستيكي لقضاء الحاجة، أما الغرف فواسعة لكنها تخصص لتكديس الأسرى بشكل كبير، لدرجة لا تسمح للمعتقلين بالعودة إلى أماكنهم إذا ما غيروا وضيعة نومهم، أو وقفوا. يقول وخلفه سورة ضخمة لأبنه البكر الأسير سلمان: تكسرت أضلاعي من التعذيب، ولا زالت في جسدي علامات الضرب الشديد حتى اليوم، وصرت أكره البطاطا لكثرة تقديمها لنا كل يوم تقريبا، أما الزيارات للأهل فكانت تتم مرة كل شهر، ومن خلف أسلاك شائكة، وأحيانا يسمح لنا بالجلوس مع الأهل، وكان الاحتلال يرسل لنا عملاء لتقديم اعترافات، وفي بداية الاعتقال لم نكن نتحدث مع رفاقنا الأسرى، وكنا نجبر على ترتيب البرش ( مكان النوم وغالباً من الخشب)، ووضع البطانيات جانباً، وكان عدّنا يجري ثلاث مرات كل يوم. كان الراوي أحد المتهمين بالمشاركة في معركة جباريس، المنطقة الجبلية الفاصلة بين طوباس والأغوار، والتي جرت في حزيران 1969، ويتذكر رفاقه: صالح حمدان، ومحمد أبو دواس، وصالح مسعود، ومحمد أبو دواس، ولا ننسى طريقة استشهاد مازن أبو غزالة، الذي سقط وهو يلقي القنابل على الجنود، فيما فتح الإسرائيليون النار على بعضهم بعد ارتباكهم، وأذكر جيدًا الشهيد محمود فقهاء الذي فقدناه عند منطقة بئر مسعود، القريبة من وادي المالح. إضراب يتابع سياجات: خضنا إضرابا عن الطعام 11 يومًا عام 1968 للحصول على بطانية إضافية، ولم توفر إدارة السجون أي وسيلة إعلام لنا، وأذكر أسرى سوريين كانوا معنا، وحرصنا حين يصل أسرى جدد على إرشادهم، وحتى نصل إليهم، كنا ندعي الاقتتال، لنحصل على عقاب، والوصل إلى الزنازين، وحينها نخبر الأسير الجديد بالحذر، وخاصة من العملاء. لا زال الأسير المحرر يلم بتفاصيل العلاج، التي تتشابه اليوم وراء القضبان، وفيها كان طبيب السجن يصف (الأكامول) وشرب الماء بكثرة لكل العلل، وأتذكر جيدًا المحقق الذي كانت أصابع يده مقطوعة، والسجّان الدرزي فايز الذي تعاطف معنا، ونزلوا له رتبته. واستنادًا إلى سياجات، فقد شهد السجن تصفية العملاء للشاب عبد الكريم حمامة، فيما بدأ الشبان لاحقًا يتبعون أسلوب (الزاوية)، وفيها يجري عزل المشكوك في أمرهم في ركن بالغرفة، ويتناوب قسم منهم على ضربهم، فيما يغني الباقون بصوت عالٍ، حتى لا ينكشف أمرهم للسجانين. يقول: كنا نعاني كثيراً، فبعد الإفراج عنا كان الناس يخافون الاختلاط بنا، ويرفض معظمهم السلام علينا، وبعضهم يغير الطريق الذي نمشي فيه. سلّمان أنجب الراوي ثلاثة أبناء: سلمان، ومهند، وسعيد، وأربع بنات، وأعاد تجرع العلقم بعد اعتقال ولديه: سعيد، الذي أمضى 36 شهرًا في "الإداري"، وسلمان القابع منذ 14 عامًا في عتمة السجن وينتظر 36 شهرًا لتنسم الحرية، فيما سبق اعتقاله سنة عام 1993، وسنة أخرى بعد أربع سنوات، وتعرض لمحاولة اغتيال استشهد فيه أصحابه. يقول: كررت تجربتي الاعتقالية، وعدت للسجن لزيارة سعيد وسلمان ومنذ عام هدني المرض، ولم أعد أستطع الزيارة، وأتمنى أن يجمعني الله به قبل موتي. فيما تروي آمنة إسياجات: ذقت المرار في اعتقال زوجي، واليوم أعاني مع ابني، وتنقلت خلال 50 سنة بين سجون: الرملة، ونابلس، وجنين، وعثليت، والنقب، ونفحة، وريمونن وجلبوع، وسلمان في العزل، وقضى 20 سنة من حياته بعيدًا عنا، وحرم من أطفاله، وفي غيابه، كبرت بنته وتزوجت، وتخرج ابنه من الجامعة، وخسرنا صحتنا، ولم يخرج بعد. شهادات بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف إلى أن الوزارة تعكف خلال أيار المقبل على تسجيل مقاطع مرئية ستوثق حكايات مرة لنكسة حزيران، لمناسبة سنويتها الخمسين. وأضاف: ستخصص بعض الشهادات لقصص أوائل الأسرى بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، ولتلخص تجارب الحركة الأسيرة في بداياتها، وتأريخ نضالها، ووصف عتمة ليلها الطويل.

شارك هذا الخبر!