الشريط الاخباري

مرض السكري يعصف بالوطن العربي

نشر بتاريخ: 28-08-2017 | منوعات
News Main Image

إن 6 من بين أكثر 10 دول ينتشر فيها السكري نسبة لعدد السكان، هي دول عربية، وهي بالترتيب: الكويت، لبنان، قطر، العربية السعودية، البحرين والإمارات العربية المتحدة. حيث سجلت في هذه الدول أعلى نسبة من انتشار للمرض (11%) مقارنة بباقي العالم، في حالة يبدو أن السبب وراءها يكمن في الزيادة الملحوظة التي طرأت على التنمية الاقتصادية السريعة وشيخوخة السكان.

وثاني معطى مفزع هو أن 9 دول عربية مضاف إليها المكسيك احتلت قائمة الدول العشر النامية الرائدة بنسبة انتشار السكري من النمط 2.

هذا وقد حدثت في العقود الثلاثة الأخيرة تغييرات جذرية كبيرة في معظم دول المنطقة، تغييرات أثرت بطبيعة الحال على هذه المعطيات، وتشمل هذه التغييرات:

التحضر التدريجي. انخفاض معدل وفيات الرضع وزيادة العمر المتوقع. ترافق التطورات السريعة، خاصة في أوساط الدول النفطية الغنية، مع تغييرات ملحوظة في نمط الحياة، تشمل: التغذية السيئة، انخفاض النشاط البدني، زيادة السمنة والتدخين. ​أرقام في الوطن العربي

سجلت أكبر نسبة من الإصابة بالسكري لدى الأطفال من المملكة العربية السعودية، حيث يشكل الأطفال السعوديون إجمالي ربع مرضى السكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغة بمجملها برقم يصل 65200 حالة. أكثر من 10٪ من مجموع الوفيات لدى البالغين في المنطقة العربية يمكن أن يعزى إلى مرض السكري، ويتمثل ذلك بما يقارب 280000 حالة وفاة مسجلة في عام 2011، تتوزع بالتساوي بين الرجال (141000) والنساء (138000). أقل من نصف حالات الوفاة الناجمة عن مرضى السكري كانت لمن هم دون سن الـ 60. قد يتسبب السكري بالموت المبكر نتيجة للعوامل التالية: بيئات سريعة التغير وأساليب الحياة في المنطقة. التشخيص في وقت متأخر. النظم الصحية غير المجهزة لمواكبة العبء المتنامي.

تشير منظمة (IDF) الفدرالية العالمية للسكري إلى أن الدول العربية تتصدر لوائح الدول النامية في نسبة السكري، 9 من بين أول 10 دول باستثناء المكسيك في قائمة الدول النامية هي دول عربية كما تشير إحصائيات عام 2010 إلى أن حوالي 9.1% من مجمل سكان الوطن العربي يعانون من السكري من النمط 2 (حوالي 32.8 مليون في 2011)، وهذه النسبة مرشحة للتصاعد إلى نحو 60 مليون حالة في العام 2030.

عوامل ساعدت على انتشار السكري في العالم العربي

إن انفجار السكري في العالم العربي كان من خلال النمط 2 منه. وعلى الرغم من أن العوامل الوراثية قد تلعب دوراً هاما في الانتشار الملحوظ لهذا الوباء، علينا ألا نغفل المساهمات التي قدمها تطور الحياة السريع خلال السنوات الـ 30 الماضية. ومع أن التطور والنمو الاقتصادي يجلب معه عادة فرصاً كبيرة لتطوير البنى التحتية (منها الصحية والتعليمية)، إلا أنه ومن ناحية أخرى يحمل معه زيادة في اعتمادنا كبيرا على الآلات وانتشار الوجبات السريعة غربية الطبيعة، بالإضافة للاعتماد شبه الكلي على العمالة الأجنبية الوافدة من أجل تأدية المهام، وهذا كله من الممكن أن نختصره بالعبارة التالية: تبني نمط حياة خاملة خاصة وسط فئة الشباب. وللأسف فإن ما يحدث يسهم إلى حد كبير في رفع نسبة البدانة وبالتالي السكري في المنطقة العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً.

البدانة

هي عامل الخطر الرئيسي لنشأة وتطور السكري من النمط 2، وينطبق هذا الأمر على الجنسين وكافة الإثنيات والخلفيات العرقية، وتشير الإحصائيات إلى أن 78.5% من مرضى السكري يعانون من الوزن الزائد، وأن  45.7% منهم مصابون بالبدانة. وللأسف فإن انتشار السمنة لدى البالغين والمراهقين والأطفال في الدول العربية، هو من بين نسب الانتشار الأعلى على مستوى العالم حيث تصل نسبته 55٪ لدى النساء البالغات و 30٪ لدى الرجال البالغين في حين أن معدل انتشاره لدى المراهقين والأطفال يصل الى 14٪.

العوامل الاقتصادية - الاجتماعية

هنالك فرق واضح في انتشار السكري من النمط 2 بين المناطق الحضرية (المدنية) والمناطق الريفية في البلدان العربية، وذلك نظراً للفرق في مدى التعرض والانكشاف على ملامح الحياة الغربية العصرية، إذ:

  • تبلغ نسبة انتشار السكري مثلاً في المناطق الحضرية من المملكة العربية السعودية 25.5%، بينما تتباين هذه النسبة بين المناطق الشرقية والغربية من المملكة وكذلك الشمال والجنوب.
  • تبدو هذه النسبة واضحة في عُمان ومصر، حيث تبلغ في عُمان 235 حضري (سكان المدينة) مقابل كل 100 ريفي وفي مصر 400 حضري مقابل كل 100 ريفي. وهنا تختلف النسب حسب طبيعة الدولة ففي حين يتفشى السكري في مصر في الطبقات الحضرية منخفضة المستوى الاقتصادي-الاجتماعي وذلك بنسبة 13.5%، فإنه وعلى العكس من ذلك في لبنان، حيث تصل نسبة السكري من النمط 2 إلى 20% في أوساط الفئات الاقتصادية – الاجتماعية الأكثر ارتفاعاً.

كما ويزيد ارتفاع مستوى التعليم من: نسبة الوعي حول مخاطر وعوامل انتشار السكري من النمط 2، مضاعفاته، وسبل اختيار أنماط الحياة  الملائمة (التغذية، الرياضة وغيرها). فقد أظهرت دراسة أجريت في الكويت وشملت 3000 مريض سكري ، أن 27.5% من مرضى السكري كانوا أميين بينما 15.5% كانوا أفضل تعليماً وتتشابه هذه النتائج في كل من الأردن وقطر حيث يتضح أن 34% و 23.5% من مرضى السكري هم من الأميين بينما تبلغ النسبة بين الجامعيين 7.7% و 11.3% على التوالي.

هنالك أيضاً ارتفاع تم رصده في كافة البلدان العربية في كتلة الجسم وبالتالي السكري بعد الزواج، حيث يميل الزوجين عادة بعد الزواج إلى التخفيف من النشاط البدني وتناول الطعام سوية، وبالتالي زيادة كميات الطعام المستهلكة.

أنماط الاستهلاك الغذائي

أدى التطور الاقتصادي إضافة إلى العصرنة في البلدان العربية  إلى تغيير دراماتيكي في أنماط  التغذية في العقود الأربعة الأخيرة، فمثلاً تحول من استهلاك طبيعي للتمور والخضار والفواكة الطازجة والحليب والأسماك وخبز القمح الكامل إلى نظام غذائي يتكون في غالبه من الدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة ونسبة قليلة جداً من الألياف الغذائية. وتشير الاحصائيات إلى ارتفاع ملحوظ في كمية السعرات الحرارية اليومية للشخص في معظم البلدان العربية خاصة في الخليج منذ 1990 ولغاية أيامنا هذه.  ففي الخليج مثلاً يزداد استهلاك الطعام مع ازدياد التطور الإجتماعي ولكن تزداد مع ذلك نسبة استهلاك الأرز واللحوم بينما تتناقص وتكاد تنعدم نسبة استهلاك الخضار الطازجة مثلاً.

النشاط البدني

يتم تعريف النشاط البدني على أنه أي حركة جسدية تقوم بها العضلات وتؤدي إلى استهلاك للطاقة أعلى من المعدلات الطبيعية. ويزيد نمط الحياة الخامل من خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري والسمنة كذلك، كما تزيد ساعات الجلوس الطويلة أمام شاشة التلفزيون من مخاطر الإصابة بالسكري من النمط 2، بينما تقلل 40 دقيقة من النشاط البدني يومياً من هذه المخاطر.

أما بالنسبة للنساء في البلدان العربية، فإن الحواجز الثقافية وقلة المرافق الرياضية تردعهن عن الانخراط في النشاط البدني عموماً، ويتفاقم الأمر بسبب وفود العمالة الأجنبية للقيام بالأعمال المنزلية. فعلى سبيل المثال، تشغل معظم الأسر في السعودية والكويت، طهاة وخادمات، ما يشجع على نمط الحياة الخامل أصلاً. حيث اعترفت النساء في البحرين أن النشاط الترفيهي الأساسي بالنسبة لهن هو مشاهدة التلفزيون، ليتضح أن معظم الأشخاص في الشرق الأوسط ينخرطون في نشاط بدني ما بوتيرة أقل من 10 دقائق يومياً.

مضاعفات السكري

إن مضاعفات السكري كثيرة، فبين المرضى السعوديين، هناك انتشار بنسبة 31٪ لاعتلال الشبكية عند المرضى الذين يعانون من السكري من النمط الثاني لمدة لا تقل عن 10 سنوات.  وفي السعودية مثلاً، يعتبر اعتلال الكلية السكري المساهم الرئيسي في التوجه لغسيل الكلى في المملكة، حيث ارتفع عدد مرضى السكري الذين يحتاجون علاجاً كلويا بشكل صادم منذ بداية الثمانينات، حيث بلغت نسبتهم (%4) لتصل في نهايات التسعينات إلى نسبة غير معقولة تبلغ (%40).

أما في مصر فيتضح أن: 42% من المصابين بالسكري يعانون من اعتلال الكلية، 22% يعانون من اعتلال الأعصاب المحيطية، 0.8% يعانون من تقرحات القدم، %5 فيعانون من العمى. ولا تبدو المعطيات في الأردن أكثر تشجيعا إذ أن: 45% من مرضى السكري المسجلين في المؤسسات الرسمية يعانون من اعتلال الشبكية، 33% يعانون من اعتلال الكلية، وكان بتر الأطراف بانتظار %5 منهم. وفي ليبيا، فحدث ولا حرج، حيث يعاني 30% من مرضى السكري من اعتلال الشبكية، 25% من اعتلال الكلية، و45% من الاعتلال العصبي.

نفقات مكافحة مرض السكري

يعتبر العالم العربي من أكثر المناطق التي ينتشر فيها مرض السكري بشكل كبير وحاد أحياناً، ولكن ومع ذلك أنفقت الدول العربية لمكافحة السكري مجتمعة، أقل من 5% من مجمل ما انفقته الولايات المتحدة الأمريكية و 8% من مجمل ما أنفقته أوروبا على علاج مرض السكري لديها.

كلنا امل أن تسهم حملات التوعية المختلفة النابعة من خطر حقيقي، في حدوث تقدم وتغيير جذريين لدينا فيما يخص تغذيتنا ونمط حياتنا لمواجهة هذا المرض - الوباء.

المصدر: MSN.

شارك هذا الخبر!