الشريط الاخباري

القدس تشعل الصراع

نشر بتاريخ: 22-07-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ سمير عباهرة

عادت القدس مجددا لتحتل قلب الاحداث السياسية العالمية وتحولت الى ساحة صراع جديدة وأخذ الصراع ابعادا امنية وسياسية بعد ان اغلقت اسرائيل محيط المسجد الاقصى بالكامل وشرعت بتغيير الوضع التاريخي للقدس ومقدساتها الاسلامية من خلال تركيب جدار الكتروني يلف المقدسات الاسلامية بحيث يخضع المصلون الذين يؤمون المسجد الاقصى الى اجراءات عقابية وتفتيش جسدي مخالف لكل الشرائع الدينية والسماوية ولكل الاعراف والقوانين الدولية ويشكل ابتزازا سياسيا للعالم اجمع. وتزامنت هذه الاحداث مع المخططات الاسرائيلية المزمعة بسن تشريعات جديدة "قانون منع التخلي عن القدس" الذي يتم اعداده للتصويت عليه في الكنيست الاسرائيلي على اساس "القدس الموحدة" لتعزيز السيطرة الاسرائيلية على المدينة المقدسة وضواحيها وتكريس عملية الضم الغير قانونية وقطع الطريق امام التوصل الى اية حلول سياسية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي. حيث اكد نتنياهو مرات عديدة ان القدس ستبقى العاصمة الموحدة لدولة الكيان ولن يتم تقسيمها ولن يتم التنازل عن شرقها لصالح الفلسطينيين . وكثيرا ما اثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة في الاوساط السياسية الدولية لان القدس الشرقية هي اراض فلسطينية محتلة في المفهوم الدولي وتنطبق عليها قرارات هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي. الهجمة الاسرائيلية على القدس لم تأتي مصادفة بل هي عملية مخطط ومبرمج لها وتأتي في سياق الوضع السياسي للمدينة المقدسة وأهميتها السياسية والدينية للفلسطينيين في معادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بحيث لن يكون هناك حلول دون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وهذا ما تقره الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة في حين يرفض نتنياهو الاعتراف بشرعية هذه القرارات ويعتبر القدس عاصمة موحدة لــ "دولة" اسرائيل وغير قابلة للتقسيم. وما يعزز هذه الفرضية ان هناك قوات من الجيش والشرطة كانت تعزز وتحرس المستوطنين عند بداية اقتحام باحات المسجد الاقصى وهذا يعني ان هناك قرارا سياسيا صادرا من اعلى سلطة سياسية في اسرائيل ممثلة بنتنياهو لفرض واقع جديد على المدينة. وتحاول اسرائيل بين الفينة والأخرى القيام بتصعيد مبرمج ذات مغزى سياسي في المدينة المقدسة من خلال اعتداءاتها المتكررة على المقدسات الاسلامية والزج بمستوطنيها في تلك الاحداث وما يترتب عليها من مواجهات بين الجانبين تبقي حالة الغليان قائمة. ويبقى التصعيد سيد الموقف حيث تسود الشارع الفلسطيني حالة من السخط والغليان نتيجة الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على المدينة المقدسة الامر الذي ربما يدفع بالأمور للاتجاه نحو الهاوية حيث تشتد المواجهات مع كثرة الاصابات التي تتعمدها اسرائيل بين المواطنين الفلسطينيين وإصرارها على اتباع سياسة القتل. ربما تكون المساعي الامريكية الجارية لإعادة عملية السلام الى واجهة الاحداث السياسية وفتح ملف المفاوضات من جديد قد ساهم كثيرا بالتصعيد الاسرائيلي تجاه القدس لقطع الطريق امام اية مقترحات جديدة تتعلق بالمدينة المقدسة وربما حاولت اسرائيل ارسال رسالة الى المجتمع الدولي بعدم الاقتراب من القدس حيث تدرك اسرائيل جيدا ان المعركة المصيرية ستكون حول القدس ولذلك فان القيادة الفلسطينية تولي كل اهتماماتها نحو المدينة المقدسة بانها شرط اساسي لتحقيق اي تسوية قادمة بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية. الى أي مدى سيذهب نتنياهو في معركته هذه على القدس في ظل رفض المجتمع الدولي الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل واعترافه بالقدس الشرقية ارض فلسطينية محتلة عام 67، لكن نتنياهو على ما يبدو يصر على ارسال رسائله للأسرة الدولية بتحدي قراراتها وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وربما وجد نتنياهو الفرصة مواتية امامه لفتح الباب على مصراعيه فيما يتعلق بالقدس التي يعتبرها العاصمة الموحدة لدولة اسرائيل ولتثبيت هذه "الحقيقة"من وجهة نظره مستغلا انشغال الامتين العربية والإسلامية في شئونهم الداخلية وربما فرصة مناسبة ايضا لجس نبض الاطراف المحلية والإقليمية والدولية، ومعرفة ردود فعلهم الحقيقية فيما اذا كانت القدس تعتبر العامل الحاسم في حسم الصراع مع الفلسطينيين. الوضع يزداد تعقيدا ويتطلب ذلك تحركا دوليا واسعا وضغطا عربيا وإسلاميا على المجتمع الدولي كبح جماح اسرائيل وطرح تساؤلات تشكل احراجا في مضمونها للأسرة الدولية الى متى ستبقى اسرائيل تقوم بحرق وخرق القانون الدولي وخرق قرارات الشرعية الدولية بل يجب توجيه اللوم الى القوى الداعمة للسياسة الاسرائيلية وتذكيرها بان مواقفها هذه تضعها في خانة الاتهام فلا يمكن ان تكتفي تلك القوى بإطلاق الشعارات والمطالبة بتحقيق السلام بل انه آن الاوان ان تخرج الاسرة الدولية عن صمتها وتفضح الممارسات الاسرائيلية وتطالبها بتبني المعايير الدولية في الالتزام بما يقره المجتمع الدولي والشرعية الدولية والا فان هذه الشرعية ستوضع على المحك ويجري تشريحها. ربما تكون التجاذبات الحاصلة بين اطراف الصراع نتيجة الفراغ السياسي الذي تعيشه المنطقة قد دفع بنتنياهو لاتخاذ مواقف لملء هذا الفراغ واستثمار الحراك الامريكي في المنطقة من اجل العودة بعملية السلام واستباق الاحداث بالإعلان عن استعداده للعودة الى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة بل بشروطه هو وعدم فتح موضوع القدس نهائيا. الاخطر في هذا الموضوع الذي لفت انظار العالم اجمع هو الصمت الامريكي حيال ما يحدث في القدس التي يمكن ان تشعل صراعا لا ينتهي وربما ايضا ينتهي الموقف الامريكي بالإشارة الى الابتعاد عن طرح موضوع القدس او تأجيله وفي هذا تمييع للموقف السياسي الامريكي لان التأجيل يعني موت قضية القدس.

 

شارك هذا الخبر!