الشريط الاخباري

قرار ترامب شرّع الأبواب لكل الإحتمالات بقلم المستشار نايف الهشلمون الأيوبي رئيس مركز الوطـن للإعلام والتنمية

نشر بتاريخ: 12-12-2017 | أفكار
News Main Image

قرار ترامب المشؤوم بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس مرفوض بالتأكيد، وهو جريمة تشبه "وعد بلفور" .. "وعد من لا يملك لمن لا يستحق". وهو تمهيد للإعتراف باسرائيل كدولة يهوديّة، وبالتالي قتل وتشريد ما تبقّى من الشّعب الفلسطينيّ على أرض وطنه. قرار يستهتر بالموقف العربي والإسلامي، المنشغل بخلافات داخلية، واتصالات خفية بالمسؤولين الإسرائيليين.

الولايات المتحدة بقرار ترامب هذا، تكون قد انتهكت القانون الدولي والتدخل السافر وغير العادل في الصراع وفي شؤون دول أخرى، والتسبب في اشعال المنطقة، وتهديد أمنها واستقرارها، فلا يحق لأمريكا مهما بلغت قوتها العسكرية الهيمنة السياسية على دول العالم والقرار الدولي، "وتقرر مصير اراض محتلة اعترف بها القانون الدولي وعرّفها المجتمع الدولي وحمتها اتفاقيات جنيف الأربع من العبث وتغير الجغرافيا والطبيعة البشرية".

اعلان متهور وجد خطير، يخالف الإتفاقيات والقرارات الدولية والإقليمية، وانتهاك لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وهو بمثابة تقويض يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وربما يكون مبررأ لدعاة التطرف والعنف في العالم، ووقوع ما لا يحمد عقباه، لذا أتوقع أن نشهد عنفا في منطقتنا، وفي غيرها من مناطق العالم، وباتت المصالح الامريكية في دول المنطقة في خطر، عرضة لأعمال انتقامية، كرد فعل قوي بحجم اعلان ترامب، ووضع الشعب الأمريكي في جبهة مفتوحة من العداء مع العالم، وبالتأكيد فإن أمريكا واسرائيل تتحملان مسؤولية ما ينجم عن ذلك.

أرى أن قرار ترامب قد ألغى اعتبار شرقي القدس أرض محتلة، وبعترف بضمها لنظام احتلالي استعماري استيطاني غير شرعي، وبهذا فقد ألغى دور أمريكا فيما يسمى (عملية السلام)، وهو رصاصة الرحمة عليها. القرار الأمريكي هو عدوان أمريكي على فلسطين، واعلان حرب على العرب والمسلمين، اعلان أكد أن الموقف الأمريكي هو ذات الموقف الإسرئيلي، لذا آن للدول الكبرى أن تتحمل مسؤولياتها بعقد مؤتمر دولي كبير وعاجل لإنقاذ الشرعية الدولية، وتطبيق قراراتها، وتحقيق سلام عادل قابل للحياة، وبالتالي اتخاذ إجراءات ضاغطة على اسرائيل، لتمتثل وتستجيب لإرادة المجتمع الدولي ومتطلبات تحقيق السلام وانهاء إحتلالها، وقيام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل 5 حزيران عام 1967 والقدس عاصمتها.

الشعب الفلسطيني المحب للسلام شجاع وقوي، وقادر على فرض المعادلات، لا يعنيه ما يقوله ترامب بل حقيقة ما يؤمن به هذا الشعب الصلب بأن كل فلسطين هي وطنه والقدس هي عاصمته، ولا يعترف بشرعية الإحتلال. الفلسطينيون يرفضون إعلان ترامب، ويحذرون من أي تغيير لطابع القدس العربي والإسلامي، ومن المساس بالمقدسات والمواقع التاريخية الإسلامية والمسيحية في القدس. لقد بدأنا نسمع أصواتاً مدوية تنادي بالعصيان المدني والمواجهة، واطلاق انتفاضة في وجه الإحتلال الإسرائيلي.

الناس رغم أنها تعلم بأن تفاهمات سرية قد جرت بين ترامب وقادة عرب قبل هذا الإعلان، إلاّ أنها تطالب بتنفيذ خطة فورية لمواجهة المؤامرة، ووقف ممارسة مزيدا من سياسيات التطهير العرقي بحق الفلسطينيين مسلمين ومسيحين، وبضرورة البدء ببرنامج يدعم الصمود والرباط الفلسطيني في القدس، يحول دون تهويد المدينة التي هي ملك لكل العرب والمسلمين بل وكل أحرار العالم. ويطالبون القمة الإسلامية الإستثنائية لدول منظمة المؤتمر الإسلامي يوم الأربعاء 13 كانون الأول في إسطنبول لرفض قرار "القدس عاصمة إسرائيل"، وضرورة اعلان القدس عاصمة فلسطين، وأن يدعمون فعلاً صمود الشعب الفلسطيني.

كما وندعو إلى انجاز المصالحة وترتيب المشهد الفلسطيني، والإعلان الرسمي عن انتهاء ما يسمى "عملية السلام" للخروج من نفق أوسلو اللعين، ورفع الحصار عن قطاع غزة، ووقف النتسيق الأمني، وتحرك سريع لا مشروط لبناء سياسة وموقف جماعي عربي اسلامي مسؤول لمواجة التحدي الإستراتيجي الذي يهدد القدس، ينسجم مع تطلعات الشعوب العربية والإسلامية، وبعيد عن الخلافات الطائفية والحزبية، تحرك قوي لنيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.. وخلاف ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الفجوة بين هذه الأنظمة وشعوبها، وأخشى من تداعيات ذلك مزيد من العنف، وربما يحدث تصفية لزعيم أو أكثر، فالأبواب باتت مشرعة لكل الإحتمالات.

بقلم المستشار نايف الهشلمون الأيوبي رئيس مركز الوطـن للإعلام والتنمية

شارك هذا الخبر!