الداخل المحتل/PNN- قدمت جمعية حقوقية إسرائيلية مناهضة للاحتلال شكوى أمام هيئة دولية ضد نقابة الأطباء الإسرائيلية بتهمة تجاهل منهجي للانتهاكات بحقّ الفلسطينيين في مجال الصحة، والتواطؤ بالتالي في جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد).
وتستند "أطباء لحقوق الإنسان" في شكواها إلى نقابة الأطباء العالمية إلى عشرات الحالات من انتهاك حقوق المرضى الفلسطينيين في الحصول على الرعاية الطبية، ما يتسبب بالأذى للطواقم الطبية الفلسطينية أثناء قيامها بواجبها، مشاركة الأطباء في التعذيب، تقديمها الغطاء الشرعي لإنشاء جامعة أريئيل. وتقول نقابة الأطباء في إسرائيل إن نقابة الأطباء الإسرائيليين لا تكتفي بعدم الوقوف جانبا بدلا من حماية حق الفلسطينيين في الصحة، بل إنها تتعاون مع المنظومات التي تنتهك الحق في الصحة، في تعارض مع الأخلاقيات الطبية”. وقد تم تقديم الشكوى بدعوى أن النقابة الإسرائيلية، رغم التزامها بمعايير حقوق الإنسان، وكرامته، والأخلاقيات الطبية، لدى نقابة الأطباء العالمية، بموجب عضويتها في الهيئة الدولية، إلا أن النقابة الإسرائيلية تتجاهل بصورة منهجية عشرات حالات انتهاك الحق في الصحة، وهي بذا تنتهك الأخلاقيات الطبية، بل وهي شريكة أيضا في جريمة الأبارتهايد.
نقابة الأطباء في إسرائيل متواطئة في الإخفاقات الأخلاقية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
أربعة انتهاكات مركزية
وقد فصّلت "أطباء لحقوق الإنسان" في شكواها أربعة مواضيع قامت فيها إسرائيل بانتهاك الحق في صحة الفلسطينيين، ودفعت قدما بـ اتجاه إنفاذ إجراءات في المجال الطبي، رسّخت نظام الأبارتهايد الذي تمارسه في المناطق المحتلة، وهو ما دفع جمعية أطباء لحقوق الإنسان إلى التوجه إلى نقابة الأطباء في إسرائيل على مدار أكثر من 30 عاما لمطالبتها باتخاذ موقف والعمل على وقف الممارسات المذكورة. وقد شملت المواضيع الأربعة المساس بـ الطواقم الطبية الفلسطينية أثناء المواجهات، المساس بقدرة المرضى الفلسطينيين على تلقي الرعاية الصحية، تقديم الغطاء الشرعي لإنشاء كلية الطب في جامعة أريئيل المقامة في مستوطنة، ودور الأطباء في عمليات التعذيب التي يمارسها جهاز الشاباك. وبحسب ادعاء الجمعية الحقوقية الإسرائيلية، فإن نقابة الأطباء في إسرائيل لم تأبه في غالبية الحالات بالرد على توجهاتها بل قامت في بعضها بتبرير السياسات الإسرائيلية. وقد كتبت الجمعية الحقوقية الإسرائيلية في التماسها للهيئة الدولية: “على أساس المعطيات الميدانية التي جمعناها، نستنتج بأن نقابة الأطباء في إسرائيل متواطئة في هذه الإخفاقات الأخلاقية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل وتقوم، في بعض الأحيان، بتقديم الدعم المكشوف لها. هكذا، على سبيل المثال، وردّا على معلومات تم تقديمها لنقابة الأطباء في إسرائيل بشأن قيام الشرطة الإسرائيلية باقتحام المستشفى الفرنسي في القدس أثناء جنازة مراسلة قناة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، رفض رئيس نقابة الأطباء الإسرائيلية، البروفيسور تسيون حجاي استنكار الحادثة، لا لشيء إلا لأن ما حصل في مستشفى فلسطيني. وتتابع الجمعية الحقوقية مشيرة لتهرب نقابة الأطباء الإسرائيلية" "نحن لا نريد، إن نقابتنا هي نقابة غير مسّيسة. نحن لا نتدخل في قضايا سياسية من هذا النوع"، حسبما كتب رئيس نقابة الأطباء الإسرائيلية".
رفض رئيس نقابة الأطباء استنكار قيام الشرطة الإسرائيلية باقتحام مستشفى أثناء جنازة أبو عاقلة، لا لشيء، إلا لأن ما حصل في مستشفى فلسطيني.
الجمعية الدولية لطب الأطفال
كما تؤكد جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان، في بيانها، أن نقابة الأطباء الإسرائيلية تجاهلت الشهادات التي عرضت عليها بشأن أطفال غزّيين يتم إخراجهم لتلقي العلاج من دون أولياء أمورهم. وتنتقد جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان قيام نقابة الأطباء الإسرائيلية بالإشادة بالنشاطات الإنسانية التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وعملها من أجل السلام، موجّهة أصابع الاتهام إلى سلطة حماس". وتقول جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان إنه، في مثال آخر، قام الرئيس السابق للنقابة الإسرائييلة، البروفيسور يورام بلسار، بالتعبير عن موقف أكثر تشددا من موقف المحكمة الإسرائيلية العليا الذي أصدر قرارا مضادا لاستخدام أساليب التعذيب، حيث دعا البروفيسور إلى وضع “الظروف الخاصة” قيد الاعتبار أثناء البتّ في مسألة استنكار التعذيب".
ممارسات جنوب إفريقيا العنصرية
وتشير "أطباء لحقوق الإنسان" في شكواها إلى سمات مماثلة بين انعدام كفاءة النظام الصحي الإسرائيلي ونقابة الأطباء الإسرائيليين في حماية حق الفلسطينيين في الصحة، وبين موقف كل من الجهاز الصحي ونقابة الأطباء في جنوب إفريقيا التاريخية إبّان فترة الأبارتهايد، من حيث حماية المرضى السود. وتابعت جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان” الإسرائيلية في بيانها:"تشمل هذه السمات فرض قيود على تلقي الرعاية الصحية، الإقصاء البنيوي والمقصود لفئة سكانية مهمشة من الجهاز الصحي، وهو ما يخلق فجوات في مجالات الخدمات الصحية، إلى جانب انتهاك مدونة الأخلاق بسبب اتباع الأطباء لتوجيهات مبنية على الإقصاء، على حساب التزامهم بالممارسة الطبية القائمة على المساواة”.
سمات مماثلة بين انعدام كفاءة النظام الصحي ونقابة الأطباء في حماية حق الفلسطينيين في الصحة، وبين موقف كل من الجهاز الصحي ونقابة الأطباء في جنوب إفريقيا التاريخية، من حيث حماية المرضى السود.
تقاعس متعمد وتوضح "أطباء لحقوق الإنسان” في شكواها أن دور النقابة الطبية المحلية يتمثل في الدعوة إلى حماية الحق في الصحة في مكان عملها. وقد جاء في رسالة أطباء لحقوق الإنسان: "هنالك أدلة موثوقة من جانب هيئات محلية ودولية تثبت بأن نقابة الأطباء في إسرائيل قد تقاعست مرارا وتكرارا في أداء واجبها المتمثل في حماية حق الفلسطينيين في الصحة، في ظل العدوان الإسرائيلي".
وتدعو "أطباء لحقوق الإنسان” في شكواها المقدمة لنقابة الأطباء العالمية لاتخاذ إجراءات هادفة لضمان التزام نقابة الأطباء الإسرائيلية، العضوة في النقابة العالمية، بالقيم والمبادئ التي حددها المجتمع الطبي الدولي. وقد وقّع على الشكوى أعضاء طاقم من الأطباء هم أعضاء الهيئة الإدارية، ورئيس جمعية أطباء لحقوق الإنسان، وهم جميعاً أعضاء في نقابة الأطباء الإسرائيلية.
شاليف: هنالك أمثلة من العالم، كما هو الحال في تركيا مثلاً، تقف فيها نقابة الأطباء المحلية في طليعة جبهة النضال ضد خرق حقوق الإنسان. نحن لا نسمع صوت نقابة الأطباء في إسرائيل، بالمطلق تقريباً.
من جهته، يقول جاي شاليف، المدير العام لـ "جمعية أطباء لحقوق الإنسان" في هذا المضمار: "لقد التجأنا إلى النقابة الطبية العالمية لكي نتقصى موقفها بشأن النقابة المحلية، الشريكة في خروقات في منتهى الخطورة". "هنالك أمثلة من العالم، كما هو الحال في تركيا مثلا، تقف فيها نقابة الأطباء المحلية في طليعة جبهة النضال ضد خرق حقوق الإنسان. نحن لا نسمع، للأسف الشديد، صوت نقابة الأطباء في إسرائيل، بالمطلق تقريبا، حيث لا تقوم النقابة بفعل أي شيء بشأن جرائم الاحتلال، والأبارتهايد التي تتواصل منذ عشرات السنوات".