الشريط الاخباري

عن رواية غزة 87 ليسري الغول

نشر بتاريخ: 26-11-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/أسامة عنتر

الكثير هم من يمتلك ذاك الحس المرهف... ولكن القليل بالفعل من يستطيع أن يُخرج هذا الإحساس المرهف، ويصف أركانه بجميع جوارحه للقراء... وهذا ما حدث في رواية غزة 87 ليسري الغول، فهي رواية أرجعتني لتذكر الحالة التي عايشها أهل غزة قبيل وبعد أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية عام 1987، وكيف كانت الغالبية العظمى من العمال الفلسطينيين يعملون في الداخل الإسرائيلي وخاصة في مدينة تل أبيب.

استخدم الكاتب يسري أسلوب الوصف الذاتي لأبطال القصة ليتحدثوا عن أنفسهم... وهو بالتالي هدف لوصف صراع النفس للنفس. حيث كان هناك استرسال ونكهة جميلة في "الوصف التصويري" للمكان والبيئة المحيطة لشخصيات الرواية في مخيم الشاطئ. كان هناك الكثير من الوصف الحقيقي والبعض القليل للوصف الخيالي.

عادل وبكري وإبراهيم وحسام هم شخصيات الرواية من الجانب الفلسطيني، وسارة وديفيد وميري وجزيل هم شخصيات الرواية من الجانب الإسرائيلي... فلا يوجد بطل واحد للرواية، وإنما أبطال متعددون، كلٌ له روايته، وكل شخص له علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع الآخر.

يسري الغول الذي وصف علاقة (العمال) الفلسطينيين بالمجتمع الإسرائيلي، بالعلاقة "ذات الشخصية المركبة"، المُستعبدة بحكم العمل داخل الخط الأخضر تارة، والشخصية الثائرة تارة أخرى بحكم العمل المناضل ضد الاحتلال. كان السؤال الملح دائماً بين سطور وأكناف الرواية: هل هي علاقة السيد بالعبد؟ وبالتالي علاقة الإخضاع والخنوع؟ أم علاقة المنافسة الثائرة؟ لم تكن الشخصية "المركبة" هي الفلسطينية لوحدها، وإنما أوجدها الكاتب يسري أيضا عند الشخصية الإسرائيلية في الرواية. فهناك الشخصية الإنسانية، سواء الطبية أو العاطفية، تقابلها الشخصية الصارمة في الدفاع عن سياسات الاحتلال أثناء تأدية الخدمة العسكرية.

الحالة النفسية المضطربة وجدت في الشخصية الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، وهو انعكاس للحالة النفسية الصعبة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي، وليس المجتمع الفلسطيني لوحده... كما استطاع الكاتب يسرى أن يختزل المجتمع الفلسطيني بمخيم الشاطئ والمجتمع الإسرائيلي بمدينة تل أبيب.

لعل ما يؤخذ على رواية الكاتب الغول، هو الاسترسال في تصوير الفكر في العلاقة الجسدية تجاه الآخر لدى جميع محاور وأبطال الرواية، سواء من الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، عدا حسام الذي وهب حياته لمقاومة الاحتلال... لكن رغم ذلك الاسترسال، لم يكن هناك خدش للحياء في الوصف الذاتي لتلك العلاقة الجسدية.

غزة 87 رواية رائعة تستحق الاهتمام.

المقالة تعكس وجة نظر الكاتب وليس بالضرورة ان تمثل وجهة نظر شبكة فلسطين الاخبارية PNN. 

شارك هذا الخبر!