الشريط الاخباري

لماذا تراجعت الولايات المتحدة عن نقل سفارتها الى القدس

نشر بتاريخ: 12-06-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ سمير عباهرة

تراجعت الادارة الامريكية عن نقل سفارة بلادها من تل ابيب الى القدس المحتلة بعد ان كان الرئيس الامريكي دونالد ترامب قطع عهدا على نفسه خلال حملته الانتخابية بنقلها الى القدس كتعبير عن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.وهي ليست المرة الاولى التي تتوقف عندها تلك الوعود بنقل السفارة اذ ان نقلها اصبح عرفا بين الرؤساء الامريكيين بإطلاقهم تلك الوعود في حملتهم الانتخابية لنيل اصوات الجالية اليهودية.

وليست هي المرة الاولى التي يتم فيها التراجع عن نقل السفارة الامريكية الى القدس فقد سبق ترامب الكثير من الرؤساء الامريكيين الذين اكدوا على مواقفهم بنقل سفارتهم خلال حملاتهم الانتخابية وتراجعوا بعد ذلك ربما للأسباب ذاتها التي جعلت الرئيس الامريكي ترامب يتراجع عن خطوته المحفوفة بالمخاطر حيث ان موضوع القدس غير خاضع لتقلبات المواقف السياسية بحكم انه مرتبط بتوازنات اقليمية ودولية وتحكمه مجموعة من العوامل والقوانين الدولية المرتبطة بقرارات الشرعية الدولية.

المصالح الدائمة باتت هي المحرك الرئيسي للمواقف والقرارات السياسية وموازين الربح والخسارة اضحت قاعدة مهمة في اتخاذ القرار السياسي ان لم نقل القاعدة الرئيسية ولولا ان واشنطن واجهت تحديات كثيرة لما اسقطت خيارها بنقل سفارتها الى القدس في وقت تؤكد فيه الكثير من الاحداث والشواهد ان نقل السفارة لن يعود بمكاسب سياسية على كل من واشنطن  واسرائيل والتي كانت ردود فعلها باهتة على قرار التأجيل او التراجع وبما صدر عن مكتب نتنياهو بان الخطوة الامريكية كانت "مخيبة للامال".

بالطبع فان الولايات المتحدة لا تريد فصل نفسها عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وربما تحاول ان تلعب دورا متوازنا نوعا ما حيث ادركت جيدا دور الفلسطينيين في عملية السلام وبأنها لا تستطيع فرض الحلول عليهم واتضح ذلك من خلال مجريات المفاوضات والدور الامريكي خلال جولات المفاوضات التي خلت ورفضت فيه القيادة الفلسطينية الكثير من المقترحات الامريكية.

ربما ادركت الولايات المتحدة من خلال دورها كراعية لعملية السلام ان نجاح هذه العملية يتطلب عدم المجازفة بتصعيد الموقف بل ان الحكمة تتطلب اللجوء الى التهدئة وربما ادركت ان نقل السفارة سيزيد الامور تعقيدا ويجعل الفلسطينيين يبتعدون عن العودة في ملف المفاوضات وخاصة ان الولايات المتحدة بصدد طرح مشروع سلام تقترب فيه من اطراف الصراع وان مشروعها في تحقيق السلام سيصطدم بعقبات كبيرة في حال نقل السفارة وسيؤدي الى شحن الاجواء السياسية في المنطقة العربية والإقليمية وحتى الدولية ويضع علامة استفهام على دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه في عملية التسوية بل ربما يطيح بدورها كوسيط ولاعب رئيسي في عملية السلام بعد ان وضعت قدمها مجددا في العودة الى منطقة الشرق الاوسط  لاستكمال مشروعها في اعادة السيطرة على المنطقة من جديد بعد ان كانت ادارة الرئيس اوباما قد غادرته واتهمته جهات امريكية بأنه كان يعطي الاولوية لأرثه السياسي على حساب مصالح الامن القومي للولايات المتحدة. واعتبرت الولايات المتحدة ان اطلاق عملية السلام وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وصولا لاستقرار المنطقة هو مصلحة امريكية والعمل على تحقيق المصالح الدولية الاخرى بوصفها نقطة ارتكاز لتحقيق الامن والاستقرار بالمنطقة فلذلك كان عليها خطب ود القيادة الفلسطينية بصفتها احد الاطراف الرئيسية في الصراع وربما كانت هذه احد الاسباب الرئيسية في تراجع الولايات المتحدة عن خطوتها بنقل السفارة،وكانت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لواشنطن ايضا حاسمة في هذا الشأن ومخاطبة الادارة الامريكية بعد قبول نقل سفارتها الى القدس اذ ان ذلك يعني انهيار عملية السلام بالكامل واستحالة العودة الى المفاوضات.

الضغوط العربية ايضا كانت عاملا حاسما في التأثير على قرار الرئيس الامريكي وخاصة بعد المؤتمر الذي عقد في المملكة العربية السعودية وبات ارضاء الوطن العربي يدخل ضمن حسابات ترامب السياسية بتكوين تحالف لمحاربة الارهاب وحاجة الولايات المتحدة للجهود العربية لإتمام عملية السلام، هذا مع الاخذ بعين الاعتبار الموقف الدولي من مسألة نقل السفارة والتي ابدت دول العالم عدم تفاعلها مع هذه الخطوة بل ان تنفيذها سيغرق المنطقة في دوامة العنف من جديد.

مسألة مهمة اخرى يجب الوقوف عندها وهو ان نقل السفارة الامريكية الى القدس لن يغير شيئا على وضع المدينة من الناحية القانونية واستنادا لقرارات الشرعية الدولية بحكم ان المدينة هي ارض محتلة لن يغير واقعها نقل السفارة من عدمه وهذا ما تنبهت له الولايات المتحدة، وان ملف القدس مرتبط بالحل النهائي وأي خطوة انفرادية للولايات المتحدة ستكون بمثابة رصاصة تعمل على تفجير الوضع وتجعل من امكانية التوصل الى سلام  درب من الاستحالة.

شارك هذا الخبر!